عبدالله الصاصي

ذابت صخور العرقوب فانصهر معها حدك وحديدك ياشيبوب

وكالة أنباء حضرموت

أثبتت التجارب بالملموس أن القوي من يستميت في الدفاع وامتصاص الضربات حتى يرهق الخصم المتهوِّر .
كثيرة هي المراحل والمنعطفات التي مرت بها الثورة الجنوبية المباركة ، نعتبرها جولات صراع بين الإرادة والقوة، وأخطر هذه الجولات من الصراع عندما كان ثوار الجنوب يواجهون جيشاً قوياً ومدرباً يسمى(جيش الاحتلال الزيدي) الذي لم يفلح في محاولاته اليائسة في خلخلة صفوف الثوار العزَّل من السلاح ، فرحل بعد جولات عدة أبلى فيها الجنوبيون بلاءاً حسناً وقدموا من الشهداء والجرحى مالم يستطع تحمله شعب آخر .
بالعزيمة والإصرار دحر الجنوبيون قوات صالح رغم طول الفترة وبشاعة الجُرم الذي مارسه جنود المحتل الهمجي البربري الزيدي، وبعد تلك الكرَّة الثانية التي قام بها الحوثيون في غزوهم الثاني للجنوب التي كانت مرارتها وفترة استعارتها أقل من سابقتها لكنها لم تخل من تراجيديا أليمة تحمَّلها شعب الجنوب المتعود على امتصاص الضربات المؤلمة ليستلهم منها نقاط الضعف ومعرفة الثغرات التي سيعمل عليها عندما ينهض ليعاود الكرَّة مستخدماً طريقة المشتعل غيضاً المتأهب للانتقام والانقضاض على الغازي المتعجرف الذي ظل يستهين بردة الفعل عند الجنوبي في حالة استفحال الجُرم الذي لايُطاق .
غزوتان زيديتان انتهت جولات الحرب فيها لصالح أهل الأرض الجنوبية وحماتها الشرعيين ،وخلفت وراءها من لازال عتلا من بعض الجنوبيين المراهقين في فقه علوم مدرسة الحياة التي نتعلم منها يومياً أن صاحب الحق منصور ولو بعد حين ،ولكن أين نحن ممن جعل الله على عينيه غشاوة وفي أذنيه وغراً ، سلَّم نفسه للوسواس القهري ولم يعالج نفسه مع بداية ظهوره ، فاستفحل ذلك المرض ليصل بصاحبه إلى مرحلته الأخيرة(المانخوليا) وهذه المرحلة يصعب علاجها لدى أطباء النفس في عصرنا الحديث إلا بالرجوع إلى كتب أطباء النفس من العرب القدامى ،فمن يُحيي لنا أبوبكر الرازي ، وابن سيناء ، وابن سكرة الدمشقي ، واوحد الزمان ، وجبرائيل ابن يختشيوع (مترجم وطبيب في بلاط هارون الرشيد) ، ليعالج ماعلق ببعض الجنوبيين من مرض نفسي حال بينهم وبين الواقع الجديد الذي رسمه أخوة لهم في الجنوب بعزيمة الثائر المنتصر ، لكن ذلك الوسواس الذي لازم البعض وظل مخيماً على بصيرتهم ، يقرِّب لهم مسافة الطريق إلى عدن ويجعلهم يتخيلون أن ما على الأرض الجنوبية من شباب رهن إشارتهم فيبنون على ذلك ويرسمون الخطط ويشحذون الحد والحديد ويعدون العدة للدخول إلى عدن ،كل ذلك لا يوجد منه على الأرض شيئاً ،ولا يوجد من يواليهم على الأرض دياراً ، لاخبر ولا علم يمشي على الأرض إلا مانخوليا عصفت بصاحبها يعيش معها الساعات الطوال تلهو به وتصور له أن صخور العرقوب ورمال شقرة أدوات محسوم أمرها في الطاعة والولاء ، ولم يعرف من لازمه الوسواس القهري أن كل ما على الأرض تغير بعد خروجه وكل ما يخالجه من نشوة النصر الموعود التي طالعها في كتب اللاهوت الوحدوي القديم .
ويستوحي منها استلهامه الميتافيزيقي ذلك العلم الذي يحاول رواده الخروج عن مايدور على فلك الأرض من الانسانيات والطبيعيات والنظر لما بعدها ولم يحقق رواد هذا العلم شيئاً حتى الآن مثله مثل البعض من الذين خارت قواهم وهم يرسمون في الهواء شكل القوة وطريقة دخولها إلى العاصمة عدن والترحيب من قبل الأهالي بالتصفيق الحار كل ذلك وهم في غرفة مساحتها (3/3)م، خارج الحلبة التي احتوت كل الجنوبيين وأذابت الفوارق بين أبناء الجنوب الواحد أخوة ويداً بيد لبناء دولة الجنوب الحديثة وشيبوب في غفلته يمارس طقوسه المحببه إلى نفسه ويرى الناموس المكلل لنجاحه يرسل إشارات النصر في كل ليلة ويوم يقضيها خارج الوطن.

مقالات الكاتب