طريقة "تحول الشرع من التشدد إلى السياسة" تثير عاصفة من الجدل

أشعلت تصريحات السفير الأميركي السابق لدى سوريا روبرت فورد جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، وتداول كلام على لسانه بشأن تفاصيل لكواليس صعود الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، ومزاعم بأن منظمة بريطانية غير حكومية أسهمت في تأهيله لخوض غمار السياسة بعد سنوات من نشاطه الجهادي.

وتناقل مستخدمون حديث فورد خلال المحاضرة التي نُشرت على قناة مجلس بالتيمور للشؤون الخارجية عن لقائه بالرئيس الشرع، في إطار مبادرة أطلقتها مؤسسة بريطانية غير حكومية متخصصة بحل النزاعات، وقالوا أنه ذكر أنه دُعي للمساهمة في عملية نقل الشرع من “عالم الإرهاب إلى السياسة العادية”، وأنه كان “متردداً في البداية،” وقال “راودتني صورة لنفسي ببدلة برتقالية وسكين موجهة إلى عنقي، لكن بعدما تحدثت مع أشخاص سبق أن التقوه قررت اغتنام الفرصة.”

وانتشرت هذه التصريحات كالنار في الهشيم على مواقع التواصل وانقسم الناشطون بين من اعتبروا أن هناك تحريفا في الترجمة أدى إلى التفسيرات الخاطئة والتأويلات المغرضة، وآخرين قالوا إن فورد اعترف بأن “أميركا درّبت أحمد الشرع ليكون بديلاً عن نظام الأسد.”

وأعاد الكثير من الناشطين نشر تصريحات فورد في المحاضرة، وكتب أحدهم:

SulaimanALFAHD1@
روبرت فورد: كنت أحد الذين دربوا #الجولاني لاستلام السلطة في #دمشق بطلب من بريطانيا.. تم اللقاء والتدريب في #إدلب عام 2020 وعام 2023.

تم اختيار هيئة تحرير الشام لاستلام السلطة بقرار أممي ودولي “بعد وصول المفاوضات مع نظام الأسد إلى طريق مسدود” لأنها أكثر الجهات تنظيماً في سوريا.”

واعتبر البعض أن تصريحات فورد تشير إلى المراوغة الغربية والأميركية تحديدا في السياسة والتلاعب بالشعوب بمزاعم كاذبة:

anaelmasri2121@
الولايات المتحدة والجولاني (الشرع) وسوريا أوهمونا عقودا بأنهم رصدوا ملايين للقبض عليه، واتضح أنهم يدربونه منذ عقود لما تم في سوريا.

السفير الأميركي روبرت فورد: درّبنا الشرع سياسيًا منذ 2016.

وسخر آخر من مزاعم السفير الأميركي السابق قائلا:

2o_matar@
أحمد الشرع بعمر 22 سنة استطاع خداع روبرت فورد، وحكومة روبرت فورد، ودولة روبرت فورد، وعملاء دولة روبرت فورد في العراق. وأقنعهم بأنه أمجد مظفر الحسين مواطن عراقي. روبرت فورد اليوم يقول إنه درب أحمد الشرع بعمر 40 سنة.

ودخل ناشطون عرب على خط الجدل وقال معلق مصري:

Abosamrah25@
من الذي قال منذ اللحظات الأولى إن أحمد الشرع “مصنوع” غير المصريين؟! من الذي فهم اللعبة فهما صحيحا منذ اللحظات الأولى غير المصريين؟! شاهد بنفسك كيف صُنع أحمد الشرع بطلب من منظمة بريطانية “غير حكومية” وبمشاركة روبرت فورد السفير الأميركي السابق الذي اعترف بنفسه بقصة صناعة العميل.

وبحسب المزاعم، جاء في حديث فورد خلال جلسة أمام “مجلس العلاقات الدولية في بالتيمور” في مستهل شهر مايو الحالي أن منظمة بريطانية متخصصة في حل النزاعات دعته للمشاركة في مبادرة تهدف إلى “إخراج الشرع المعروف باسم ‘الجولاني’ آنذاك من عالم الإرهاب وإدخاله في السياسة.”
وأضافت أن السفير الأميركي السابق ذكر أنه التقى الشرع ثلاث مرات، مرتين خلال عام 2023، وثالثة بعد توليه السلطة في دمشق خلال يناير الماضي، عقب الهجوم الخاطف الذي شنته فصائل المعارضة وأسفر عن سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024.
وتابع أنه عقد “محادثة متحضرة” في لقائه الأول بالشرع في مارس 2023 بمدينة إدلب، واستعاد تفاصيل اللقاء قائلاً “جلست إلى جانبه بلحيته الطويلة وملابسه العسكرية، وقلت له باللغة العربية: لم أكن لأتخيل أنني سأجلس إلى جانبك. فرد الشرع بهدوء: ولا أنا.”
وانتشرت أحاديث بأن السفير السابق أشار إلى أن الشرع لم يعتذر عن الهجمات التي نسبت إليه في العراق وسوريا، إلا أنه تحدث بواقعية عن ضرورة التحول وتقديم التنازلات.

