عودة إنفيديا للسوق الصيني.. تحوّل في سباق الذكاء الاصطناعي
علق تحليل لصحيفة «نيويورك تايمز» على عودة شركة إنفيديا الأمريكية للسوق الصيني عبر شريحة H20.
في خطوة مثيرة للجدل تمثل تراجعاً عن سياسة أمريكية استمرت لسنوات، سمحت إدارة الرئيس دونالد ترامب هذا الشهر لشركة إنفيديا، الرائدة في صناعة الشرائح الإلكترونية بالولايات المتحدة، ببيع شريحتها الجديدة H20 إلى الصين. هذه الشريحة، رغم أدائها المحدود مقارنة بالنماذج الأقوى، تمثل أداة حيوية لاستمرار التقدم الصيني في مجال الذكاء الاصطناعي.
وعلق تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز"، على القرار الأمريكي واصفا إياه يُعد تحولاً كبيراً في استراتيجية واشنطن التي سعت طويلاً إلى كبح جماح التقدم التكنولوجي والعسكري الصيني عبر تقييد وصوله إلى التقنيات الأمريكية المتقدمة. وفي الصين، اعتبر خبراء الصناعة أن H20 ستمنح شركات الذكاء الاصطناعي فسحة حيوية لمواصلة الابتكار، بينما تسابق شركات مثل هواوي الزمن لتطوير بدائل محلية قادرة على منافسة إنفيديا.
لكن، وبشكل يعكس الحساسية السياسية للتقنيات المتقدمة، استدعت إدارة الفضاء السيبراني الصينية شركة إنفيديا لطلب توضيحات حول المخاوف الأمنية المرتبطة بالشريحة، من بينها احتمال قدرتها على تتبع مواقع المستخدمين.
خبر جيد للجانبين
ورغم أن شريحة H20 أقل كفاءة من طرازات إنفيديا الرائدة، فإنها تُعد بارقة أمل لكلا الطرفين. بالنسبة لإنفيديا، تعتبر الصفقة بمثابة فرصة للحفاظ على موقعها العالمي كمزود أساسي للبنية التحتية التي تشغّل أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة. أما الصين، فترى فيها دعماً مرحلياً في طريقها لبناء منظومة ذكاء اصطناعي متكاملة ومستقلة.
وخلال مؤتمر الذكاء الاصطناعي السنوي في شنغهاي هذا الأسبوع، سادت أجواء من الثقة بين الشركات الصينية، التي ركزت على التقدم المحرز عوضاً عن التحديات التي واجهتها في غياب التكنولوجيا الأميركية. وعرضت هواوي عنقوداً هائلاً من الشرائح مصمم لمنافسة إنفيديا ، فيما كشفت شركة علي بابا عن نظارات ذكية مدعومة بالذكاء الاصطناعي، وازدحم المعرض بروبوتات ترقص وتتنافس في مباريات الملاكمة.
وفي كلمته خلال المؤتمر، قال رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ إن الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون "منفعة عامة عالمية"، مؤكداً استعداد الصين لمشاركة تجاربها ومنتجاتها التقنية مع العالم. وهذا الموقف التعاوني يتناقض مع خطة أعلنها الرئيس الأمريكي ترامب قبل أيام، فيها على سعي الولايات المتحدة لقيادة السباق العالمي في الذكاء الاصطناعي.
التضامن في مقابل الهيمنة
من جانبها، قالت المحللة سام ساكس من مركز بول تساي في كلية الحقوق بجامعة ييل، أن التحرك الصيني منح بكين "نصراً دعائياً". وأضافت: "الجملة الافتتاحية في خطة الذكاء الاصطناعي الأمريكية تتحدث عن الهيمنة العالمية، بينما شعار مؤتمر الصين هو التضامن العالمي".
وفي سياق الانفتاح، أطلقت شركات صينية مثل علي بابا وDeepSeek أنظمة مفتوحة المصدر تصدرت الترتيب العالمي. وفي يوليو/تموز، كشفت شركتا Moonshot AI وZ.ai عن نماذج جديدة تزعم أنها تتفوق في البرمجة والرياضيات.
ويرى خبراء أن إعادة إنفيديا إلى السوق الصينية، ولو جزئياً، يمنح شركات الذكاء الاصطناعي المحلية وقتاً ثميناً للتطور. ووفقا للوسي تشيني، مستثمرة ورئيسة شركة تحليل البيانات GrowingIO: "سيشتري الجميع هذه الشرائح الآن لتحسين نماذجهم، وهذا سيعزز أداءهم بشكل مباشر".
وبينما تواصل إنفيديا تزويد العالم بشرائحها وبرمجياتها، لا تزال شركات صينية تحصل عليها عبر وسطاء وسوق سوداء، متجاوزة القيود الأمريكية.
في المقابل، ضخت بكين مليارات الدولارات لدعم تطوير شرائح محلية، على رأسها منتجات هواوي، التي لا تزال تعاني من مشاكل الكفاءة وارتفاع التكاليف. لكن وجود شرائح إنفيديا بالسوق سيدفع المنافسة إلى مستويات جديدة.
وقال ويليام شو من جمعية صناعة الذكاء الاصطناعي في شنغهاي: "المنافسة المفتوحة مفيدة للجميع".