خبير فرنسي: خفض الفائدة الأمريكية قد يُحدث موجات ارتدادية بأسواق الدين

وكالة أنباء حضرموت

رأى البروفيسور فيليب مارتان، رئيس مجلس التحليل الاقتصادي (CAE) وأحد أبرز خبراء الاقتصاد الكلي في فرنسا، أن قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض الفائدة «يعكس قلقًا حقيقيًا من تباطؤ الاقتصاد وسوق العمل».

وأضاف محذراً في الوقت نفسه خلال حوار خاص مع "العين الإخبارية"، من أن "الخطوة قد تخلق موجات ارتدادية في أسواق الدين العالمية".

وفي خطوة لافتة، خفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (Fed) معدلات الفائدة ربع نقطة مئوية لتستقر بين 4% و4.25%، وهو المستوى الأدنى منذ ثلاث سنوات، مع توقعات بمزيد من التخفيضات في اجتماعي أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول.

القرار، الذي جاء وسط انتقادات سياسية من البيت الأبيض وضغوط اقتصادية داخلية، فتح الباب واسعًا أمام تساؤلات حول انعكاساته على أسواق الدين العالمية.

إليكم نص الحوار..

بداية، كيف تفسر توقيت خفض الفائدة الأمريكية الآن؟
فيليب مارتان: الاحتياطي الفيدرالي وجد نفسه أمام معطيات اقتصادية مقلقة، منها مؤشرات النمو في الولايات المتحدة أظهرت تباطؤًا ملحوظًا، وسوق العمل الذي كان محركًا أساسيًا بدأ يفقد زخمه.

وأوضحت تقارير أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول أن الاقتصاد لم يعد يخلق وظائف بالوتيرة السابقة، بل إن أرقام 2024 كانت متفائلة أكثر من اللازم. لذلك، أراد جيروم باول إرسال إشارة مزدوجة: دعم النشاط الاقتصادي من جهة، وتبديد مخاوف الأسواق من ركود محتمل من جهة أخرى.

كيف سينعكس هذا القرار على أسواق الدين الأمريكية أولًا؟
فيليب مارتان: خفض الفائدة يعني مباشرة انخفاض تكلفة الاقتراض الحكومي والخاص، كما سندات الخزانة الأمريكية ستشهد تراجعًا في العائدات، وهو ما قد يدفع المستثمرين إلى إعادة تموضع محافظهم نحو أدوات أكثر ربحية.

لكن على المدى المتوسط، إذا استمر الفيدرالي في الخفض، سنرى تضخمًا في الطلب على السندات طويلة الأجل، بما يخفّض عوائدها أكثر ويعقد سياسات تمويل الدين العام الأمريكي الذي تجاوز مستويات غير مسبوقة.

وماذا عن أوروبا وفرنسا تحديدًا؟
فيليب مارتان: الأسواق الأوروبية مترابطة بشدة مع الدين الأمريكي. خفض الفائدة في واشنطن سيزيد جاذبية اليورو نسبيًا أمام الدولار، ما قد يرفع تكلفة صادراتنا.

أما بالنسبة لأسواق الدين السيادي في أوروبا، فالمستثمرون قد يوجهون جزءًا من السيولة إلى السندات الأوروبية باعتبارها أكثر استقرارًا، لكن هذا مرهون برد فعل البنك المركزي الأوروبي.

وإذا اختار المركزي الأوروبي التريث وعدم الخفض بنفس الإيقاع، فقد نشهد فجوة في عوائد السندات بين الجانبين تعيد خلط الأوراق.

هل يمكن أن نقول إننا أمام بداية دورة تيسير نقدي عالمية جديدة؟
فيليب مارتان: إلى حد كبير نعم. الاحتياطي الفيدرالي يقود عادة باقي البنوك المركزية، وإذا استمرت بيانات الاقتصاد الأمريكي في التباطؤ، فسيتبعها الأوروبيون وربما بنك إنكلترا.

لكن يجب ألا ننسى أن هوامش المناورة اليوم أضيق بكثير مما كانت عليه بعد أزمة 2008، بسبب مستويات الدين العام المرتفعة. أي تيسير نقدي واسع قد يحمل في طياته مخاطر جديدة على استقرار أسواق الدين.

أخيرًا، ما النصيحة التي توجهونها للمستثمرين في السندات اليوم؟
فيليب مارتان: الحذر والمرونة. نحن في مرحلة انتقالية دقيقة. التراجع في العوائد قد يستمر، لكن أي إشارة من الفيدرالي بوقف الخفض أو من الاقتصاد الأمريكي بتحسن غير متوقع، ستقلب المعادلة. المستثمر الذكي هو من يحافظ على تنويع محفظته ويوازن بين آجال استحقاق مختلفة لتفادي المفاجآت.