“صراع الذئاب” تحت قبة البرلمان: انهيار العملة، عجز تاريخي، واعترافات مروعة تكشف عمق أزمة النظام الإيراني
تحولت جلسة برلمان النظام الإيراني المنعقدة يوم الأحد 7 ديسمبر 2025، إلى ساحة مواجهة مفتوحة كشفت عن عمق التخبط والانهيار الذي يعصف بأركان النظام. فبينما يلامس سعر الدولار أرقاماً فلكية، تبادل النواب ورئيس المجلس الاتهامات حول تهميش البرلمان، والعجز التاريخي في الموازنة، وكوارث الأمن الغذائي التي وصلت حد “تغذية الدواجن على أجساد بعضها البعض”، في مشهد يجسد ما يمكن وصفه بـ “صراع الذئاب” على متن سفينة غارقة.
انهيار العملة واعتراف بالعجز التام
في صرخة تعكس فقدان السيطرة على الاقتصاد، أعلن النائب “نوروزي” أرقاماً صادمة للمؤشرات المالية، حيث وصل سعر الدولار الأمريكي إلى 123 ألف تومان، وسعر العملة الذهبية إلى 130 مليون تومان. وتساءل نوروزي بمرارة عن جدوى وجود البرلمان قائلاً: “ماذا نفعل نحن في المجلس؟ العملة انهارت ولا توجد أعلاف، ونحن نواجه أزمة أمن غذائي”.
من جانبه، كشف النائب “قوامي” عن كارثة مالية غير مسبوقة، مؤكداً أنه “لأول مرة في تاريخ الموازنة في البلاد، سجل ميزان الميزانية الرأسمالية عجزاً سلبياً بقيمة 60 ألف مليار (تريليون) تومان”. وحذر من أن العام المقبل سيشهد توجهاً نحو طباعة المزيد من الأوراق المالية (الاستدانة)، مما يعني “فرض مزيد من التضخم” على الشعب.
تهميش البرلمان وقرارات الغرف المظلمة
شن النائب “توسلي” هجوماً عنيفاً على “المجلس الأعلى للأمن القومي” ورؤساء السلطات، متهماً إياهم باتخاذ القرارات المصيرية (مثل رفع أسعار الوقود واستخدام المازوت) خلف الأبواب المغلقة وتهميش البرلمان تماماً.
وقال توسلي مخاطباً رئيس البرلمان قاليباف: “لماذا تشرعون قوانين والمجلس لا يعلم عنها شيئاً؟ المجلس الأعلى للأمن القومي يصدر قرارات بخصوص الوقود والمازوت تقصم ظهر الشعب، ولا أحد يجيبنا”. كما كشف عن “تحذير” وجهه خامنئي بخصوص ميزانية القوات المسلحة، مشيراً إلى التلاعب في كيفية إقرارها.
في محاولة لاحتواء الموقف، اعترف رئيس البرلمان “محمد باقر قاليباف” بوجود عجز في تحقيق الإيرادات بنسبة تزيد عن 20% بسبب انخفاض أسعار النفط، لكنه أكد أن القرار المتخذ في “اجتماع القادة” هو عدم المساس بميزانية القوات المسلحة وتوفيرها من مصادر أخرى، مما يعكس أولوية العسكرة على معيشة المواطنين.
“الدجاج يأكل بعضه”.. انهيار الأمن الغذائي
في مشهد مروع يصف حالة الأمن الغذائي، هدد النائب “نقد علي” باستجواب وزير الجهاد الزراعي، كاشفاً عن واقع مأساوي في مزارع الدواجن بسبب انعدام الأعلاف. وقال: “بسبب غياب الأعلاف، بدأت الدواجن تتغذى على أجساد بعضها البعض”. وأضاف أن مربي المواشي لم يعودوا قادرين على تحمل هذا الوضع.
الخوف من التصنيفات الإرهابية
على صعيد آخر، أبدى النائب “خضريان” ذعره من قرارات الحكومة المتعلقة بمكافحة تمويل الإرهاب. واتهم الحكومة بـ “انتهاك القانون الصريح” من خلال ربط تصنيف الجماعات الإرهابية بقوائم الأمم المتحدة بدلاً من المجلس الأعلى للأمن القومي. وحذر من أن هذا الإجراء قد يفتح الباب لتصنيف ما يسمى بـ “جماعات المقاومة” (الميليشيات التابعة للنظام) كمنظمات إرهابية في المستقبل.
تُظهر مجريات جلسة 7 ديسمبر أن النظام الإيراني يواجه “طريقاً مسدوداً” من جميع الجهات. فمن الانهيار التاريخي للعملة والعجز المالي، إلى أزمة الغذاء وتهميش المؤسسات التشريعية لصالح الدوائر الأمنية والعسكرية، يبدو أن الصراع الداخلي قد وصل إلى مرحلة “تكسير العظام” وسط خوف متصاعد من انفجار الشارع.