الفخار الأوزبكي إرث ينبض بالحياة والإبداع

عبدالحميد حميد الكبي
وكالة أنباء حضرموت

في قلب أوزبكستان، حيث تتداخل خيوط التاريخ مع إبداعات الحاضر، ينبض فن الفخار كروح حية تحكي قصص الأجداد وتتألق بأنامل الحرفيين المعاصرين. من أسواق سمرقند النابضة بالحياة إلى قرى فرغانة الهادئة، يتحول الطين بين أيدي الصناع إلى تحف فنية تجمع بين الجمال والوظيفة. في هذا المقال، نأخذكم في رحلة عبر تراث الفخار الأوزبكي، حيث التقاليد الفريدة والألوان الزاهية تروي قصة شعب جعل من الطين رمزًا للفخر الوطني.
تعد صناعة الفخار في أوزبكستان واحدة من أعرق الحرف اليدوية التي تشكلت عبر قرون من الإبداع والابتكار. هذا الفن ليس مجرد مهنة، بل هو أسلوب حياة يعكس هوية الأوزبك وارتباطهم العميق بأرضهم. تتميز المنتجات الخزفية بجمالها الأخاذ وتعدد استخداماتها، سواء في تزيين المنازل أو تلبية احتياجات الحياة اليومية. من الأواني المنزلية إلى القطع الفنية التي تزين المتاحف العالمية، يحمل كل منتج بصمة صانعه وروح المكان الذي صنعت فيه.
حيث تتميز أوزبكستان بتنوع مدارسها الفخارية، حيث طورت كل منطقة أسلوبها الخاص الذي يعكس بيئتها وثقافتها. خلال القرن العشرين، برزت ثلاث مدارس رئيسية:  
مدرسة سمرقند وبخارى تضم مراكز مثل طشقند، سمرقند، أورغوت، بخارى، غيجدوان، شهريسابز، كيتوب، كاتاكورغان، ودنوف. تشتهر هذه المدرسة بتصاميمها المتقنة وألوانها الغنية التي تعكس روعة العمارة الإسلامية.  
مدرسة فرغانة تشمل مركزي ريشتان وغورومساراي. تتميز فخاريات ريشتان بألوانها الزمردية والخضراء الناعمة مع أنماط أنيقة، بينما تتسم منتجات غورومساراي بألوان دافئة مثل الأصفر والبني والأحمر الناري.  
مدرسة خوارزم تضم مراكز خانكا، قرية مودير، كاتاباغ، وتشيمبوي، وتتميز بأساليبها البسيطة والعملية التي تعكس الحياة اليومية في المنطقة.  
كل مركز يحافظ على هويته المحلية، مما يجعل الفخار الأوزبكي لوحة فنية متنوعة لا تتشابه فيها مدرسة مع أخرى. 
وتعد مدينة ريشتان في وادي فرغانة مركزًا عالميًا لصناعة الفخار، حيث يعمل أكثر من 20 حرفيًا بارعًا ونحو 7000 متدرب لإحياء هذا الفن. يوظف كل حرفي ما بين 30 إلى 50 أسرة محلية في أعمال الزخرفة والتلوين، مما يوفر فرص عمل ودخلًا ثابتًا دون الحاجة إلى استثمارات كبيرة. من الأواني المنزلية إلى القطع الفنية، تجمع منتجات ريشتان بين الإبداع والتقاليد، وتتميز بألوانها الزمردية التي تأسر العين.
أبطال الفخارالحرفيون المبدعون 
يبرز في أوزبكستان جيل من الحرفيين الذين رفعوا من شأن هذا الفن عالميًا. من بينهم:  
عليشير نظيروف من ريشتان، الذي اشتهر بتصاميمه الدقيقة التي تجمع بين الأصالة والحداثة.  
أكبر رحيموف من طشقند، المعروف بإبداعاته التي تزين المتاحف العالمية.  
عليشير نارزولاييف من غيجدوان، الذي يحافظ على تقاليد بلدته بأسلوب مبتكر.  
نومون أوبلوكولوف من أورغوت، وهو من الجيل الثامن لحرفيي الفخار، يحمل إرث عائلته بفخر.  
هؤلاء الحرفيون لم يكتفوا بصناعة الفخار، بل جعلوه وسيلة لنقل الثقافة الأوزبكية إلى العالم.
 
لذلك تسعى أوزبكستان اليوم إلى تعزيز فن الفخار كرمز للفخر الوطني. تشمل هذه الجهود  
-تطوير الصناعة من خلال دمج الفخار في الحياة اليومية، سواء في المنازل أو المكاتب.  
-التصدير العالمي تصل المنتجات الخزفية الأوزبكية إلى الأسواق الدولية، مما يعزز مكانة البلاد فنيًا واقتصاديًا.  
-التعاون الدولي تبادل الخبرات مع حرفيي الفخار في دول أخرى لتطوير التقنيات والأساليب.  
هذه المبادرات تضمن استمرارية هذا الفن في ظل التحديات المعاصرة، مع الحفاظ على جذوره العميقة.

فن الفخار الأوزبكي هو أكثر من مجرد صناعة؛ إنه تعبير عن هوية شعب وإرث ثقافي غني. من خلال تنوع المدارس، وإبداع الحرفيين، وجهود الحفاظ على التراث، يواصل هذا الفن إلهام العالم. سواء كنت تزور أسواق بخارى أو تتأمل تحفة خزفية في متحف عالمي، فإن الفخار الأوزبكي سيأسرك بسحر الطين الذي تحول إلى عجائب فنية.