عبدالجبار باجبير
قراءة عن ما جاء في بيان حلف قبائل حضرموت وردود الأفعال
بصفتي صحفي #حضرمي ومهتم ومطّلع بشأن #حضرموت وأحداثها بدرجة أساسية، أحببت أن اُطلِع الجميع على قراءتي الخاصة عن ما جاء في بيان رئاسة #حلف_قبائل_حضرموت الذي صدر يوم الأحد الماضي 29 أكتوبر 2023م بمدينة #المكلا وردود الأفعال المؤيدة والمعارضة.
أتحدث هنا بموضوعية مجرده من ذاتي، بعيداً عن توجهي السياسي.
أولاً ماهو #حلف_قبائل_حضرموت، وكيف تأسس؟
حلف قبائل حضرموت، تأسس على يد الشهيد المقدم سعد بن حمد بن حبريش العليي في 4 يوليو 2013م، في وادي نحب بغيل بن يمين، عقب الواقعة التي تمت يوم الجمعة بتاريخ 14 يونيو 2013م في حق شباب من بيت علي هاجمتهم قوة عسكرية بكامل عتادها وعدتها، قامت بإطلاق النار المباشر عليهم دون أدنى جريمة اقترفوها، مما أدى إلى إصابتهم بإصابات مباشرة وبليغة ومن ثم تم اعتقالهم والاستيلاء على أسلحتهم وسيارتهم وضربهم بأعقاب البنادق رغم إصاباتهم، بسبب إقامتهم اعتصاماً للمطالبة بالعمل في #الشركات_النفطية التي في منطقتهم.
أتى اللقاء في وقت عصيب وبالغ التعقيدات، وكان هذا الحلف هو بمثابة حامل لحقوق أبناء حضرموت وتطلعاتهم، رغم تواجد المكونات والأحزاب السياسية بما فيها الجنوبية بالمحافظة.
طبعاً المكونات الجنوبية كان سقفها واضحاً ومطالبها واضحة، وهي إلى اليوم مستمرة، إلى ان أسس وأعلن #المجلس_الانتقالي_الجنوبي الذي أصبح حامل للمشروع ولا غبار بذلك.
نعود إلى حديثنا الأهم، الحلف منذ لحظة التأسيس كان هدفه واضح وملموس وهو المطالبة بحقوق حضرموت والدفاع عن كرامة أهلها بشكل جماعي حتى لا يستفرد العدو بهم، فقد كان الشهيد المؤسس المقدم سعد بن حبريش في آخر تصريح له قال بلهجته البدوية: "الشركات النفطية بالنسبة للمواطنين ما استفادوا شيء منها لا من أعمال ولا من طرقات ولا من صحة ولم تدعم المنطقة بأي شيء ملموس يعرفه الناس، وشردنا من محالنا التي كنا نسكن فيها وانتقل الناس للمدن ولم يبقى الا القليل، والقليل ممنوع يمر من هذه المناطق بحيواناته وسلاحه حتى الشخصي والذين يعملون في الشركات من خارج حضرموت" أي ان المطالب حقوقية منذ لحظة التأسيس وليس سياسية.
وعلى هذا الأساس وُجد الحلف للمطالبة بحقوق حضرموت وانتزاعها، وللدفاع عن كرامة أهلها، ورفع الظلم عنهم، ولكون هذه السابقة خطيرة، رآها المحتل اليمني الذي لا يريد أن يتجمع أبناء حضرموت في مكون واحد وتحت راية وزعامة متوافق عليها وبسبب ذلك نفذ العدو وخطط لعملية اغتيال الشهيد القائد المقدم سعد بن حبريش العليي في يوم 3 ديسمبر 2013م.
عقب ذلك تداعى جميع قبائل وأبناء ومكونات حضرموت في لقاء تاريخي كبير حضره عشرات الألاف، والقيت العديد من الكلمات، تحديداً في العاشر من ديسمبر 2013م في وادي نحب مكان التأسيس، و من لم يحضر التأسيس حضر هذا اللقاء، وكان الجمع كبيراً من كل حدب وصوب، مناصراً وموازراً، وخرج اللقاء بالدعوة لهبة شعبية حضرمية، وبعشرة نقاط واضحة لا لبس فيها، وعُين المقدم عمرو بن علي بن حبريش العليي رئيساً للحلف خلفاً لعمه.
