د. صبري عفيف العلوي
شهداء غزة هاشم ..نحن الأموات وليس أنتم
إن القارئ المتمعن في القران الكريم يرى أن وظيفة أرض الرباط هي عقوبة الفاسدين حيث جعلها الله حكما دائما ومستمرا حتى قيام الساعة وهذا ما تؤكده كثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وكذلك الكتب السماوية الأخرى. قال سبحانه : {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ}(71)
فالبركة المقصودة هنا هي بركة النصر والعزة والتأيد، فالسياق الذي جاءت فيه لفظة بركة كان مقترنا بالنصر والفوز على العدو بينما تأتي لفظة البركة في سياق أخر كقوله تعالى
إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ [آل عمران:96-].
فهذه البركة ارتبطت بالهدى والدعوة والدين، وكلتا الايتين جاء سياقها مقترنا بلفظة العالمين.. والتي تدل على عموم مخلوقات الله التي تشملها تلك البركات سواء أكانت بركة الهدى والدين أم بركة النصر والعزة والنجاة.
فالمتأمل في التاريخ يرى أن أرض الرباط هي سيف الله في الأرض ضد البغاة والطغاة ، وهي البوصلة التي تحدد مسار التاريخ وتصنع التحولات الكبرى في العالم.
والمتتبع لمراحل الصراع مع قوى الفساد العالمي يرى أنها، كانت نهايتها عبر ارض فلسطين أرض الجهاد والرباط.. فالغزاة التتاريون حين اسقطوا معظم مدن العالم وقف لهم هذا الشعب الجبار في فلسطين غزة والقدس ورفح وحيفا وخان يونس والخليل والضفة ونابلس وجنين والنقب و.....وهزمهم شر هزيمة في معركة عين جالوت، ثم جاء الصليبيون واجتاحوا المشرق والمغرب وكانت معركة حطين هي الفيصل، وتلاهم الحملة الفرنسية بقيادة نابليون فاسقط معظم مدن العالم ولكنه هزم في عكا فلسطين وعاد منكسرا، وسقط شره وعدوانه.
وقبل نص قرن من الزمن مضت كان آخر معركة تعاقب عليها تلك الفئة الباغية المعتدية من بني صهيون هي معركة اكتوبر 73م ، وفي مثل هذا اليوم من الأسبوع المنصرم تاريخ 7 اكتوبر 2023م كانت معركة طوفان الأقصى التي ساءت وجوه الاحتلال الإسرامريكي وسجلت تلك الملحمة التاريخية عنوانا أخر للانكسار الصهيوني و التي لا تقل أهمية من معركة بدر الكبرى التي كسرت فيها شوكة كفار قريش في مطلع الدعوة الاسلامية.
نعم لقد جنت دول الغرب جميعها وكأنها الساعة قامت عليهم فشنت الحرب البريرية العدوانية على شعب أعزل نساء وأطفال وشيوخ فاستشهداء منهم 1900 شهيدا و5000 جريحا، وما زال العدوان مستعرا ضد شعبنا العربي المسلم في فلسطين.
ما يحزني أن هناك من بني جلدتنا المنسلخين عن ولاءهم لهذه الوظيفة الربانية التي خصها الله لشعب فلسطين أذ نراهم بطريقة مباشرة وغير مباشرة يعملون ضد المرابطين في أكناف بيت المقدس، حين نراهم يتباكون على شهداء هم أحياء عند ربهم يرزقون ألا يعلم هؤلاء أننا نحن الموتى وليس أهل غزة هاشم أن كنا نؤمن بالله ورسوله ونؤمن بما جاءت به الكتب السماوية وفي مقدمتها القران الكريم حين قال الله سبحانه وتعالى( لا تحسبن الذين قتلون في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون...).
حين تجمعت واحتشدت دول الكفر والطاغوت على ثلة من المؤمنين الظاهرين على عدوهم لا يضرهم من خذلهم ولا من عاداهم صرنا أموتا، فلا تسمع صوتا يهمس هنا او هناك ولا نسمع تنديدا حتى.
فطوبى لكم أيها الغزاويون المرابطون في ثقور الإسلام وتعسا لكم أيها المتخاذلون ضد قضية شعبكم وقضيتكم وعقيدتكم .
وتعسا أيها المتصهينون من العرب، لأنتم أكثر نتانة من بني صهيون أنفسهم، وتلك صفة النفاق مازالت تدب في شرايين دمائكم.
والله العظيم أن كنا نؤمن بالله حقا لعرفنا أن أولئك الرجال من المؤمنين لخير منا ومن حكامنا وعلمائنا وشعوبنا العربية الإسلامية، مصداقا لقول الله تعالى : لَّا يَسْتَوِى ٱلْقَٰعِدُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِى ٱلضَّرَرِ وَٱلْمُجَٰهِدُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوَٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ ۚ فَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلْمُجَٰهِدِينَ بِأَمْوَٰلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى ٱلْقَٰعِدِينَ دَرَجَةً ۚ وَكُلًّا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ ۚ وَفَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلْمُجَٰهِدِينَ عَلَى ٱلْقَٰعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا سورة النساء الاية 95
مما سبق تبين أن إرادة وحكم الله هما السائران في تحديد مسارات الحرب والنصر والتأيد،. وأن الله لناصر عباده المؤمنين.
14 اكتوبر 2023م