زلزال في «ستيلانتيس».. المدير الجديد يمحو إرث سلفه ويرسم خريطة المستقبل

وكالة أنباء حضرموت

في مشهد يشبه تبديل قائد مركبة تسير بسرعات عالية وسط طريق دولي مزدحم، بدأ المدير التنفيذي الجديد لشركة Stellantis، أنطونيو فيلوزا، بإحداث تغيير جذري في طريقة إدارة عملاق صناعة السيارات، ليلغي بصمات سلفه كارلوس تافاريس.

تسلم فيلوزا دفة القيادة في وقت حسّاس من عمر الشركة، وجاء ظهوره في المؤتمر المالي الأخير المخصص لمناقشة نتائج الربع الثالث – التي وُصفت بـ"الضعيفة"، ليؤكد أن الرجل لا ينوي الاكتفاء بإدارة تركة تافاريس، بل إنه عازم على إعادة توجيه المسار بالكامل، بحسب مجلة "ليزيكو" الفرنسية.

فقد بدا واضحًا أن فيلوزا، في تعامله مع المستثمرين والمحللين، حريص على إبراز أسلوب إداري مختلف، ليس فقط من حيث النبرة، بل أيضًا على مستوى الاستراتيجية والرؤية الشاملة لمستقبل المجموعة التي وُلدت من اندماج PSA الفرنسية وFiat Chrysler الإيطالية-الأمريكية، وفقاً للمجلة الفرنسية.

فك الارتباط مع إرث تافاريس
كارلوس تافاريس، المعروف بأسلوبه المتشدد في خفض التكاليف وتطبيق نموذج مركزي صارم في اتخاذ القرار، ترك وراءه شركة قوية ماليًا ولكنها تعاني من تحديات في التحول نحو السيارات الكهربائية، ومن انتقادات حادة بسبب سياسات التقشف الحادة التي أثّرت على الموظفين والشبكات التوزيعية.

فيلوزا، من جهته، يبدو مصممًا على التخفيف من تلك الصرامة وفتح صفحة جديدة مع العاملين والموردين، وحتى مع الحكومات الأوروبية والأمريكية. وتشير المؤشرات الأولية إلى رغبته في اعتماد أسلوب أكثر مرونة وواقعية، خصوصًا في ظل تراجع أرباح الربع الثالث وتباطؤ الطلب في الأسواق العالمية.

تحديات المرحلة الانتقالية
لكن مهمة فيلوزا لن تكون سهلة. فهو يواجه في الوقت نفسه: تباطؤًا عامًا في سوق السيارات العالمية، خصوصًا في أوروبا، وضغوطًا تنظيمية وبيئية متزايدة تتطلب تسريع الانتقال نحو السيارات الكهربائية.

كذلك، تحديات داخلية مرتبطة بالاندماج بين ثقافات الشركات المختلفة داخل Stellantis، والتي لم تُحل بالكامل بعد.

وعلاوة على ذلك، فإن المستثمرين يتوقعون خطوات جريئة لمعالجة ضعف الأداء المالي، دون المساس باستقرار العمليات أو معنويات الفرق التنفيذية.

اللامركزية والتكيّف
وأضافت المجلة الفرنسية إلى أنه يبدو أن أحد التحولات الكبرى التي يسعى إليها فيلوزا هو تقليص المركزية في اتخاذ القرار ومنح مزيد من الحرية للعلامات التجارية المختلفة داخل المجموعة – مثل Peugeot، Jeep، Fiat، وOpel – للتصرف وفق خصوصية أسواقها.

كما يُتوقع أن يُعيد النظر في أولويات الاستثمار، مع التركيز على الابتكار التكنولوجي والشراكات الاستراتيجية بدلًا من مجرد ضبط النفقات.

الانفتاح والواقعية
وأشارت المجلة الفرنسية إلى أن المؤتمر الصحفي الذي عقده فيلوزا لم يكن فقط مناسبة للإعلان عن نتائج مالية، بل كان رسالة واضحة مفادها أن Stellantis تدخل عهدًا جديدًا، يقوده مدير تنفيذي لا يريد تكرار وصفات الماضي، بل يُفضل صناعة مستقبله الخاص.

وأوضحت المجلة أنه إن كان من المبكر الحكم على مدى نجاح استراتيجيته، فإن المؤكد أن فيلوزا لن يكون مجرد امتداد لتافاريس. بل هو قائد برؤية مغايرة، يدرك أن الحفاظ على حجم الشركة وقيمتها السوقية يتطلب أكثر من مجرد خفض التكاليف: يتطلب ثقة الناس، وثقة السوق، وثقة الفرق الداخلية.