كانت هبة حضرمية ليست في حضرموت فقط، وانما في كل محافظات الجنوب وحققت مكاسب كبيرة وفي ذلك اللقاء كان اعلان صريح للكفاح المسلح، والذي بعد اللقاء تم تنفيذ العديد من العمليات العسكرية التي قام بها الحلف، أهمها (معارك عبود، والمعدي بالشحر، و معركة الشحر، و حرو وغيرها من المعارك)، استخدم الاحتلال اليمني فيها جميع الأسلحة بما فيها الدبابات والطيران الحربي والمروحي، ومني جيش الاحتلال بالهزيمة في كل المعارك، رغم فرق التسليح الشاسع، إلا أن أصحاب الأرض كان لهم الكلمة الفصل والنصر، وسقط العديد من الشهداء والجرحى، أبرزهم صديقي حسين عيسى البحسني وآخرين لا أتذكر أسمائهم هذه اللحظة، وحصد الحلف أكثر من 400 قتيل وأسر نحو 25 جندي، واسقط طائرة مروحية في ريدة المعارة.
لم تقتصر الهبة على الأخذ بالثأر على مقتل المؤسس، وانما على انتزاع حقوق حضرموت، وأرسل عبدربه منصور هادي الوساطات لإيجاد الحلول وإنهاء الهبة الشعبية، ولكن لم يفلح إلا بتحكيم قبلي هو الأكبر في تاريخ قبائل العرب المعاصرة وعدلت الدولة بمليار ريال يمني في حينها، و مئتان وواحد 201 بندق و 20 سيارة أخر موديل، والمليار نصفه وضع في البنك المركزي بالمكلا لمشاريع التنمية بمديرية غيل بن يمين، والنصف الآخر وزع مخاسير على القبائل أثناء الهبة، وقبل حلف قبائل حضرموت التحكيم بالحادثة لا في الدم، وعلق الحلف التحكيم إلى اليوم، حتى تنفذ الدولة مطالب حضرموت في بيان الحلف التأسيس وبيان 10 ديسمبر 2013م ، وتم إعادة السيارات وسلمت تسليم رسمي للواء فرج سالمين البحسني.
أستمر الحلف بتحقيق المكاسب وحصد الإنجازات بما فيها حماية الآبار والشركات النفطية عقب معارك مع قوات حماية الشركات الشمالية، وهروب القوات الشمالية منها، والتي كانت ستسلم لتنظيم القاعدة آنذاك، وأصبحت هضبة حضرموت أول منطقة من حضرموت محرره من تنظيم القاعدة ومن الاحتلال اليمني، وكان وادي نحب وحلف قبائل حضرموت ملاذاً للحضارم أثناء حكم وسيطرة تنظيم القاعدة على المكلا وساحل حضرموت.
من وادي نحب وعلى يد حلف قبائل حضرموت تم تأسيس النخبة الحضرمية، وكانت القوة التي تحمي الشركات ومنابع النفط هي النواة الأولى للنخبة الحضرمية، وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة هي السند والمعين، ومن وادي نحب كان انطلاق النخبة لتحرير ساحل حضرموت، كان رئيس الحلف المقدم عمرو بن حبريش على رأسهم بجانب الضباط الإماراتيين واللواء عبدالرحيم عتيق واللواء فرج سالمين البحسني وآخرين.
ولا داعي لسرد كامل التفاصيل هنا، وانما الحديث يتطرق لقراءة المشهد الحالي، وليس سرد البطولات وإنما انصافاً للتاريخ، ودور حلف قبائل حضرموت وصناعته لتاريخ حضرموت الحديث.
كذلك بالنسبة لتغير اسم #حلف_قبائل_حضرموت إلى #حلف_حضرموت كان بسبب دعوات داخل أحدى اللقاءات الهامة للحلف و من أجل أن يكون الحلف شامل لكل المجتمع الحضرمي -والذي احتوائها لاحقا #مؤتمر_حضرموت_الجامع - وعلى ضوء ذلك أعيدت تسميت الحلف إلى اسمه الذي أسس عليه.
