«الكبتاغون».. وقود حرب الحوثي وسلاحه ضد الخصوم

وكالة أنباء حضرموت

لا يكتفي الحوثيون بزرع الموت على جبهات القتال، بل امتدت سمومهم إلى العقول والأجساد، عبر تجارة قاتلة لا صوت لها: المخدرات.

فمن البنادق إلى الحبوب المهلوسة، تتحول الجماعة المدعومة من إيران إلى تاجر موت متعدّد الوجوه، لا يفرّق بين طلقة تُطلق في المعركة، أو كبسولة تُهرّب إلى الشباب.

فمن جبال صعدة إلى سواحل الحديدة، يتحول اليمن رويدًا إلى مصنع بديل لعقار الحرب، حيث تتشابك مصالح المهربين والسياسيين والسلاح، في خريطة تُعاد صياغتها تحت غطاء التهريب. وبينما ينشغل العالم بملفات أخرى، ينمو هذا الخطر بصمت، مدفوعًا بتحالفات مشبوهة وشبكات تخترق الحدود، وتعيد تعريف من يتحكم في تجارة الدمار الأبيض.

وبحسب مجلة «ذا ناشيونال إنترست» الأمريكية، فإن الجماعة المدعومة من إيران تبدو مستعدة لاستثمار هذا النشاط غير المشروع كمصدر مالي جديد يتيح لها تمويل عملياتها العسكرية واستهداف خصومها في المنطقة وخارجها.

طريق بديل
بعد سقوط النظام في سوريا، وتفكيك شبكات تصنيع الكبتاغون، ارتفع الطلب على المخدر مما دفع الحوثيين، الذين اعتادوا الاتجار بالقات داخل اليمن، نحو إنتاج وتصدير الكبتاغون.

وتشير تقارير أمنية إلى أن الجماعة بدأت بالفعل تصنيع المادة داخل اليمن، مستغلة الحدود الطويلة والمفتوحة للتهريب، مما يدر أرباحا ضخمة.

شحنات مضبوطة ومؤشرات مقلقة
في يوليو/تموز الماضي، تمكنت السلطات اليمنية المعترف بها دوليا من ضبط ما يزيد على مليون ونصف حبة كبتاغون كانت متجهة إلى السعودية، وقد خرجت جميعها من مناطق تخضع لسيطرة الحوثيين.

ويقدّر سعر الحبة الواحدة بين 6 و27 دولار، ما يعني أن الشحنة الواحدة قد تدر ملايين الدولارات.

وشهدت الفترة ذاتها اعتراض شحنات إضافية، ما يعكس تصاعدا في وتيرة التهريب. وفي نهاية يونيو/حزيران 2025، أعلن اللواء مطهر الشعيبي، مدير أمن عدن، أن الحوثيين أقاموا منشأة خاصة بإنتاج الكبتاغون في مناطق نفوذهم، فيما أكد وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني أن الخطوة تمت بالتنسيق مع النظام الإيراني.

خطر يتجاوز المنطقة
انتقال تجارة الكبتاغون من سوريا إلى اليمن لا يمثل خطرا محليا فقط، بل قد يؤسس لمحور تهريب يمتد إلى أوروبا ومناطق أخرى. ففي عام 2020، ضبطت السلطات الإيطالية في ميناء ساليرنو شحنة ضخمة تضم 84 مليون حبة كبتاغون، بقيمة تقترب من مليار ومائة مليون دولار، مصدرها الشرق الأوسط.

ورغم أن الكبتاغون لم يصل بعد إلى الولايات المتحدة، إلا أن شبكات التهريب العالمية تربط بين الشرق والغرب.

موقف واشنطن المتذبذب
وقبل اندلاع حرب غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، كانت إدارة جو بايدن قد اتخذت خطوات حازمة ضد تجارة الكبتاغون، شملت فرض عقوبات على شبكات مرتبطة بالنظام السوري، وإطلاق استراتيجية وطنية لتعطيل هذه التجارة. لكن تصاعد الحرب أدى إلى تراجع التركيز الأمريكي، رغم أن وزارة الخزانة واصلت استهداف بعض المهربين حتى أكتوبر/تشرين الأول 2024.

وفي تطور لافت، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 30 يونيو/ حزيران أمرا تنفيذيا رفع بموجبه العقوبات عن سوريا، مع إبقاء القيود سارية على مهربي الكبتاغون، ما يعكس رغبة في إعادة دمج سوريا دوليا.

اليمن.. مركز ناشئ للتصنيع والتهريب
وتشير التقارير الميدانية إلى تحول اليمن تدريجيا إلى مركز ناشئ لإنتاج الكبتاغون. فالحوثيون لا يكتفون بالتهريب، بل يعملون على إنشاء بنية تحتية تسمح لهم بالتصنيع داخل الأراضي التي يسيطرون عليها.

ورغم أن الكميات المضبوطة لا تزال أقل من تلك التي تُرصد، فإن التوجه نحو التوسع واضح، ويعكس استراتيجية منظمة تهدف إلى الهيمنة على السوق.

وفي ظل هذا التطور، لم يعد كافيا أن تراقب واشنطن المشهد من بعيد، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إن التحدي بات يشمل اليمن ولبنان ومناطق أخرى ترتبط بشبكات إجرامية عابرة للحدود.