د. وليد ناصر الماس
الطريق إلى صنعاء!!..
تشكيل مجلس قيادة رئاسي للبلاد مثل بارقة أمل للمواطنين في هذا البلد، لما يعنيه هذا الإعلان من الشروع في طي مرحلة زمنية معتمة عانى السكان خلالها ظروف معيشية وأمنية بالغة السوء، وشهدت اقتتال أهلي شرس بين مختلف الفصائل المكونة للشرعية، قبل اتفاق الرياض وبعد الاتفاق الذي لم يُنفذ منه إلا القليل، ولم نلمح مؤشرات عن إمكانية استكمال ما تبقى من التنفيذ.
يشير هذا الإعلان بما يشهده من تقارب واضح بين مختلف القوئ والمكونات المناوئة للحوثيين، إلى مرحلة جديدة تحمل المزيد من التحالفات والتكتلات بين تلك القوى رغم تباين توجهاتها ومشاريعها، غير أنها اختارت تأجيل خلافاتها إلى ما بعد استعادة الشرعية المفقودة وإيصالها صنعاء طوعا أو كرها.
يمثل الإعلان الرئاسي نجاح دبلوماسي سعودي يمكن وصفه بالنادر، وذاك لندرة المساعي السعودي الناجحة على مضمار جمع الفرقاء الحلفاء على كلمة سواء منذ تدخلها العسكري في هذا البلد قبل سنوات سبع، فقد شهدت هذه السنوات تشرذم كبير لهذه القوى وصل الأمر بها إلى حد التناحر، ووضع مشروع المواجهة مع الحوثيين على المحك.
كما بهذا الإعلان أمكن احتواء جميع القوى السياسية الحية والفاعلة في الساحة المحلية، وجعل لها التمثيل اللائق بحجمها، إذ لا يمكن عد هذا الأمر مجرد تشكيل قيادة جديدة للبلد فحسب، بل يمثل أحد أوجه المصالحة المطلوبة.
نتمنى ان تستمر الجهود الإصلاحية للمملكة بهذه الوتيرة في رعاية التشكيل الفتي، وإزاحة مجمل العوائق والعقبات من طريقه، بما يضمن نجاح المرحلة المقبلة في السلم والحرب، والتي نتمنى عليها أولا تطبيع الأوضاع المعيشية والأمنية في المحافظات الخارجة عن نفوذ الحوثيين، وإصلاح ما خلفته سنوات الفرقة والشقاق من تشوه ومعاناة، ومشاعر سلبية جراء غياب ملامح الدولة المؤسسية، وتسيد ثقافة الغاب، وانتشار الفوضى، إذ يحدونا الأمل إن نرى استقرارا نسبيا على مجمل الأصعدة، وذلك قبيل الحديث عن الحرب والمواجهة مع الحوثيين التي نتوقع جولة جديدة منها، وذلك في ضوء مؤشرات عدم التوصل إلى صيغة تفاهم مشتركة معهم لتثبيت استمرار الهدنة المعلنة وإنهاء القتال بشكل دائم.
مواجهة تُدق طبولها من عدن، إذ سبق وإن أشار إليها عدد من أعضاء المجلس الرئاسي، ومنهم السيد عيدروس الزبيدي نائب الرئيس الذي بشر بذلك.
نرجو من الله تعالى ان تكون المعركة القادمة معركة موحدة وخاطفة وأقل كلفة مما سبقها من معارك، فكما كان الطريق إلى الحديدة شاقا ووعرا، فلن يكون الطريق إلى صنعاء معبدا وسالكا.