طبعاً مؤتمر حضرموت الجامع جاء تأسيسه بدعوة من الحلف كذلك، أي ان الحلف له أدوار منذ التأسيس ولم تكن ظاهره وعمل شكلي، وانما إنجازات أمنية وعسكرية وخدمية ولم يكن له أي توجه سياسياً.
أما البيان الصادر عن اجتماع رئاسة الحلف يوم الاحد 29 أكتوبر 2023م كانت هناك مبالغة فيه، ولكن قد تكون هذه المبالغات أتت بسبب إرهاصات عديدة ومحاولات لإجهاض دور الحلف وتحويله إلى عمل سياسي وليس على ما أسس له منذ أكثر من عشرة أعوام، وعلى هذا الأساس كان البيان والمخرجات.
قد تكون رئاسة الحلف لا تريد مهاجمة الجهات التي تحاول اجهاض دور الحلف وتحويله إلى عمل سياسي (وهنا اقصد #المجلس_الانتقالي_الجنوبي ) واكتفت بمهاجمة الداعم له سياسياً وعسكرياً وإعلامياً دولة #الإمارات_العربية_المتحدة الشقيقة، رغم ان #الامارات كانت الداعم للحلف بداية تأسيس النخبة الحضرمية، وإلى بعد التحرير، وحتى عندما أسس مؤتمر حضرموت الجامع ولكن عندما أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي كما يبدو، صبت الامارات كل جهدها في المجلس الانتقالي الجنوبي، وعلى ضوء ذلك كانت هناك محاولات لإقناع عمرو بن حبريش بان يكون في المجلس، والذي رفضها بسبب مطالبته بأن تكون #حضرموت شريكة ونداً في صناعة القرار وصناعة المستقبل لجنوب جديد، ولا تكون #حضرموت تابعة أو تحت الوصاية من أحد، والتزاماً لمخرجات #مؤتمر_حضرموت_الجامع وفتح حوار في ( #الرياض و #القاهرة و #عدن و #المكلا ) ولكن يبدو أنها لم تكن هناك جدية من قبل #الانتقالي لاستيعاب مطالب الحلف والجامع ومخرجاته لإقامة شراكة وطنية جنوبية حقيقية لا تربط بالماضي ومآسيه.
المحاولات لإجهاض الحلف ورئيسه تمت على عدة مراحل، ومازالت مستمرة، من خلال تنفيذ حملات إعلامية منظمة! وممنهجة! وشرشه! وبث اشاعات مغرضة للنيل من مكانة وسمعة وشخص المقدم بن حبريش، وتشكيل كتلة حلف ومؤتمر حضرموت الجامع، ودعم #هبة ثانية وعقد لقاءات قبلية بين حين وآخر، توظف سياسياً ووصل الأمر حتى بشكل شخصي للرفع بترشيح أشخاص محسوبين على المجلس الانتقالي الجنوبي لأن يتولوا مناصب بالسلطة المحلية بدلاً عن أشخاص محسوبين على الحلف.
أما بالنسبة للفقرات الأخرى بالبيان، فقد أتت كضرورة حتمية نصرة للعسكريين الذين لجأ أهاليهم للحلف ونصرة لأهالي أحياء باسويد والبدو، الذين كان لهم دوراً بارزاً في المكلا أيام الهبة الحضرمية، ولم تكن ضد عملية #ميزان_العدل، وانما للتجاوزات التي حصلت المصاحبة للعملية، من انتهاك للمساكن ونحوها، حقيقةً هناك حصلت أخطأ، ولم يتم الاعتذار عنها، خاصة انتهاك حرمة المنازل وأخذ اغراض المواطنين من مبالغ مالية وأسلحة شخصية من البيوتهم، ولم تُرد إلى الآن، بحسب من حضر اللقاء، والحلف أصدر هاتين النقطتين في البيان إنما للدفاع عن الكرامة والشرف والقانون، وكمناصرة ورداً للوفاء لأبناء الديس على أدوارهم السابقة، وضد الانتهاكات كما أخبرني به أحد معدي ذلك البيان، أما إصرار رئاسة الحلف على أن يحظى جميع جنود النخبة بالحافز السعودي أسوة بالأخرين، إنما كواجب من الحلف تجاه أبناءه في النخبة الحضرمية التي وضع لبناتها الاولى.
