باحث عراقي لصحيفة “لوموند”: هيمنة النظام الإيراني تعجّل بانهيار العراق

باحث عراقي لصحيفة “لوموند”: هيمنة النظام الإيراني تعجّل بانهيار العراق

في مقابلة مع صحيفة “لوموند” الفرنسية، حذر عالم الاجتماع العراقي ومدير مركز الأبحاث الفرنسي حول العراق، عادل بكوان، من أن العراق يتجه بسرعة نحو التفكك والانهيار نتيجة الهيمنة المتزايدة للنظام الإيراني على مفاصله السياسية والأمنية والاقتصادية

باحث عراقي لصحيفة “لوموند”: هيمنة النظام الإيراني تعجّل بانهيار العراق

حفظ الصورة
نظام مير محمدي
وکالة الانباء حضر موت

في مقابلة مع صحيفة “لوموند” الفرنسية، حذر عالم الاجتماع العراقي ومدير مركز الأبحاث الفرنسي حول العراق، عادل بكوان، من أن العراق يتجه بسرعة نحو التفكك والانهيار نتيجة الهيمنة المتزايدة للنظام الإيراني على مفاصله السياسية والأمنية والاقتصادية. ويرى بكوان أن عوامل هذا الانهيار تتمثل في انهيار الدولة المركزية، وصعود قوة الفصائل المسلحة، وهيمنة طهران شبه الكاملة.

أوضح بكوان أن ركائز السلطة المركزية في بغداد قد تلاشت، حيث أصبحت السلطة السياسية أسيرة للأحزاب والفصائل المذهبية، بينما تغلغل الفساد في جميع أجهزة الدولة، من الخدمات العامة إلى الجيش والشرطة. وأضاف أن النظام السياسي الذي تشكل بعد الغزو الأمريكي للعراق أثبت عجزه عن تحقيق الوحدة الوطنية، مما فتح الباب أمام قوى خارجية، كان النظام الإيراني هو العامل الأكثر نفوذاً بينها بلا شك.

وبحسب تحليل بكوان، فقد انتهج النظام الإيراني استراتيجية ممنهجة لفرض نفوذه وترسيخ وجوده في بنية الدولة العراقية بعد الغزو الأمريكي، معتمداً على آلية مزدوجة. من جهة، قام بدعم طيف واسع جداً من الفصائل الشيعية المسلحة، التي تم دمج الكثير منها في مؤسسات الدولة الرسمية على غرار “الحشد الشعبي“. ومن جهة أخرى، أحكم سيطرته على الدورة الاقتصادية للعراق، من خلال البنوك والمنافذ الجمركية والعقود الحكومية، بمساعدة حلفائه المحليين. وبهذه الطريقة، أصبح النظام الإيراني، بحسب بكوان، يتصرف كقوة “نيو-إمبريالية” في العراق، قادراً على فرض هيمنته دون الحاجة إلى احتلال عسكري مباشر.

وأشار الباحث العراقي إلى أن الحركات الاحتجاجية الشعبية في العراق، خاصة تلك التي اندلعت في السنوات الأخيرة، حاولت فرض إصلاحات هيكلية لمواجهة هذه الهيمنة والفساد والطائفية وتدخل القوى الخارجية. لكن هذه الاحتجاجات قُمعت بعنف، غالباً على أيدي الفصائل المسلحة الموالية للنظام الإيراني. وأضاف أن النظام السياسي المغلق يضمن إما إقصاء المرشحين المستقلين من الانتخابات أو استيعابهم وابتلاعهم، حيث يحرص النظام الإيراني على عدم المساس بتوازنات القوى الطائفية ووجود وكلائه في الحكومة العراقية.

ونتيجة لذلك، يرى بكوان أن العراق لم يعد دولة ذات سيادة حقيقية، وأن سيادته الوطنية أصبحت موضع تساؤل جوهري. فجميع القرارات الهامة في السياسة الداخلية والخارجية للعراق تُتخذ بناءً على مصالح النظام الإيراني. وقد تم إضعاف الجيش العراقي النظامي، وأي محاولة للإصلاح أو لمركزة السلطة مجدداً تصطدم بعقبة الشبكات الموالية لطهران. حتى النفوذ الأمريكي، على الرغم من وجوده العسكري، أصبح تأثيره ضئيلاً مقارنة بالنفوذ السياسي والأيديولوجي للنظام الإيراني.

ويخلص بكوان إلى أن العراق، كدولة وأمة، قد دخل في طور “تفكك متسارع” نتيجة انهيار مؤسساته الداخلية وهيمنة النظام الإيراني الممنهجة على هياكل السلطة في بغداد. وقد خلق هذا الوضع نوعاً من “الاستقرار السلطوي” المفروض بقوة الهيمنة الخارجية، حيث يتم إجهاض أي محاولة للإصلاح على الفور. ومع ذلك، يرى بكوان أن هذا الوضع ليس مستداماً، مشيراً إلى أن القاعدة الاجتماعية الشيعية في العراق أصبحت أكثر تطرفاً في معارضتها للهيمنة الإيرانية، مما ينذر بتغيرات مستقبلية.