تحول في الخطاب الفرنسي مع تصنيف عنف المستوطنين أعمال إرهابية
اعتبرت وزارة الخارجية الفرنسية الثلاثاء أن أعمال العنف التي يرتكبها مستوطنون إسرائيليون في الضفة الغربية المحتلة هي "أعمال إرهابية" بعد عملية "قتل" ناشط مناهض للاحتلال نسبت إلى مستوطنين، في تصنيف من شأنه أن يفاقم التوترات بين تل أبيب وباريس وتصعيد يشير إلى تحول في الخطاب الأوروبي.
وبينما كانت دول غربية تفرض عقوبات فردية على مستوطنين متورطين في أعمال عنف، فإن وصف الأعمال نفسها بالإرهاب يضعها في فئة أشد خطورة من الناحية القانونية والسياسية.
وهذا التوصيف هو الأول من نوعه لسلوك المستوطنين الإسرائيليين من قبل الدبلوماسية الفرنسية.
ويعتبر الإعلان الفرنسي خطوة رمزية وسياسية مهمة تعكس تزايد الإحباط الدولي من عنف المستوطنين وتقاعس إسرائيل عن كبحه، ويهدف إلى زيادة الضغط على تل أبيب، وقد يمهد الطريق لإجراءات دولية أكثر صرامة في المستقبل.
وقال ناطق باسم الخارجية الفرنسية "تشجب فرنسا جريمة القتل هذه بأشد العبارات فضلا عن كل أعمال العنف المتعمدة التي يرتكبها مستوطنون متطرفون بحق الفلسطينيين والتي تكثر في أرجاء الضفة الغربية"، مضيفا "أعمال العنف هذه هي أعمال إرهابية".
وتابع "لقد قتل المستوطنون أكثر من 30 شخصا منذ مطلع العام 2022. يتعين على السلطات الإسرائيلية تحمل مسؤوليتها ومعاقبة مرتكبي اعمال العنف المتواصلة هذه في ظل إفلات تام من العقاب، على الفور، وحماية المدنيين الفلسطينيين".
وأعلنت السلطة الفلسطينية الإثنين أنّ ناشطا مناهضا للاحتلال الإسرائيلي قُتل في الضفة الغربية المحتلة برصاص مستوطنين، بينما أشارت الشرطة الإسرائيلية إلى تحقيق جارٍ من دون تأكيد وقوع جريمة قتل.
وقالت وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية في منشور على صفحتها في فيسبوك إنّها "تنعي والأسرة التربوية الشهيد المربّي عودة محمد الهذالين"، مضيفة أنّ المعلّم البالغ 31 عاما "ارتقى برصاص مستوطنين اليوم الإثنين أثناء اعتدائهم على قرية أم الخير" قرب الخليل جنوبي الضفة الغربية.
وكانت الشرطة الإسرائيلية أعلنت في وقت سابق أنها فتحت تحقيقا في أعقاب "حادثة وقعت بالقرب من الكرمل"، المستوطنة المجاورة لقرية أم الخير.
والقتيل من سكّان مسافر يطا الواقعة جنوبي مدينة الخليل وقد ساهم، مع جيران له، في تسليط الضوء على معاناة هذه المنطقة التي أعلنتها إسرائيل منطقة عسكرية.
وساهم عودة الهذالين في "لا أرض أخرى"، الفيلم الوثائقي الذي حاز جائزة أوسكار بعد أن سلّط الضوء على العمل النضالي الفلسطيني في هذه المنطقة، وفقا ليوفال أبراهام الذي شارك في إخراج هذا الفيلم.
ويعيش في الضفة الغربية المحتلة حوالي ثلاثة ملايين فلسطيني إلى جانب ما يقرب من نصف مليون إسرائيلي يقيمون في مستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي.
ويأتي الإعلان الفرنسي بعد فترة شهدت فيها الضفة الغربية تصاعدا غير مسبوق في عنف المستوطنين، مما أدى إلى سقوط ضحايا فلسطينيين وتخريب ممتلكاتهم، وزيادة في الهجمات بنحو 30 في المئة في الأشهر الأولى من 2025 مقارنة بالعام الماضي.
وقد يمهد هذا التصنيف لفرض عقوبات أوسع نطاقًا على الأفراد المتورطين في عنف المستوطنين، وليس فقط حظر دخولهم أو تجميد أصولهم، بل قد يشمل آليات قانونية أشد صرامة تتعلق بتمويل الإرهاب أو دعم الجماعات الإرهابية. وقد اعتمدت باريس بالفعل 59 عقوبة فردية على المستوطنين الذين مارسوا العنف.
وقد تشجع هذه الخطوة الفرنسية دولا أخرى، خاصة في الاتحاد الأوروبي، على اتخاذ مواقف مماثلة وتصنيف عنف المستوطنين كإرهاب، مما سيخلق ضغطًا دوليًا أكبر على إسرائيل.
وتصنيف "الإرهاب" يمكن أن يؤدي إلى إجراءات ضد الكيانات التي تدعم المستوطنات أو تمول الأفراد المتورطين في العنف، مما قد يحد من قدرة المستوطنين على العمل بحصانة.
ومن المتوقع أن ترفض إسرائيل هذا التصنيف بشدة وتعتبره "مضللاً" أو "غير مقبول"، وقد يؤدي ذلك إلى تصعيد في التصريحات الدبلوماسية بين البلدين، وربما إلى إجراءات مضادة من الجانب الإسرائيلي.