على كل حال هذا ملخص قراءتي للمشهد الحضرمي، والان سأسرد لكم طرق معالجتها وتصحيحها حسب رأيي.
#أولاً على الأخوة في دولة #الإمارات_العربية_المتحدة الشقيقة فتح حوارٍ مباشرٍ مع رئاسة حلف قبائل حضرموت وأن يقوموا بوضع معالجة صحيحة وتقييمية للوضع، وأن يكفوا بعض قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي من مضايقة حلف قبائل حضرموت و مؤتمر حضرموت الجامع وأن يتم تدارس الأمور بعقلانية وحنكه، لاسيما أنهم لم يروا في السابق أي ضرر من حلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع بما فيهم رئيس الحلف المقدم عمرو بن علي بن حبريش العليي، وعلى الإخوة الاماراتيين الاستماع مباشرة من رئاسة الحلف لا عبر تقارير تصلهم مغلوطة، وعلى الامارات ان تتبنى وترعى حواراً مع حلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع والمجلس الانتقالي الجنوبي طالما ونحن نثق فيهم وفي نواياهم الطيبة، ولن يقف حلف وجامع حضرموت ضد أي مصالح او ضد دولة الإمارات في حضرموت، فالحلف والجامع هم أصحاب الأرض وباستطاعتهم ترتيبها، وعلى المجلس الانتقالي الجنوبي والقيادات التي تحاول المساس بالحلف والجامع، ان تعي خطورة الأمر والذي بسبب تلك المحاولات وجد #المجلس_الوطني_الحضرمي و ظهر في حضرموت #الإخوان_المسلمين بعد ان انتهوا من سابق، أي أن أي محاولات أخرى قد تُوجِد أطراف أخرى في المشهد أشد خطورة ولا اريد ان أوضح أكثر!.
سيكون دور #المجلس_الانتقالي_الجنوبي في ساحل حضرموت ضعيفاً وسيكتفي باللقاءات والتصريحات فقط، والعمل على الواقع ضعيف جداً، عكس وادي حضرموت الذي قيادته تعمل وتجتهد والحاضنة الشعبية متماسكة أكثر.
والسؤال الأهم لقيادة #المجلس_الانتقالي_الجنوبي ممثله بالرئيس القائد #عيدروس_الزبيدي ماهي المصلحة من معاداة حلف وجامع حضرموت وخلق صراع معه؟ ولمصلحة من؟ طالما أنهم مستعدين للحوار على أسس يؤيدها جميع أبناء حضرموت بما فيهم الحضارم بالانتقالي.
على #السلطة_المحلية_بحضرموت هي الأخرى أن تكون راعية لحوار حضرمي حضرمي، وأن تكون قريبة ومنصفة لكل أبناء حضرموت ومكوناتها وتستمع وتصحح أهم النقاط الواردة في البيان الخاص بها، دون كبرياء خاطئ! اعماها! عن رؤية الحقيقة، وأن يكون ميزان العدل ميزان عادلٍ للحقوق والحريات، وان يكون همهم المواطن أولاً بعيداً عن أي عملٍ سياسي.
أما حلف قبائل حضرموت عليه هو الآخر أن يكون حريصاً على محافظة حضرموت، وسنداً للنخبة الحضرمية وللأمن، وإلى جانب من قدم الرجال والدعم والسند دولة #الإمارات_العربية_المتحدة التي تعرف رئاسة الحلف أدوارها منذ قبل وأثناء وبعد تحرير ساحل حضرموت، وأن أية خلافات أو تباينات تُحل بالحوار والتواصل المباشر.
اتمنى في #ختام قراءتي هذه ان تستوعب جميع الأطراف ما جاء فيها، هذا والله من وراء القصد.