تداعيات قمة ألاسكا.. تراجع ترامب عن معاقبة بكين يكشف حدود الحرب التجارية

وكالة أنباء حضرموت

أكد الخبير الاقتصادي الفرنسي تييري ماير، أستاذ الاقتصاد الدولي في معهد العلوم السياسية في باريس، أن التراجع الأمريكي عن فرض رسوم على الصين رغم مشترياتها من النفط الروسي، قرار مدروس.

وأوضح مايير في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية" أن هذه الخطوة، التي جاءت إثر القمة التي انعقدت في ألاسكا، تهدف إلى ضبط الزخم التفاوضي، وتهدئة الأسواق، وإعادة ترتيب العلاقات التجارية دون فتح جبهات جديدة من النزاع مع بكين.

وعقب القمة التي عقدت في ألاسكا، صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر التلفزيون الأمريكي بأنه تراجع عن قرار فرض رسوم إضافية على الصين بسبب مشترياتها من النفط الروسي. وأوضح الرئيس الأمريكي هذا التحول بمبرر التقدم الذي يقول إنه حققه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أجل وضع حد للحرب في أوكرانيا.

في مطلع أغسطس/آب، كان ترامب قد هدد بفرض رسوم جمركية إضافية على الدول التي تشتري النفط والغاز الروسيين، في محاولة لممارسة الضغط على موسكو لإجبار بوتين على المشاركة في مفاوضات حول أوكرانيا. وقد تجسدت التهديدات بالفعل عندما عوقبت الهند على مشترياتها من النفط الروسي عبر مضاعفة الرسوم الجمركية الأمريكية على منتجاتها لتصل إلى 50%، اعتبارًا من 27 أغسطس/آب.

لا داعي للتفكير في ذلك الآن
لكن عقب القمة في ألاسكا، أعلن ترامب أنه سيمتنع عن تطبيق الإجراء نفسه ضد الصين. وقال في مقابلة مع قناة فوكس نيوز: "ربما أفكر في ذلك خلال أسبوعين أو ثلاثة، لكننا لا نحتاج إلى التفكير فيه الآن".

وأضاف أن لقاءه مع بوتين "جرى بشكل جيد".

وماذا عن الهند؟
ووفقاً للخبير الاقتصادي الفرنسي فإن زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على المنتجات الصينية كانت ستؤدي، بلا شك، إلى نسف الهدنة التجارية مع بكين، وهي الهدنة التي مددها ترامب لمدة 90 يومًا يوم الاثنين الماضي.

لكن ترامب لم يوضح ما إذا كان رضاه عن نتائج قمة ألاسكا سيدفعه إلى رفع العقوبات المفروضة على نيودلهي بسبب مشترياتها من النفط والغاز الروسيين. هذا بدوره سيتسبب في حالة عدم توازن بين القوى الاقتصادية الصاعدة، وقد يفتح المجال أمام توتر جديد داخل تحالفات الجنوب العالمي.

تهدئة الأسواق العالمية
وعن تأثير القرار، رأى الخبير الاقتصادي الفرنسي أن تراجع ترامب عن فرض رسوم جمركية على الصين بسبب مشترياتها من النفط الروسي أرسل رسالة طمأنة إلى الأسواق العالمية، التي كانت تتوقع تصعيداً تجارياً جديداً.

هذا القرار ساعد على تخفيف التوترات وخفّض من احتمالات حدوث تقلبات حادة في أسعار الأسهم والنفط والمعادن.

استقرار نسبي في أسعار الطاقة
وأشار ماير إلى أن القمة عززت مؤقتاً استقرار أسعار النفط والغاز، لأن الصين، كأكبر مستهلك للطاقة، تجنبت عقوبات أمريكية مباشرة، معتبراً أن هذا منع حدوث فجوة في الإمدادات أو ارتفاع كبير في الأسعار، وهو ما كان سيؤثر بشكل مباشر على الاقتصادات الأوروبية والآسيوية.

إعادة ضبط العلاقات التجارية
ولفت ماير إلى أن القمة أعطت إشارة إلى أن واشنطن لا تريد فتح أكثر من جبهة نزاع تجاري في آن واحد. وبذلك، أعادت ترتيب أولوياتها: الضغط على موسكو عبر العقوبات المالية والطاقة، مع الإبقاء على قنوات التفاوض التجاري مفتوحة مع بكين.

انعكاسات على الثقة بالاقتصاد العالمي
من الناحية النفسية، رأي ماير أن القمة أحدثت نوعاً من التفاؤل النسبي لدى المستثمرين، الذين باتوا يرون أن احتمالات اندلاع حرب تجارية شاملة قد تراجعت. لكن في الوقت نفسه، أظهر تذبذب قرارات ترامب هشاشة الاستقرار الاقتصادي العالمي واعتماده الكبير على المواقف السياسية اللحظية.