محادثات حول طريق كرش - الراهدة تحرك الجمود بين أطراف الصراع اليمني
تشير التصريحات الإيجابية بشأن اقتراب موعد إعادة افتتاح طريق كرش – الراهدة، بعد محادثات بين الحكومة اليمنية في عدن والحوثيين، إلى تحرك الجمود السياسي الذي يخيم على اليمن منذ سنوات.
ويعد هذا التطور لافتا في سياق الصراع اليمني الذي ظل خلال السنوات الماضية رهين المراوحة بين هدنة غير رسمية واستقطاب إقليمي معقد.
وإذا توصل الفرقاء اليمنيون حقا إلى إعادة فتح الطريق فإنها لن تكون مجرد خطوة إنسانية بل ستكون بمثابة كسر أولي للحاجز النفسي والسياسي بين الطرفين، حيث ظل الملف مجمدا لسنوات رغم ضغوط الأمم المتحدة والمبادرات الإقليمية، خصوصا من سلطنة عمان والسعودية.
وينظر مراقبون إلى هذه المحادثات على أنها إذابة حذرة للجليد الذي ظل يفصل بين عدن وصنعاء منذ توقيع اتفاق ستوكهولم في ديسمبر 2018، وهو الاتفاق الذي نص آنذاك على فتح الطرق ضمن مسارات إنسانية دون أن ينفذ فعليا.
الطريق يشكل أحد المنافذ الحيوية لتعز المحاصرة منذ سنوات، ما يجعل أي خطة نحو فتح طرقها خطوة سياسية بامتياز
وتشير هذه الخطوة إلى احتمال وجود نقاشات خلف الكواليس برعاية إقليمية لتهيئة الأرضية أمام تفاهمات تدريجية، تبدأ بخطوات محدودة ميدانيا وتتوسع لاحقا نحو ملفات سياسية أكبر، إذ بات من الواضح أن الوصول إلى اتفاق شامل في اليمن لن يكون عبر دفعة واحدة، بل عن طريق هندسة سلسلة من التفاهمات التي تعيد بناء الثقة بين الفرقاء اليمنيين تدريجيا.
وكشف عيسى عبدالباسط، أحد أعضاء لجنة الوساطة، عن تحقيق تقدم كبير بشأن إعادة فتح طريق كرش – الراهدة الرابط بين محافظتي عدن وتعز، بعد أسابيع من التنسيقات بين الأطراف المعنية.
وقال عبدالباسط في تصريحات إعلامية محلية إن لجنة الوساطة أكملت خلال الأسبوعين الماضيين الترتيبات اللازمة، وحصلت على موافقة مبدئية من جميع الأطراف على فتح الطريق، في خطوة اعتبرها “بشارة خير” لأبناء المحافظات، لما للطريق من أهمية إنسانية واقتصادية كبرى.
وأشار إلى أن رئيس لجنة الوساطة، الشيخ سمير السبئي، يواصل حاليا التواصل مع الأطراف لتقديم الضمانات الكافية التي تضمن حفظ حقوق الجميع وتفادي أي إشكاليات مستقبلية.
ودعت لجنة الوساطة رجال الخير ورجال المال والأعمال إلى المساهمة في إصلاح الطريق وتجهيز الجسور والعبّارات المتضررة، لتسهيل الحركة وضمان سلامة العابرين.
الخطوة تشير إلى احتمال وجود نقاشات خلف الكواليس برعاية إقليمية لتهيئة الأرضية أمام تفاهمات تدريجية
وأكدت اللجنة أنها ستوافي المواطنين بالتفاصيل النهائية قريبا، معربة عن أملها في أن تشكّل هذه الخطوة انفراجة حقيقية للتخفيف من معاناة المواطنين.
ويعد الخط من أهم الخطوط الرابطة بين جنوب اليمن وغربه، وهو واحد من عدة خطوط سبق أن تم التوصل إلى اتفاق لفتحها، أبرزها طريق الحوبان تعز وطريق الضالع ومأرب بينما يجرى ترتيب فتح عقبة ثرة.
ورغم أن الطريق بين كرش والراهدة ليس من المحاور الرئيسية التي شغلت أجندة التفاوض الدولية، إلا أن رمزيته الداخلية لا تقل أهمية، حيث يشكل أحد المنافذ الحيوية لتعز المدينة المحاصرة منذ سنوات والتي لطالما كانت موضوع تجاذب حاد بين الشرعية والحوثيين، وهو ما يجعل أي خطوة نحو فتح طرقها خطوة سياسية بامتياز، قبل أن تكون إنسانية.
كما أن تحريك الملف في هذا التوقيت بالذات يُقرأ من زاويتين: إما بوصفه مبادرة إنسانية محدودة النطاق لتخفيف الضغط الشعبي، أو كمقدمة لاختبار النوايا المتبادلة على الأرض قبل الدخول في تفاهمات أعقد رعاية إقليمية ودولية.
وحوّل إغلاق الطريق التنقل بين عدن وتعز إلى معاناة يومية للسكان، حيث يضطر الأهالي إلى سلك طرق جبلية وعرة، يستغرق سلكها أحيانا أكثر من عشر ساعات بدلا من ساعتين فقط عبر طريق كرش – الراهدة.
وينظر سكان المناطق المحاصرة جنوب تعز إلى غلق الطريق على أنه شكل من أشكال العقاب الجماعي، فالطلاب والموظفون والتجار ظلوا على مدى سنوات معزولين ومحرومين من أحد الحقوق الأساسية، هو حق حرية التنقل، وسط صمت سياسي وإعلامي.