عبدالواسع الفاتكي
الهدن الأممية في اليمن بين التواطؤ والتمالؤ
ستمدد الهدنة بين السلطة الشرعية اليمنية والمليشيات الحوثية ، وستوافق الشرعية عليها ، ستمتنع المليشيات الحوثية في البداية عن الموافقة عليها ، وقد عبرت عن ذلك في تصريحات لها عقب انتهاء القمة العربية الأمريكية في مدينة جدة في السعودية ، بالطبع سيكن موقف المبعوث الأممي لليمن تقديم محفزات جديدة للمليشيات الحوثية ؛ يهدف من خلالها منحها مزيدا من المكاسب الاقتصادية والسياسية ، متجاهلا تنصل المليشيات الحوثية من تنفيذ ما التزمت به .
المبعوث الأممي يفصح عن إمكانية توسيع وجهات الرحلات من وإلى مطار صنعاء؛ أي تطبيع علاقات المليشيات الحوثية مع كثير من الدول، وتجديد شرعية الجوازات التي تصدرها ، سترفض مليشيات الحوثيين هذه المكافأة ، الأمر الذي سيجعل هانس جرودينبيرج يقدم لها مكافاة أخرى ، تتمثل بتوسيع دخول سفن الوقود لميناء الحديدة .
أمام دعم وتواطؤ المبعوث الأممي للمليشيات الحوثية ، وتبنيه وجهة نظرها بلباس إنساني ، وبقناع تخفيف معاناة المدنيين ، وأمام تساهل الشرعية اليمنية باستجابتها لمقترحات المبعوث الأممي والأمريكي، دون أي تحفظات أو ممانعة ، لن تستجيب المليشيات الحوثية لفتح طرق تعز كما نصت عليه بنود الهدنة أو مقترحات المبعوث الأممي ، التي رفضتها المليشيات الحوثية ؛ فقابل هانس جودينبيرج هذا الرفض بالتعبير عن أسفه وأمله في أن تعدل المليشيات الحوثية عن موقفها !
ستحقق المليشيات مكاسبا كثيرة اقتصادية وسياسية وعسكرية ، ولن تنفذ أي من التزاماتها المنصوصة في الهدنة ، وفي أحسن الأحوال ستفتح طريق أو طريقين من الطرق التي اقترحتها في محافظة تعز، مع استمرارها في قصف المدينة وقنص المدنيين ، وتصاعد وتيرة هجماتها على مواقع الجيش الوطني .
نحن أمام مشهد تسليم اليمن بالتقسيط المريح للمليشيات ، بدعم دولي وبرعاية أممية ، أما الهدن الأممية في اليمن فإنها تذهب بعيدا عن مصالح اليمنيين، ومعاناتهم من الحرب ونتائجها وتداعياتها ؛ لتلبي أهداف واشنطن، وتراعي مصالح حلفائها في المنطقة دون أدنى اكتراث لما تقترفه المليشيات الحوثية من انتهاكات جسيمة بحق الشعب اليمني ، هي بالنسبة للمبعوث الأممي والمبعوث الأمريكي وبلاده والمجتمع الدولي ككل ، لا تستحق الالتفات لها فضلا عن شجبها أو التنديد بها ، كحد أدنى يغطي تمالؤهم مع المليشيات الحوثية