محمد ناصر العولقي
لا تدلوا عليهم موالعة التفاهة
في عهد حكم النميري للسودان حدث مرة بأنه قام بحملة ضد شرب الخمر وأغلق البارات وعاقب من يبيعونه، فحدثت أزمة كبيرة للموالعة، وانعدم الخمر ومع ذلك كانت هناك معامل في بعض البيوت تصنع الخمر البلدي وتبيعه سرا.
وفي إحدى الأيام جاء من يخبر إمام أحد المساجد في الخرطوم بأن فلانا بن فلان لديه معمل خمر في بيته ، ويبيع الخمر للسكارى ، وفي يوم الجمعة صعد الإمام الى المنبر وخطب خطبة عصماء عن الذين ينشرون الفساد والمحرمات في المدينة ثم ذكر أن فلانا بن فلان الذي يسكن في شارع كذا وحي كذا بجوار كذا لديه معمل خمر ويبيع الخمر سرا دون خشية من الله ولا عقاب من الشرطة .. الخ.
وعندها اشرأبت أعناق (الموالعة) الحاضرون ، وتلفتوا لبعضهم البعض بفرح ولم يكد الإمام ينهي الخطبة ويكمل الصلاة حتى تزاحموا للسلام على إمام المسجد : جزاك الله خيرا يا شيخنا ... جزاك الله خيرا يا شيخنا .. ثم تقاطروا الى بيت فلان ابن فلان ليشتروا منه المعدوم الذي لطالما بحثوا عنه دون جدوى حتى دلّهم عليه إمام المسجد !!!!!
هذه الحكاية حدثت حقيقة ، وقد قصها علينا أستاذنا الكبير الدكتور مبارك حسن الخليفة أطال الله في عمره كشاهد على التنبيه والتوبيخ الذي ينتج عنه عكس ما كان صاحبه يريد منه ويهدف إليه .
هذا يشبه تماما الدعوات التي تطلق في الفيس لمقاطعة صفحات سيئة وتافهة في مجتمع شغوف بالتفاهة والتافهين ويجد في التفاهة والتافهين منفذا للتسلية وتزجية الوقت بل أن بعضهم يجد فيها نافذة للمتعة والاستنارة والتثقف والإبداع !!!! ،
ولهذا فإن الدعوة للمقاطعة تتحول الى بروباجندا للترويج لتلك الصفحات وأصحابها التافهين .
أستطيع أن أذكر أمثلة على مثل هذه الصفحات وأصحابها التي تستحق المقاطعة ، ولكني أعرف شعبي الشغوف بالتفاهة ، ولن أكرر خطأ إمام المسجد .