على خلاف حرب غزة.. الحملة على إيران توحد الاسرائيليين خلف نتنياهو

وكالة أنباء حضرموت

وحد الهجوم الإسرائيلي على إيران معظم الإسرائيليين بعد فترة من الانقسامات المريرة بسبب الحرب في غزة وتغيرت الصورة بين عشية وضحاها إلى مشهد سياسي مختلف يصطف فيه الخصوم والمعارضون خلف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وتظهر استطلاعات الرأي أن معظم الإسرائيليين يؤيدون استخدام القوة لتدمير برنامج إيران النووي، على الرغم من الضربات الصاروخية الإيرانية الانتقامية التي تسببت في مقتل 24 مدنيا وأوقفت الحياة الطبيعية.

وقال أفيغدور ليبرمان، وهو زعيم حزب إسرائيل بيتنا وعضو في الكنيست ووزير دفاع سابق كان قد اختلف مع نتنياهو واستقال من حكومته في 2018 "اتخذ نتنياهو قرارا صعبا حقا.. فيما يتعلق بموضوع إيران، يقوم الآن بفعل الشيء الصحيح"، مضيفا أن الحكم على نتنياهو سيكون في نهاية المطاف بناء على مدى نجاح إسرائيل في القضاء على قدرات إيران النووية وفي مجال الصواريخ الباليستية، لكن الأمور تسير على ما يرام في الوقت الحالي.

وفي جانب آخر من الطيف السياسي، يقف وزير الدفاع السابق الوسطي بيني غانتس الذي انسحب من حكومة الحرب الإسرائيلية قبل عام بسبب خلافات بخصوص غزة، داعما بالمثل.

وقال لشبكة سي.إن.إن "في ما يتعلق بالقضية الإيرانية، لا يوجد يمين أو يسار. هناك صواب أو خطأ. ونحن على صواب".

وتقول إسرائيل إن إيران تسعى إلى صنع أسلحة نووية يمكن أن تضرب أراضيها، وهو ما تنفيه طهران دائما. وخلال هجمات بدأت قبل ستة أيام، تشير حصيلة إيرانية إلى أن إسرائيل قتلت قادة عسكريين إيرانيين كبارا وألحقت أضرارا بمواقع عسكرية ونووية، فضلا عن مقتل 224 مدنيا على الأقل.

ورفض الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي اليوم الأربعاء مطالبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب له بالاستسلام غير المشروط، وقال إن إسرائيل ارتكبت "خطأ فادحا" بشنها الحرب.

لكن دعم قرار نتنياهو بشن الهجوم يؤتي ثماره السياسية بالنسبة له في إسرائيل فقد صوتت أحزاب المعارضة الرئيسية في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) يوم الاثنين برفض اقتراح بحجب الثقة عن الحكومة.

وقبل أسبوع واحد فقط، بل وقبل 24 ساعة فحسب من الضربات الأولى على إيران، صوتت الأحزاب نفسها لصالح حل الكنيست وهو ما كان سيشكل خطوة أولى نحو انتخابات مبكرة تشير استطلاعات الرأي إلى أن نتنياهو سيخسرها.

وقالت ميراف كوهين، عضو الكنيست عن حزب "يش عتيد" (هناك مستقبل) الوسطي الذي يقود المعارضة الرسمية في المجلس "هناك من يقول إن نتنياهو اختار هذا الوقت للهجوم بسبب الوضع السياسي، لكن هذا لا يهمني. أعتقد أن هذا هو القرار الصائب".

ويتهم الخصوم السياسيون ونسبة كبيرة من الجمهور نتنياهو بإطالة أمد الحرب في غزة للبقاء في منصبه وتجنب المحاكمة بتهم فساد، وذلك على حساب الرهائن الذين لا تزال حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) تحتجزهم وعلى حساب صورة إسرائيل من الناحية الأخلاقية.

واندلعت الحرب في غزة في السابع من أكتوبر 2023، عندما شن مقاتلون من حماس هجوما على إسرائيل، التي تشير إحصاءاتها إلى أنه تسبب في مقتل 1200 شخص واحتجاز 251 رهينة. ويحمل الكثير من الإسرائيليين نتنياهو مسؤولية الإخفاقات الأمنية التي سمحت بحدوث ذلك.

أما في قطاع غزة، فتقول وزارة الصحة إن الهجوم العسكري الإسرائيلي اللاحق على القطاع أدى إلى مقتل ما يقرب من 55 ألف فلسطيني وتشريد جميع السكان تقريبا البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة وتفجير أزمة جوع.

وكانت شعبية نتنياهو متراجعة طوال فترة الحرب، وتشير استطلاعات الرأي إلى أنه لن يتمكن من تشكيل ائتلاف حاكم إذا ما أجريت الانتخابات الآن.

وفي ما يتعلق بإيران، أظهر استطلاع أجرته الجامعة العبرية في القدس يومي الأحد والاثنين أن 83 بالمئة من اليهود الإسرائيليين يؤيدون قراره بالهجوم.

وفي صحيفة معاريف قال الكاتب بن كاسبيت وهو من أشد منتقدي نتنياهو "على عكس الحرب الدائرة في غزة والتي يراها الكثيرون منا خطوة خبيثة ذات أغراض سياسية، ليس هناك أي خلاف بخصوص المسألة الإيرانية".

ويوصف نتنياهو غالبا بأنه "الناجي العظيم" في السياسة الإسرائيلية بعد تجاوزه أزمات عديدة وسحقه بلا هوادة قائمة طويلة من الخصوم.

ويبدي بالمثل نهجا تصالحيا على ما يبدو، ففي ظهوره مساء أمس الثلاثاء على القناة 14 الإسرائيلية التي تدعمه بقوة، سئل عن منتقديه القدامى الذين يشيدون به حاليا بسبب إيران.

وقال "لا أعتبر الأمر شخصيا. إنهم يرتقون إلى مستوى الحدث. هذا يحدث بالفعل... هذه ليست مسألة سياسية، وإنما مسألة وجودية".

ومع ذلك، كشف استطلاع الجامعة العبرية عن صدع بالغ بين الأغلبية اليهودية في إسرائيل والأقلية العربية التي تشكل نحو 20 بالمئة من السكان، ويؤيد 12 بالمئة منهم فقط الهجوم على إيران.

وقالت عايدة توما سليمان العربية والعضو في الكنيست عن حزب الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (حداش) اليساري، إن العملية في إيران عدوانية ومتهورة، مضيفة "نرى أنها كارثة أخرى تلحق بشعبين، الشعب الإيراني والشعب الإسرائيلي".