لماذا يخشى الحوثيون موظفي الإغاثة.. «رهاب الحقيقة أم جنون الارتياب»؟
عمدت مليشيات الحوثي خلال السنوات الأربع الماضية إلى اختطاف موظفين من وكالات تابعة للأمم المتحدة، ما دفع مسؤولين أمميين إلى الانتقال إلى عدن.
ويعتقد خبراء وحقوقيون يمنيون أن مليشيات الحوثي تعاني مما اعتبروه "رهاب الحقيقة"، إذ يتعامل الموظفون الأمميون بشكل وثيق مع سكان المناطق التي تسيطر عليها الجماعة، ما يوفر مصدراً مباشراً للوكالات الإنسانية للاطلاع على الانتهاكات الحوثية على الصعيد الإنساني.
وقال رئيس مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان، محمد نعمان، إن موجة الاعتقالات والاختطافات التي يقوم بها الحوثيون ضد الموظفين الأمميين تعود إلى القلق الذي يشكله هؤلاء من وجهة نظر الجماعة، خاصة العاملين في الميدان، كونهم على تواصل مباشر بالمواطنين المحتاجين والمستهدفين من قبل برامج الإغاثة.
وأضاف نعمان في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن "هؤلاء الموظفين، وبحكم عملهم الميداني ولقاءاتهم المباشرة باليمنيين المستهدفين من البرامج الإنسانية للأمم المتحدة، يحصلون على معلومات حول طبيعة المشكلات والمعاناة والانتهاكات التي يتعرض لها المواطنون من قبل الحوثيين".
وعلى ما يبدو، يرتبط "رهاب الحقيقة" بهواجس الجماعة الأمنية، في ظل الضغوط الدولية على المليشيات التي دأبت على استهداف التجارة الدولية بهجماتها على سفن الشحن في البحر الأحمر.
واختطف الحوثيون أكثر من 50 موظفاً أممياً خلال أعوام 2021 و2023 و2024، وفي 31 أغسطس/آب ومطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بالإضافة إلى عشرات الموظفين العاملين في الوكالات الإغاثية والبعثات الدبلوماسية.
ويبرر الحوثيون حملة اعتقالاتهم المستمرة بحق الموظفين الأمميين، وعاملي الإغاثة والمنظمات الإنسانية، باتهامات تتعلق بـ"العمل العسكري والاستخباراتي"، رغم أن دورهم إغاثي وإنساني بحت، وفقاً لحقوقيين.
من جانبه، رأى الحقوقي اليمني مروان محمود أن اختطافات مليشيات الحوثي لعاملي الإغاثة تنطلق من فكر عقائدي ينظر إلى المنظمات، بمختلف مسمياتها، على أنها واجهات استخباراتية تقف خلف ما تسميه المليشيات "الحرب الناعمة".
وأشار محمود في حديثه لـ"العين الإخبارية" إلى أن "مليشيات الحوثي ظلت منذ إسقاط صنعاء أواخر عام 2014 تنظر إلى المنظمات بتوجس، وكانت تراهن على قدرتها على تطويعها وتسخيرها لصالحها، قبل أن تعود لاختطاف عامليها لابتزاز المجتمع الدولي".
وقال إن "اختطاف مليشيات الحوثي لعاملي الإغاثة جاء عقب وصول محاولات المليشيات لتوظيف وكالات الإغاثة إلى طريق مسدود، ويرتبط بمحاولات الحوثيين ابتزاز المجتمع الدولي واستخدام الموظفين كورقة مساومة".
ويصف رئيس مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان مبررات الحوثيين المعلنة بشأن اعتقال موظفي الإغاثة بأنها "تهم جاهزة" يستخدمها الحوثي بغرض تغطية الفساد وسرقة المساعدات الدولية، وممارسة الابتزاز والضغط على المنظمات الدولية والأممية لتغطية الانتهاكات التي يرتكبونها ضد القوانين والاتفاقات الدولية.
ورأى نعمان أن غاية الحوثيين من استهداف عمل المنظمات التابعة للأمم المتحدة تكمن في تحقيق مآرب سياسية واقتصادية، والتأثير على مسار عمل مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، والحصول على امتيازات تحت الضغط.