روعة جمال

الإخوان وتضليل الشعوب: مفارقات سياسية بين سوريا والجنوب

وكالة أنباء حضرموت

في الآونة الأخيرة، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي مقارنات ومفارقات بين القائد الجنوبي عيدروس الزبيدي وقائد ما يُسمى "أحرار الشام" أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع). رأيت البعض يتناول هذا الموضوع بسطحية وظلم كبير لكلا القائدين وللشعبين اللذين يمثلانهما. لذا، وجدت من الضروري توضيح بعض الحقائق.

بين عيدروس الزبيدي وأحمد الشرع

  • عيدروس الزبيدي، رجل جنوبي يحمل اسمًا واحدًا فقط، لم يتنقل بين الأسماء أو الهويات.
  • أحمد الشرع، عاش خارج سوريا وحمل أكثر من اسم، فهو يُعرف أيضًا باسم أبو محمد الجولاني.

الهدف والانتماء

  • الزبيدي حمل السلاح منذ البداية بهدف واحد، وهو تحرير الجنوب، ولم ينضوِ تحت أي مسميات أو تنظيمات أخرى. ظل انتماؤه للوطن، وقاتل تحت راية الجنوب فقط. وبعد التحرير، واصل دعمه للتحالف العربي وانخرط في المفاوضات لتحقيق النصر وفك الارتباط، ولا يزال حتى اليوم ممسكًا بالزناد بيد، وبيد أخرى يمدها للسلام.
  • الشرع خاض معارك تحت رايات متعددة، وانضم لتنظيمات مختلفة، بدءًا من داعش ثم القاعدة ثم جبهة النصرة. كما سُجن بتهمة الإرهاب في العراق ضمن معتقلي سجن بوكا الأمريكي، ورُصدت مكافأة أميركية بقيمة 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه. ومع ذلك، وجد نفسه لاحقًا في قيادة فصيل سوري دون تفسير واضح.

التعامل مع الخصوم

  • الزبيدي، منذ انخراطه في مسار الحوار والسلام، لم يسعَ للانتقام أو القصاص، ولم يُعد قائمة بالمجرمين الذين قتلوا الجنوبيين، رغم استمرار بعضهم في الإجرام حتى اليوم. لقد اتخذ نهجًا متسامحًا مستلهمًا أخلاق النبي حين فتح مكة.
  • الشرع، بمجرد أن استلم زمام الأمور، أعد قائمة بمن اعتبرهم مجرمين وطالب بالقبض عليهم، في مشهد مشابه لما فعله إرهابيو القاعدة في شمال اليمن عندما أصدروا قوائم اغتيالات لضباط أمن سياسي من أبناء أبين، رغم أن كثيرًا منهم لم تكن لهم علاقة بالإجرام أو التعذيب.

العلاقات والتحالفات

  • الزبيدي، عند إعلانه الكيان الجنوبي، حرص على أن يكون قريبًا من الجميع وعلى مسافة واحدة من مختلف الأطراف. لم ينحَز لأي طرف على حساب آخر، بل جعل استعادة الدولة هدفه الأول، وبنى علاقات متوازنة مع الإمارات والسعودية، متخذًا موقفًا سياسيًا حكيمًا يُراعي مصالح الجنوب.
  • الشرع، سلك مسارًا مشابهًا، محاولًا بناء علاقات متوازنة تخدم سوريا رغم خلافاته مع إيران وروسيا، إلا أنه حافظ على المصالح العليا للدولة وفق منظور مختلف.

مقارنة بين الشعب الجنوبي والشعب السوري

الشعب السوري

  • عانى وواجه مصاعب هائلة، من القتل والتشريد، ولم يحصل على التحرير بين ليلة وضحاها.
  • عندما أُعلن تحرير الشام، كان الأمر مفاجئًا، لكن الشعب دعمه ووقف معه رغم الاتهامات التي وُجّهت لقائده بأنه كان سابقًا في داعش والقاعدة.
  • لم ينشغل السوريون بالماضي، بل ركزوا على المستقبل، ودعموا قادتهم رغم علاقتهم بتركيا وروسيا، إدراكًا لأهمية المصالح الوطنية على حساب الانقسامات.

الشعب الجنوبي

  • بعد معركة التحرير، ظن أنه نال الاستقلال، ولم يدرك أن فك الارتباط يحتاج لصبر وعمل سياسي طويل.
  • بدلًا من الثقة بقياداته التي تخوض معركة دبلوماسية معقدة، انجرف البعض خلف شائعات الأعداء، متهمين القادة بالخيانة وبيع الجنوب وسقطرى والميناء، وهي اتهامات واهية لا تستند إلى منطق.
  • لم يدرك البعض أن الدول التي تدعم الجنوب بالسلاح والتدريب والمشاريع ليست دولة احتلال، وإنما شريك استراتيجي، بينما أعداء الجنوب يستخدمون الحرب النفسية لإثارة الشكوك والانقسامات.

مفارقات إخوانية شيطانية

  • تركيا في سوريا ليست احتلالًا، ولكن الإمارات في الجنوب احتلال!
  • روسيا في سوريا تُغفر لها الجرائم، ولكن الإمارات يجب محاربتها لأنها أوقفت جيش مأرب الذي كان يستهدف أبناء عدن!
  • إيران يُحافظون على مصالحها رغم الجرائم، ولكن الإمارات والسعودية تُتهمان بالاحتلال!
  • الجولاني يصادق روسيا وتركيا، ويتجاهل الاحتلال الإسرائيلي للقنيطرة لأنه "رجل دولة"، بينما عيدروس يُتهم ببيع سقطرى والميناء ودم الشهداء لأن الإخوان المفلسين قالوا ذلك!

الخلاصة
إن إدراك المصالح الوطنية والتعامل بحكمة مع المعادلات الإقليمية هو ما يصنع الفارق بين الشعوب. في الجنوب، لدينا قائد حكيم وسياسي بارع، لكننا بحاجة إلى وعي جماهيري يدرك تعقيدات الواقع، ويفرق بين العدو والصديق، بدلًا من الانجرار خلف الشائعات والأكاذيب التي يروجها أعداء الجنوب.

مقالات الكاتب