مأزق ترامب في انتخابات التجديد النصفي 2026

وكالة أنباء حضرموت

قالت مجلة "ناشيونال إنترست" إن إدارة الرئيس دونالد ترامب للاقتصاد الأمريكي تهيئ حزبه الجمهوري للفشل في انتخابات التجديد النصفي عام 2026..

فقد أظهرت نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة في ولايات كاليفورنيا ونيويورك ونيوجيرسي وفيرجينيا حجم الاستياء الشعبي من الوضع الاقتصادي وارتفاع الأسعار، الأمر الذي لعب دورًا رئيسيًا في انتصار الحزب الديمقراطي، فيما اعتبر مؤشرا سلبيا على فرص الجمهوريين في العام المقبل.

ويرى جيمس كارفايل، مستشار الرئيس بيل كلينتون السياسي، عن الانتخابات: "الأمر يتعلق بالاقتصاد، يا غبي"، ويبدو أن هذه المقولة تظل صالحة في ضوء النتائج الأخيرة.

فتشير استطلاعات الرأي إلى أن ارتفاع أسعار المستهلك وعدم قدرة المواطنين على تحمل تكاليف السكن تصدرت اهتمامات الناخبين، كما كان الحال في انتخابات الرئاسة 2024، ما يجعل الوضع الاقتصادي أولوية لا يمكن تجاهلها للحزب الجمهوري.

وأشار التقرير إلى أن المخاطر تبدأ من سياسة الموازنة النقدية والمالية التوسعية المفرطة التي يتبعها ترامب، والتي من المتوقع أن تحافظ على التضخم عند مستويات مرتفعة وتؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة طويلة الأجل، بما في ذلك معدلات الرهن العقاري، وهو ما يثير قلق مرشحي الحزب الجمهوري في 2026.

إلى جانب ذلك، يواجه الاقتصاد الأمريكي عجزًا مستمرًا في الميزانية يُتوقع أن يبقى عند نحو 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات المقبلة، وفقًا لصندوق النقد الدولي، مما يضع الدين العام الأمريكي على مسار غير مستدام.

في الوقت ذاته، يبدو أن ترامب يسعى لتقويض استقلالية الاحتياطي الفيدرالي، من خلال تغيير تركيبة مجلس إدارته وتعيين مسؤول اقتصادي موالٍ له لتخفيض الفائدة ليحل محل رئيسه جيروم باول عند انتهاء ولايته في مايو/ أيار المقبل.

وقد أعلن ترامب علنًا عن رغبته في أن يخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بما يصل إلى ثلاث نقاط مئوية، رغم تجاوز التضخم للهدف الرسمي للبنك البالغ 2 في المئة، بينما يتوقع أن تزيد التعريفات الجمركية التي فرضها التضخم عن المعدل الحالي البالغ نحو 3 في المئة.

من نقاط الضعف الأخرى للاقتصاد الأمريكي اعتماده على التمويل الأجنبي لعجز الميزانية وعجز التجارة، إذ يمتلك المستثمرون الأجانب نحو 30 في المئة من سندات الخزانة الأمريكية البالغة قيمتها 29 تريليون دولار.

ومع استمرار إدارة ترامب لعجز ميزانية غير مسبوق وهجومه على استقلالية الاحتياطي الفيدرالي، قد يثير ذلك مخاوف المستثمرين الأجانب من أن تلجأ الولايات المتحدة لحل مشكلة ديونها عبر التضخم، ما قد يؤدي إلى تراجع شراء السندات الأمريكية، وانخفاض قيمة الدولار، وارتفاع معدل سندات الخزانة لعشر سنوات، وهو ما يحدد أسعار الرهن العقاري.

تحدٍ اقتصادي إضافي قد يهدد ترامب هو فقاعات سوق الأسهم والائتمان الناتجة عن الذكاء الاصطناعي. فوفقًا لمؤشر ربحية السعر المعدل دورياً، يبلغ مؤشر إس آند بي 500 نحو 40، أي أكثر من ضعف المتوسط طويل الأجل، وهو مشابه لمستوى عام 2000 قبل انهيار فقاعة الإنترنت.

كما بلغ مقياس وارن بافيت الذي يقارن قيمة السوق الإجمالية بالناتج المحلي الإجمالي مستوى قياسيًا يقارب 220 في المئة.

ورغم أن توقيت انفجار هذه الفقاعات غير معروف، لكن السياسات المالية والنقدية الطائشة تجعل المخاطر عالية.

كل هذه العوامل تؤكد الحاجة لإعادة النظر في الاستراتيجية الاقتصادية إذا أراد الحزب الجمهوري المنافسة بجدية في انتخابات التجديد النصفي.

كما ينبغي أن تصبح السياسة المالية أكثر ضبطًا، وأن تُحترم استقلالية البنك المركزي بلا منازع، وأن تُتبع سياسة جمركية أكثر اتساقًا وأقل عدوانية. بيد أنه حتى الآن، لا توجد مؤشرات على أن ترامب يسعى لهذه التغييرات، ما يترك حزبه أمام تحديات كبيرة في العام المقبل.