العمال الكردستاني لا يزال يمثل تحديا أمنيا لأنقرة رغم قراره بحل نفسه

وكالة أنباء حضرموت

على الرغم من الإعلان المفاجئ لحزب العمال الكردستاني عن حل نفسه في شهر مايو الماضي، لا تزال تركيا تتعامل مع التنظيم على أنه تهديد أمني فعلي ومستمر. وتشير تصريحات رسمية وميدانية إلى أن أنقرة لا تأخذ قرار الحل كإجراء نهائي أو موثوق به، بل تواصل جهودها العسكرية والاستخباراتية لملاحقة عناصر التنظيم، سواء داخل البلاد أو في مناطق انتشاره في شمال العراق وسوريا.

وأكد العقيد البحري زكي أق تورك، المستشار الإعلامي بوزارة الدفاع التركية، في إفادة صحفية الخميس من العاصمة أنقرة، أن وزارة الدفاع تتابع عن كثب جميع التطورات المتعلقة بإعلان حل حزب العمال الكردستاني، وتتخذ كافة التدابير الأمنية والعسكرية اللازمة.

وفي 12 مايو الماضي، أعلن حزب العمال الكردستاني -المصنف منظمة إرهابية في تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي- عن قراره بحل نفسه، بناءً على دعوة زعيمه ومؤسسه عبدالله أوجلان، المسجون في تركيا منذ عام 1999، والذي دعا في رسالة نُشرت نهاية فبراير إلى إنهاء العمل المسلح و"تفكيك جميع المجموعات المرتبطة بالحزب" داخل تركيا وخارجها.

ورغم ذلك، تشير السلطات التركية إلى أن التحركات الميدانية للتنظيم، ولا سيما في المناطق الحدودية، لا تعكس تحولا حقيقيا نحو تفكيك البنية العسكرية للحزب. وأعلنت وزارة الدفاع أن 6 من عناصر الحزب سلموا أنفسهم لقوات الأمن التركية خلال الأسبوع الأخير، ما يعتبره الجيش مؤشرًا على الضغط الميداني المستمر، وليس استجابة فعلية لقرار مركزي بحل التنظيم.

وفي هذا السياق، واصلت القوات المسلحة التركية تنفيذ عمليات ميدانية دقيقة في شمال العراق، حيث قالت الوزارة إنها دمرت عدة ملاجئ ومخازن أسلحة تابعة للحزب، في إطار ما تسميه أنقرة "حربًا وقائية لإجهاض أي تهديدات محتملة من مصادر خارج الحدود".

ويُعد حزب العمال الكردستاني أحد أبرز التنظيمات الكردية المسلحة التي خاضت صراعًا طويلًا مع الدولة التركية منذ عام 1984، للمطالبة بحكم ذاتي أو انفصال في المناطق ذات الأغلبية الكردية جنوب شرقي تركيا. وقد خلف هذا الصراع أكثر من 40 ألف قتيل، وتسبب في توترات داخلية وخارجية دائمة، خاصة في العلاقات التركية مع بعض القوى الغربية التي يتهمها المسؤولون الأتراك بدعم أو غض الطرف عن أنشطة الحزب.

والقرار الأخير بحل الحزب جاء في توقيت حساس، حيث تزداد الضغوط الإقليمية والدولية لإيجاد تسويات للأزمات في شمال سوريا والعراق، خاصة بعد تراجع الدعم الدولي لبعض الفصائل الكردية، وتزايد التفاهمات بين أنقرة وعدة عواصم إقليمية بخصوص ملف مكافحة الإرهاب.

وفي إفادته الصحفية، شدد العقيد أق تورك على أن بلاده لن تسمح لأي جهة باستغلال إعلان الحل كغطاء لإعادة التموضع أو إعادة التنظيم. وأضاف: "نؤكد مرة أخرى أن عزم تركيا في مكافحة الإرهاب لم يشهد أي تراجع". ولفت إلى أن الهدف التركي لا يقتصر على حماية الأمن القومي، بل يشمل كذلك الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السورية، وتعزيز قدرتها الأمنية بالتنسيق مع الحكومة في دمشق.

ويأتي هذا الموقف في وقت تحذر فيه أنقرة من محاولات دمج وحدات قسد (قوات سوريا الديمقراطية)، التي تعتبرها امتدادًا لحزب العمال الكردستاني، في بنية الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا. وتعتبر تركيا أن مثل هذا الدمج "إعادة إنتاج للتهديد بغطاء مدني"، وهو ما ترفضه بشدة.