محمد الجنيدي
على خلفية احتجاز طائرات اليمنية .. هل تدرك صنعاء المأزق الذي حشرت نفسها فيه ؟
في واقعة غريبة وعجيبة، أقدمت سلطة الانقلاب الحوثية على احتجاز 4 طائرات مدنية تابعة لشركة طيران اليمنية في مطار صنعاء، وجاءت الخطوة بعد جهود كبيرة من السلطات الشرعية وأجهزتها التنفيذية دفعت نحو فتح مسار للرحلات الجوية من صنعاء إلى جدة في المملكة لإفساح المجال أمام الآلاف لزيارة بيت الله الحرام، وأداء مناسك الحج كواجب ديني، وإنساني، وأخلاقي.
كان من البديهي أن تقابل سلطة المليشات الانقلابية خطوة فتح مسار جوي لرحلات الحجاج من صنعاء لجدة، خاصة والحديث يدور عن مشاركة وفد المليشيات في جولة مباحثات بشان الأوضاع الانسانية والاقتصادية برعاية سعودية وعمانية، تحتضنها العاصمة مسقط الأحد المقبل، بمزيد من الإشارات الإيجابية، ولكنها لم تفعل، بل وكانها بتلك الخطوات تطلق رصاصة الرحمة على تلك المباحات وتعلن فشلها قبل أن تبدأ.
آثرت المليشيات الانقلابية الاستمرار والإصرار في أساليبها الهنجهية، واستمرار ممارساتها في إدارة المناطق الواقعة تحت سيطرتها بطرق العصابات، والذي يتجلى بوضوح من خلال بيان وزارة النقل التابعة لسلطتها والذي، هدفت من خلاله تضليل الرأي العام والإيحاء إلى حضور تلك الوزارة، علما أن أي متابع مطلع سيقابل محتوى ذلك البيان والبروباجندة التي لاتمت للواقع بصلة ويغرد اصحابها خارج السرب بالسخرية.
المأزق التي حشرت المليشات نفسها فيه
ينبغي لكل قارئ لكي يفسر ويفهم ما يمكن أن تنتجه خطوات المليشيات غير المحسوبة والمدروسة، أن ينظر الى ما ستخلفه من تداعيات وآثار من بقاء 4 طائرات محتجزة، وأولها الوقف التام لأي رحلات عبر مطار صنعاء ومنها المسار الجوي بين صنعاء وعمان بالاردن، ما سيؤدي لخلق مأساة إنسانية لالاف المسافرين المستفيدين وطالبي العلاج في مناطق سيطرة المليشيات.
كما سيؤدي احتجاز 4 طائرات من أصل 7 طائرات، يتكون منها أسطول طيران اليمنية إلى عدم قدرة الشركة على تغطية واستيعاب حركة المسافرين من كل مناطق البلاد بدون استثناء، سواءً المسافرين من المناطق الواقعة تحت سيطرة السلطة الشرعية وكذا سلطة المليشيات، حيث سيتضرر أكثر من نصف المستفدين، وستؤدي خطوة المليشيات الى تعميق وترسيخ حالة الانقسام والتمييز وتجسيدها في أبلغ صورها.
شركة طيران اليمنية التي نقلت مقرها الرئيسي إلى عدن بعد انقلاب الحوثي والسيطرة على صنعاء، سعت بكل جهد لتغطية طلبات السفر لكل اليمنيين واجتهدت بتعزيز أسطولها وشراء 5 طائرات إضافية، تعاملت بكل مسؤولية وحرصت على تلبية كافة الفرص لطالبي السفر في المناطق الشمالية وفتحت مطارات عدن والمكلا وسيئون لاستقبال المسافرين بعد أن رفضت مطارات العالم التعامل مع الرحلات من مطار صنعاء كونه واقع تحت سلطة انقلابية غير معترف بها أقليميا ودوليا، فهل تدرك مليشيات الحوثي ما سيخلفه استمرار احتجاز 4 طائرات؟
ستجد شركة طيران اليمنية نفسها مضطره في حال استمرار احتجاز طائراتها، الى اعادة النظر في إدارة جداول الرحلات وستعمد بصورة بديهية إلى تغطية طلبات السفر للمستفيدين في مناطق سيطرة الشرعية وإعطائهم الأولوية للسفر بعد أن تقلصت قدرتها الاستيعابية لخروج 4 طائرات عن الخدمة، في المقابل سيتعذر عليها تلبية طلبات المسافرين في المناطق الواقعة تحت سيطرة المليشيات وهم يشكلون الكتلة البشرية الأكبر ونحو 70 ٪ من المواطنين المستفدين، فإن كانت شركة طيران اليمنية مضطرة ومعذورة كل العذر على ما قد تتخذه من إجراءات، فهل تدرك تلك المليشيات حجم المأساة والكارثة الإنسانية العظيمة التي ستخلفها للمواطنين في مناطقها، وهي التي تتباكى كذبا، وتندد زورا بالحصار؟!