طه منصر
باني الويل رد البطانه ظهارة
مايمر به اليمن اليوم والجنوب على وجه الخصوص من حروب سياسية وإقتصادية وإستنزاف مستمر لطاقة الإنسان الحياتية والمعيشية ماهو إلا مؤشر خطير لدخول البلد في فوضى كبيرة لايُحمد عقباها.
ما أريد قوله في حديثي هذا أن هناك من لايفرق بين ثائر ونائم وبين مناضل وسافل أو بين خبير ومغفل وبين طلوع ونزول وهكذا !
إن الحركة الوطنية الجنوبية(ثورة الحراك الجنوبي) والتي بدأت في العام ٢٠٠٧م لم تقم من فراغ بل قامت بسبب الممارسات التعسفيه التي إنتهجتها المنظومة السياسية في صنعاء ضد الجنوبيين عسكريين ومدنيين بعدما طردتهم من مناصبهم وحالت كثيرين إلى التقاعد القسري وظلمتهم في حقوقهم لسنوات منذ بعد حرب صيف ١٩٩٤م.
فخلال الثورة الجنوبية والتي قتل فيها من قتل وأسر فيها من أسر لم يلاقي الجنوب وشعبه سوى العذاب والفوضى وكان لتلك التضحيات الجسيمة صدى واسع محلياً وخارجياً لكن الوضع المعيشي والحقوقي في البلد ظل كما هو لم يتغير واصبح شعب الجنوب هو من يدفع الفاتورة حتى اليوم.
وفي العام ٢٠١٥م بدأ الكفاح المسلح عند إنطلاق عاصفة الحزم لدول التحالف العربي والتي نشبت خلالها الحرب بين الجنوبيين والحوثيين وقدمت مدن الجنوب والمسماه اليوم بالمحررة آلاف من الشهداء والجرحى ولازالت المعارك مستمرة في عدد من الجبهات على الشريط الحدودي ودخلت البلد بعدها بحرب سياسية وإقتصادية أنهكت المواطن وعاثت في أرض الجنوب فساداً.
طبعاً بعد تأسيس المجلس الإنتقالي الجنوبي في مايو ٢٠١٧م والذي تم تأييده من جماهير الجنوب عبر مليونيات! أتضح ان المجلس ليس لديه رؤية واضحه وبرنامج سياسي مبني على الدولة الجنوبية التي دخلت بوحدة إندماجيه في عام ١٩٩٠م بإسم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بشراكة مع الجمهورية العربية اليمنية وأنتهت في العام ١٩٩٤م بعد إعلان الحرب على الجنوب في ٢٧ ابريل وإجتياحه بشتى أنواع السلاح وقتل أبنائه ونهب ممتلكاته العامة والخاصة وأكتفى برنامجه بالتمسك بدولة الجنوب العربي وبحمل علم جمهورية اليمن الديمقراطية وهذا تناقض سياسي واضح"
كذلك كان لدولة اليمن الديمقراطية نشيد وطني الى جانب العلم الوطني والعملة وغيرها من رموز هوية الدولة" بالنسبة للجنوب العربي هي هوية نفتخر بها ولكن لم يكُن لها مقعداً في الأمم المتحدة والجامعة العربية "ولا مفر من الحقيقة فجمهورية اليمن الديمقراطية هي الدولة التي عشنا تحت ظلها منذ بعد الإستقلال بقليل وحتى عام ٩٠م ودخلت بشراكة بهذا الأسم وانسحبت بنفس التسمية بعد شن الحرب عليها وإعلان فك الإرتباط من قبل ممثل تلك الدولة إلى الوحدة اليمنية وهو السيد علي سالم البيض الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني ونائب الرئيس اليمني السابق.
طيب نأتي إلى قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم ٩٣١ و ٩٢٤ والتي نصت على الوقف الفوري لإطلاق النار والتي تعتبر إعتراف رسمي بأن الجنوب أُحتل بقوة السلاح في العام ١٩٩٤م بعد مواجهته لحرب دموية إستمرت ألف ساعة وتم بعدها نهب ممتلكاته العامة والخاصة والتي لازالت أثارها مدماه حتى اليوم،
لكننا لم نرى لتلك القرارات أي أثر في مباحثات ومناظرات المجلس الإنتقالي الجنوبي في أروقة السياسة العميقة خصوصا بعدما أصبح شريك رسمي في السلطة والحكومة اليمنية الحالية والتي أدخلت الجنوب وشعبه في نفق مظلم وخنقه بشتى خدمات الحياة"وأكتفى بالشعارات الزائفه!!!
نحن لسنا ضد الشراكة في السلطة والثروة التي دخل فيها المجلس الإنتقالي عبر قرارات المبادرة الخليجية لكن السؤال الذي يطرح نفسه "أين هي السلطة والثروة التي لم يجدها الشعب في الجنوب والذي بات جزء من الناس يأكلون من براميل الزباله وجزء منهم متسول وجزء بدون أعمال وخريجين بدون وظائف وإنعدام كثير من خدمات البنى التحتية" لهذا إجعلوا التاريخ يتحدث عنكم فيما بعد فالبلد ممتلئ بالكفاءات ومانريده هو قيادة من أجل الجنوب وليس جنوب من أجل القيادة..فإذا نمت الجذور بشكل جيد أكيد ستكون الشجرة مثمرة والكلام واضح ياساده' فالمرحلة تتطلب تظافر الجهود وإثبات الوجود قبل الحدود وكل شيئ سيأتي بصدق الوعود.
أخيراً لن ننسى المواقف النبيلة والشجاعة للأشقاء في مجلس التعاون الخليجي وقيادة التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية الشقيقة والذين قدموا للجنوب كثير من الدعم منذ إندلاع عاصفة الحزم في مارس ٢٠١٥م'من سلاح ومال وغذاء ومايريدوه هو أن يكون لديهم حليف إستراتيجي قوي صارم وليس ضعيف يرضخ لأي إملاءات وليس العكس كما يظن البعض! فتطور الصراعات الداخلية والتسابق على المناصب الزائلة والتي يبنون خلالها أنفسهم وذويهم بالمال والسلاح والأرآضي السكنية والزراعية وكثير من مباني الدولة التي حولوها إلى مساكن وأصبح الوطن لاشيئ بالنسبة لهم إلا العشر من عشرة من المناضلين الأبطال ممن جسدوا المحبة الحقيقية للوطن وآثروه على أنفسهم وأولادهم.
كذلك الأموال التي تنفق للمطبلين والمزمرين من سياسيين وإعلاميين ونشطاء وما أكثرهم على منصات التواصل الإجتماعي ومواقع وقنوات وصحف إخبارية" كل هذا لايخدم القضية المحورية بل يجعلها تعيش في الوهم والدمار"
وكما قال المثل الشعبي (باني الويل رد البطانة ظهارة) اي أن البناء السيئ لا يُميز بين أحجار الظهارة المستوية وأحجار البطانة الأقل إستواء.فقد إختلطت الأمور والمقاييس حيث لاتميز للغث من السمين وأنقلب عاليها سافلها" وهذه أبيات شعرية عن الواقع اليوم للشاعر الشعبي شايف محمد الخالدي طيب الله ثراه قال فيها :(قالت العفو ياسادة عثر بي حماري × ماظلمني أبي أو حد زقرني زقاره.
والغلط ذي هدم ركني وخالف حجاري × باني الويل ذي رد البطانة ظهارة)