علي ثابت التأمي
المبدعون في بلادي يعزفون على أوتار المآسي
من حال معتاد فيه الضيم ومباحا فيه الظلم، إلى حال استوحشت فيه الأنفس البشرية وتاهت دروب العدالة.
إن القصة التي نكتبها ليست من وحي الخيال، أو مستوحاة من عالم التأويل، بل إنها واقعية المعيشة ومتجذرة الحقيقة لنمط العيش في بلادنا!.
فهكذا يساد العرف المعيشي في وطن النكبات، فحين يبحر الشعراء والكتاب في العالم، تكون مجاديفهم مطالة بروح التفائل مفعمة بنور الأمل، لإنهم سيصلوا إلى شاطئ جميلاً فيه تحقيق المراد ونيل المطالب، فيعبّروا عن ذلك بأجمل الصور والتشبيهات!.
أمّا في بلادي، فإن الشعراء والمبدعين يبحروا في أمواج متلاطمة شديدة الهيجان فيتجلى إبداعهم بصور حزينة، يعبّروا فيها عن وعرة الطريق وظلام الموت المحاط بهم وأعجوبة النجاة للوصول إلى الشاطئ الموحش.
وبعضهم يكتب بدمع الحزن عن كيف خطفت الأمواج أعز الأصحاب وأنبل الرفاق !؟.
أمّا الوصول إلى الشاطئ، فهو بداية لمغامرة أخرى يكتب إبداعها من بين أزيز الطائرات وأصوات المدافع وأساليب التهميش الذي يطالهم، لتزنبق القنابل بين كلماتهم ويتصدر اليأس عنواين كتاباتهم وقصائدهم فيصدحوا بأصواتهم المبحوحة وكلماتهم المبكية: (غرباء منفيون في الأوطان، ما أقسى التغرب في الوطن!).
أمّا الذي غادر البلاد فقد حمل معه هم الوطن والغربة عنه، تاركا حلمه في وطن تعبث به رياح الأزمات وتحرقه نيران الغباء والتفرقة.