الشيخ لحمر بن لسود
الجنوب العربي والخروج من مأزقة اليمننة
يبدو واضحاً أن الحرب ضد الانقلابيين الحوثيين الموالين لإيران، لم تعد تهم أي من القوى السياسية والقبلية الدينية في اليمن (الشمالي)، وهو ما نلاحظه من اهتمام بالجنوب ومستقبله، حيث انشغل الكثير من ساسة اليمن الشمالي المشردين في كل بقاع العالم، الذين يتحدثون عن عن ما تسمى الوحدة اليمنية بعد ثلاثة عقود من الاحتلال العسكري وفتاوى التكفير الشهيرة التي ستظل وصمة عار في جبين كل قوى اليمن الى قيام الساعة.
يتحدث بعض الساسة في اليمن عن "عدالة القضية الجنوبية"، التي لم يقروا بعدالتها الا حين أدركوا ان الجنوب لن يعود مرة أخرى إلى بيت الطاعة، بل وأصبح حليفا وفيا وصادقا مع الاشقاء في الخليج العربي ومصر، الذين اخذوا على عاتقهم الدفاع عن الأمن القومي العربي في ظل الاطماع الواضحة لمن يرون ان "الخليج العربي"، حقهم الذي ورثوه مثل ما كان يظن اليمنيين ان الجنوب حقهم ورثوه عن جدهم، ولكن لا الخليج العربي سيكون فارسيا، ولا الجنوب العربي، سيكون يمنياً.
إن ما كان يسمى بالوحدة اليمنية لم تكن الا خطيئة لقادة الجنوب الذين لم يدركوا المطامع الإقليمية والدولية في بلادنا وثرواتها وموقعها الجيوسياسي، وفتحوا بلادنا على مصراعيها امام موجة النزوح والهجرة غير الشرعية، تحت ذريعة العمالة والظلم من الامامة في صنعاء وتعز، ثم نجحوا في الاستحواذ على ممتلكات الجنوبيين بما سمي بقانون التأميم الذين منحهم المواطنة والسكن والعمل والهوية، وهو ما لم يحدث في أي قطر عربي، ان يتم اجبار السكان على منح مساكنهم لمهاجرين غير شرعيين.
وفي هذا المقام أتذكر عملية الإطاحة بالرئيس قحطان الشعبي – أول رئيس للجنوب بعد الاستقلال- الذين كان ضد منح الجنسية الجنوبية للمهاجرين اليمنيين في بلادنا، فما كان منهم الا ازاحته في انقلاب ساعدهم فيه بعض الجنوبيين الذين لم يكونوا الا أدوات رخيصة مثل ما نعاني اليوم من بعض المرتزقة الرخاص الذين يناصرون المحتل اليمني مقابل "قليل من الفتات"، والريالات التي ستجعل مواقفهم "في سجل التاريخ"، كفئة باعت شرفها وكرامتها مقابل حفنة من المال المدنس.
ان قرار مشروع الوحدة اليمنية ما كان له ان يتم لولا "النية الخبيثة والمبيتة"، فمن قرر التوقيع على المشروع الهش، لم يكن علي سالم البيض وحده، بل كان اليمنيين الذين وفدوا على الجنوب كمهاجرين غير شرعيين في ستينيات القرن الماضي، حيث ان النظام اليمني في صنعاء عقب الانقلاب على نظام المملكة المتوكلية لم يكن له هناك برنامج او رغبة للوحدة العربية التي كانت حينها شعاراتها ترفع في صوت العرب من القاهرة.
بمعنى ان هذا المشروع الذي لم يصل الى الوحدة، كان أساسه هشا ومفككا، من البداية، لأنه لم يبن على أساس متين بالصدق والأخوة، ناهيك انه افتقد الى أهم معيار وهو "استفتاء الشعب الجنوبي على قرار ما يسمى بالوحدة اليمنية"، فعل أي أساس ذهب الحزب الاشتراكي اليمني الدخيل على الجنوب بعناصره الى توقيع اتفاقية نيابة عن شعب لا تربطه أي روابط باليمنيين لا ثقافيا ولا اجتماعيا ولا قبليا، على الاطلاق.
يوجد ترابط بين بعض الأقطار العربية، الا اليمن والجنوب العربي لا يوجد أي ترابط، بل ان ما يربطنا بصنعاء هو نفسه ما يربطنا بنواكشوط، ولو كان هناك ترابط لاستمرت الوحدة ومشروعها ولم تفشل في الأشهر الثمانية الأولى من توقيع اتفاقيه مشروعها الهش، ولم يذهب الاشقاء في اليمن الشمالي الى اصدار فتوى تكفير اعتبرت ان جيرانهم في الجنوب "كفرة وخارجين عن الدين الإسلامي".
اما بالنسبة لدعاة ما يسمى بالوحدة اليمنية اليوم، والذين يرون انهم عادوا لحكم الجنوب بشخصية رشاد العليمي وبعض أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، نقول لهم ان هذا المجلس جاء به التحالف لتدارك فضيحة العمالة لإيران من بعض القوى التي هيمنة على ما كان يسمى بالشرعية اليمنية، ومهمة هذا المجلس محددة "محاربة الحوثيين او الدخول معهم في تفاوض"، دون ذلك لا قبول لهم في بلادنا، والتزام الجنوب للتحالف العربي، لا يعني الاستمرار الى النهاية، ولا يمكن ان يقبل التحالف العربي بـ"ثمان سنوات استنزاف أخرى"، فأما يحاربوا الحوثي او يدخلوا معه في تفاوض للعودة الى بلادهم، او ان عليهم اختيار لهم اوطان مناسبة للإقامة فيها، فالجنوب لن يكون وطنا بديلا لمن ارتكب الجرائم بحق هذا الشعب الحر والوفي والشجاع..
ولا تختبروا صبرنا كثيرا.
والله الموفق.