الانتقال لحكم مدني في السودان.. أمل في أسلو يتطلب مواجهة دولية للإخوان
تستعد مجموعات من الطيف السياسي في السودان للقاء موسع في العاصمة النرويجية أسلو خلال الأسابيع المقبلة.
ويعتقد مراقبون سودانيون أن الدعوة إلى عقد لقاء بين القوى المدنية في أسلو، دليل جديد على عزم المجتمع الدولي على كسر الحلقة المفرغة للأزمة السودانية وإجبار طرفي الصراع؛ الجيش وقوات الدعم السريع، على الانخراط في مفاوضات جادة لإنهاء الحرب.
لكنهم شددوا على أن الأمر يتطلب قبل أي شيء آخر مواجهة القوى التي تعرقل الوصول إلى طاولة المفاوضات، وعلى رأسها جماعة الإخوان.
وتسبب الصراع المستمر في السودان منذ أبريل/نيسان 2022 في مأساة إنسانية في البلاد، ونزوح الملايين وسط تردٍ غير مسبوق للخدمات الصحية وأزمة جوع.
ورأى المراقبون أن دعوة وزارة الخارجية النرويجية تشير إلى تركيز المجتمع الدولي على ضرورة العودة للمسار المدني الديمقراطي في السودان.
وقال المراقبون إن لقاء أسلو بمثابة التحضيرات اللازمة لتسوية الخلافات والتباينات بين القوى السياسية السودانية، تمهيداً لفترة انتقال مدني متفق عليها.
وخلال زيارة إلى بورتسودان، شدد نائب وزير الخارجية النرويجي أندرياس موتسفيلدت على أنه "بدون وقف إطلاق النار، سيستمر تفكك البلاد، مع عواقب وخيمة على المنطقة بأسرها".
من واشنطن إلى أوسلو مروراً بكثير من العواصم العربية والأفريقية، حيث لا حل عسكري للحرب في السودان، ولا بديل للحكم المدني.
وقال المحلل السياسي السوداني النجمي عثمان لـ"العين الإخبارية" إنه "يجب أن يقدم المجتمع الدولي إظهار إرادة إنهاء الأزمة في السودان عبر تشديد العقوبات على قادة الجيش والحركة الإسلامية في البلاد. من دون هذه الخطوة ستحاول حكومة بورتسودان، التي تسيرها عملياً جماعة الإخوان، التنصل من أي التزام".
وأوضح عثمان أنه "في كل المنابر السابقة وفي كل المبادرات التي طُرحت من قبل، كانت قيادة الجيش السوداني تفسد أي مسعى للحل وتُعرقل الجهود المبذولة فيها".
وأشار إلى أن قيادة الجيش السوداني مرتبطة بشكل عضوي بتنظيم الإخوان الذي أشعل الحرب في البلاد من أجل أوهام العودة إلى السلطة، ولـه مصلحة في استمرار الصراع.
ويرتب عثمان على ذلك تقديره بأن التنظيم الإخواني لن يتورع عن عرقلة الجهود الدولية والإقليمية لقطع الطريق أمام الانتقال المدني الديمقراطي، لذلك يجب مواجهته دولياً عبر تصنيفه تنظيماً إرهابياً وتجفيف منابع تمويله.
من جهته، يرى المحلل السياسي والكاتب الصحفي في السودان، كمبال عبدالواحد، أن النرويج تمتلك خبرات كبيرة في التعامل مع القضايا السياسية في السودان، منذ عملها ضمن منظومة دول "الترويكا" والتي كانت بمثابة آلية دولية حاضرة بقوة خلال الحقبة الفائتة من الأحداث في السودان قبل اندلاع الحرب.
وقال لـ"العين الإخبارية" إن "النرويج من دول الترويكا والتي كانت جزءاً أصيلاً من العملية السياسية الأولى التي انطلقت عقب انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021 الذي قاده البرهان لقطع الطريق أمام الانتقال المدني".
وأوضح أن جهود الترويكا لأجل عودة السودان للمسار المدني الديمقراطي وإنهاء الانقلاب اصطدمت بتعنت قيادة الجيش السوداني ورفضها لأي حلول رغم كل الضغوط المحلية والإقليمية والدولية.
وأشار إلى أن كل التجربة السابقة تجعل النرويج قادرة على الدخول لتسوية الخلافات والتباينات بين القوى السياسية المدنية، وهي تمتلك رصيداً معرفياً جيداً بواقع الصراع العسكري–المدني في السودان.
وشدد عبدالواحد على أن استعادة المسار المدني في السودان لن يتحقق إلا عبر وقف الحرب والالتزام بخارطة الطريق التي أعلنتها دول الرباعية كأساس لعملية الانتقال السياسي في السودان.
وفيما يتعلق بحجم التباينات والخلافات بين القوى السياسية المدنية في السودان، وكيف يؤثر ذلك في عدم نجاح المشاورات التي سوف تنعقد في أوسلو،
رأى عبدالواحد أن اتجاه العالم لتصنيف جماعة الإخوان كتنظيم إرهابي سوف يساهم في تقريب وجهات النظر بين الطيف المدني السوداني المتعدد، مشيراً إلى أن كل الخلافات القديمة بين الفرقاء السودانيين كانت تدور حول ضرورة عدم إشراك حزب المؤتمر الوطني – الذراع السياسي للتنظيم الإخواني في السودان – في أي معادلة سياسية من بعد الثورة.