صلاح مبارك
فهل يدرك الأشقاء في السعودية هذه المكيدة «الاستراتيجية»! .
الموقف السعودي الإنساني إتجاه اليمن وشعبه يجيره البعض من الساسة لأغراض شخصية انتهازية «لمخية» مغلفة بـ «الموغادة السياسية»..
منذ القدم كان لهذا البلد الجار الكبير مبرات كثيرة مع شعبنا ومواقف وفاء ليس مع بلادنا فحسب بل لجميع بلدان وشعوب المعمورة ولكن لبلادنا خصوصية في العلاقات الوثقى مع هذا البلد الكبير التي تستمد قوتها إضافة إلى قواسم الدين واللغة والعروبة، الجوار ووشائج الأخوة وصلات القربى والتراحم والعطاء والتعاون في مختلف المراحل وأصعب الظروف ومنعطفاتها..
عندما قست ظروف المعيشة وتفشت المجاعة واستبد جور الحكام فتحت الشقيقة الكبرى أبوابها أمام مواطنينا للعيش والتجارة والإقامة مجسدة روح الإخاء والقيم الحميدة ، وفي سنوات التسعينيات هناك أرقام تحدثت عن استقبال السعودية لملايين المغتربين الذين تشكل تحويلاتهم النقدية روافد مهمة للاقتصاد..
هذا بالطبع قبل الهجرة الأخيرة لكبار المسؤولين وعوائلهم بعد سقوط صنعاء والتي لبت المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز طلب فخامة الرئيس/ عبدربه منصور هادي للنجدة والتدخل لإنقاذ اليمن من تمدد الحوثي الذي ابتلع العاصمة في أيام، و وصل بقواته إلى جنوب البلاد وبوابتها عدن.. فما كان من السعودية إلا الاستجابة بالدم والمال، على أمل استعادة الدولة التي نهبت وأغتصبت.. بينما وجد مسؤولو الدولة اليمنية وحكومتها وطواقم أجهزتها العسكرية والمدنية من المؤلفة قلوبهم في ذلك فرصة للتخلي عن مسؤلياتهم والفرار دون نية للعودة إلى اليمن، وترك الرجال البواسل يواجهون مصيرهم في الجبهات في معارك مع جيش الحوثي من تبة إلى تبة! حتى صار من سابع المستحيلات استعادة صنعاء..
خلال كل هذه السنوات الضائعة ذاق شعبنا مرارات الاذلال والجوع ونقص الخدمات، بينما ساسة «الديمولوجيا» ، الذين تبدلت أحوالهم إلى حال النعيم والرفاهية جندوا أنفسهم من الفنادق والعزب لتوصيف المشاريع الاستراتيجية الهلامية والتفصيل من السماء قمصان.. فأخيراً صارت الحرب في اليمن بعد تسع سنوات من اندلاعها في نظر هؤلاء السياسيين الفارين حرب المملكة العربية السعودية - لوحدها - التي تقود تحالفًا عربيًا ، في مواجهة تحالف الحوثي الإيراني، ذو الأطماع التوسعية، مش كذا وبس، بل إنها «الوجه الآخر لمعادلة الصراع في اليمن» كما قال أحدهم ! .
هكذا اذن فالسعودية التي جاءت لليمن للإنقاذ واعادة الأمل ثم الأعمار أصبحت الحرب حربها والصراع صراعها..
فهل يدرك الأشقاء الكرام في السعودية هذه المكيدة «الاستراتيجية»! .