ماجد الداعري
شلال شائع كما عرفته لأول وآخر مرة!
في منطقة العسكرية بلحج تعرفت لأول وآخر مرة، على اللواء شلال علي شائع، قائد جهاز مكافحة الإرهاب، في مساحة مفتوحة أمام منزل اللواء محمد صالح طماح، رحمة الله تغشاه عشية مهرجان جماهيري واسع للحراك الجنوبي بتلك المنطقة منتصف عام ٢٠٠٧ تقريبا..
لم أكن أعرف شلال شخصيا أو سبق أن التقيته وقابلته قبلها ولآ بعدها .. ولذلك سأسرد لكم تفاصيل لقائي الوحيد فيه، بعدما بتنا ليلتها هناك في العراء مع المئات من المشاركين في ذلك المهرجان الجماهيري الحاشد، حيث تفاجأت بشخص بسيط جدا أشعث أغبر يحمل سلاح كلاشينكوف أبوعطفه يفترش بجواري كرتون سيجار بالمال ويتوسد جاكيت صوف خلعه من على ظهره واكتفى بتغطية وجهه بشال اوغترة حمراء، بينما كان يلبس أحذية عسكرية بيضاء تسمى بيادة عسكرية إضافة لبنطلون لون صاعقة وشيمز وجرمة في حالة يرثى لهآ، كما هو حالنا جميعا يومها.. بل وأفضل من غالبية المتوافدين إلى المكان من مختلف مناطق مثلث جنوب الدم للمشاركة صباحا في ذلك المهرجان الذي إنتهى بتظاهرة حاشدة طالبت بالإفراج عن أسرى الحراك الجنوبي والتنديد باستهداف الناشطين وقصف البيوت في ردفان والضالع يومها،
وكان الداعم الاول والمنظم لتلك الفعالية والمنزل الذي احتضن قياداتها يومها، هو اللواء الشهيد الراحل محمد صالح طماح رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الذي استهدف بمسيرة حوثية رحمه في حفل بقاعدة العند، رحمة الله تغشاه.
والمهم أن اللواء شلال ابوشائع تحدث لي ليلتها بتفاصيل كثيرة مازلت اتذكر كثير منها عن حياته الشخصية ودراساته بعدن وكيفية دخوله الى الكلية العسكرية وابرز زملائه وأصدقائه من قيادات الحراك الجنوبي يومها، بعد ما تفاجأ بأني صحفي من جحاف الضالع ولا اعرف عنه شيئا.. ولا عن تاريخه النضالي المستمد جذوره من موقف والده الوزير الجنوبي السابق الذي استشهد في مذبحة ١٣ يناير المشؤومة ١٩٨٦م وكان من أبرز شخصيات الدولة الجنوبية المغدورة بوحدة الحرب والضم والالحاق..
أخبرني اللواء شلال أيضا أنه واجه تحديات كثيرة في حياته بعد اغتيال والده وتحمل مسؤولية أسرته وهو مازال صغيرا في السن وتحمل مسؤولية كبيرة فوق سنه وحدود عقله وكان حريصا على مواجهة كل التحديات والاستمرار في الدراسة والتعليم وصولا إلى تلك الفترة التي أكد لي بأن النظام السابق لعلي عبدالله صالح عرض عليه يومها وأسوة بأولاد قادة جنوبيين زملاء لوالده، أكثر من منصب، أتذكر منها وكيل لمحافظة الضالع ومدير لمديرية التواهي ولكنه رفض كل هذه العروض وغيرها لأنه متمسك بمطالبته في استعادة استقلال دولة جنوبية.
واتذكر جيدا أنها قالها بحماس وهو جالس على الأرض مع ضربه بيده اليمين على مخزن سلاحه بكل تفاعل مع حديثه المتواضع جدآ يومها عن بعض محطات حياته المليئة بمواقف وتحديات كثيرة جديرة بالتوقف ولم يتم التطرق الاعلامي إليها ومنها تعرضه لأكثر من محاولة اغتيال إبان النظام السابق وإطلاق نار وملاحقات أمنية وغيرها..
بعدها استأذنته بالذهاب لبقالة كانت في المنطقة لشراء ماء قبل الخلود للنوم والاستعداد ليوم جنوبي حافل بالأجواء الثورية الحارة..
فطلب مني ان حضر له قنينة ماء وفعلت وأحضرت له قنينة شملان ارتشف نصفها على نفس واحد واكتفى بشكري على جميل صنيعي معه..حيث لا رفيق حوله يومها اطلاقا كما هو حاله الآن بل أن ظروفه المادية كآنت صعبة جدآ ويعتمد كغيره من قادة الحراك على دعم مالي شحيح جدآ من المغتربين الجنوبيين للتنقل وتغذية متواضعة جدآ أحيانا..
ثم سألني بعدها - وهو يهم بوضع رأسه على جاكته وبعض الكراتين كمخدة للنوم - عما أعرفه من برنامج المهرجان ومن سيلقون خطابات فيه صباحا..؟
وأخبرته بأني لا أعرف شيئا ولم أتمكن مثله من الوصول إلى منزل طماح حيث القيادات التي كانت تعد للمهرجان
ثم ذهبنا بعدها معا في نوم عميق من شدة الإرهاق والتعب، حتى أفقنا على هدير الجماهير وهي تتوافد على المكان من الساعات الأولى لذلك اليوم الجنوبي المشهود..
وافترقنا من بعدها، وذهب كل منا في سبيله ولم أره بعدها وجها لوجه حتى اليوم..
ولكن للأمانة لم أطلب ذلك أو أفكر في زيارته أوالسلام عليه خلال هذه الفترة كلها لقناعتي بعدم وجود أي حاجة له
ولا لي أيضا بذلك..
ولتقديري بانشغاله ثانيا
وعدم وجود اي أهمية لشخصي بالنسبة له حتى أبحث عن زيارته أو أسعى للقاء به والسلام عليه كغيري، رغم إمكانية وصولي إليه بسهولة لعدم اساءتي إليه اطلاقا واحترامي لشخصه وتقديري لكل جهوده الأمنية في تطهير عدن وتأمينها من جماعات الموت ومواجهته كمدير للأمن للكثير من المخاطر والتحديات في سبيل تطبيع الأمن والاستقرار في عدن كحقائق لا ينكرها إلا جاحد أو حاقد عليه وبغض النظر عن السلبيات والاخفاقات والأخطاء الواردة ولآ أظنه ينكرها بنفسه.
وأعرف أن هناك من قد يستغرب من حقيقة عدم سعيي لمقابلته طيلة هذه الفترة وخلال توليه إدارة أمن عدن وتسابق الكثير للقاء والتقاط الصور معه.. لكني اقسم بالله أنها الحقيقة وأتحدى أي مخلوق يقول أنه قد راني معه أو في بيته او مكتبه طيلة هذه الفترة المذكورة من مرحلة انتعاشه وتغير كل ظروفه حياته، وربنا يحفظه ويزيده خيرا ومكانة وانتعاشا..