ونقل فورد عن الشرع قوله “أدرك الآن أن التكتيكات التي كنت أستخدمها في العراق لا تصلح لإدارة منطقة يعيش فيها 4 ملايين نسمة، بينهم مليونا لاجئ،” مضيفا “لكي تحكم، عليك أن تقدم تنازلات.”

التقى فورد الشرع مرة ثانية في سبتمبر 2023 قبل أن يجتمع به مجدداً في يناير الماضي، بعد صعوده إلى الحكم. وقال مازحاً خلال آخر لقاء “لم أكن أتخيل أنني سأراك هنا في القصر الرئاسي،” فرد الشرع مبتسما “أحب أن أفاجئك سعادة السفير.”

في المقابل رفض الكثيرون رواية فورد؛ فهناك من زعم أن هناك تحريفا في الترجمة وأنه جرى تأويل الكلام وتحميله تفسيرات متعددة لم يقلها الدبلوماسي السابق.

tahabito@
شي مذهل التلفيق اللي عم يصير حول ترجمة محاضرة روبرت فورد بما فيه بشكل مرافق للفيديو نفسه اللي يعني لغته إنجليزية وسهلة وواضحة. لا في كلام عن تدريب ولا مخابرات ولا تحضير الجولاني ليكون بديلا ولا دور للحكومة البريطانية. اللي مفكر الكذب هو طريق سهل لمعارضة الشرع بيكون فهمان الموضوع غلط بالكامل.

وقال آخر مستعملا اللهجة المحلية أيضا:

abdullatif99318@
حبيبي الكائن الموالي سليل الحقبة الأوغاريتية وحفيد زنوبيا، بالنسبة إلى الفيديو المنتشر عن روبرت فورد يرحم كل شي بتقدسه تابع المقطع قبل ما تهبد لأن المقطع ما فيه ولا كلمة عن تدريب وتأهيل #الجولاني (الرئيس #أحمد_الشرع)

قطيع وخلص تعودنا عليكم بس في أنواع من القطيع منظمة وعندها شوية عقل.

وهناك من نفى صحة ادعاءات فورد معتبرا أنه لا يقول الحقيقة، بينما تداولت حسابات خبرا عن نفي الرئاسة السورية صحة هذه المعلومات، ونقلت صفحة راديو “شام.أف.أم” على منصة إكس عن مصدر في رئاسة الجمهورية تصحيح المعلومة، وجاء فيها:

radioshamfm@
مصدر برئاسة الجمهورية:

لا صحة للمعلومات التي أوردها السفير روبرت فورد عن لقاءات مع الرئيس الشرع في #إدلب، أحد الوفود تابع لمنظمة بريطانية للدراسات وكان من ضمن أعضائه السفير روبرت فورد، اللقاءات المذكورة كانت ضمن اجتماعات مع مئات الوفود وخصصت لعرض تجربة إدلب.

ورأى قسم آخر من الناشطين أنه لا يمكن الوثوق بكلام فورد:

AAbdulsaeid@
عرفت روبرت فورد جيداً في إسطنبول عامي 2012 و2013؛ مدمن على الكذب ومن الحزب الديمقراطي، صديق شخصي لأوباما سيء الذكر، لا أصدق كلامه.

وشغل فورد منصب السفير الأميركي لدى سوريا بين عامي 2011 و2014، في واحدة من أكثر الفترات توتراً في تاريخ العلاقات بين البلدين، إذ تزامنت فترة عمله مع اندلاع الثورة السورية. وعُرف بمواقفه الجريئة، وكان أول دبلوماسي غربي يزور مدناً سورية مثل حماة في بدايات الثورة، في خطوة أثارت غضب النظام السوري ودفعت واشنطن لاحقاً إلى سحبه لأسباب أمنية.
وبعد تقاعده من السلك الدبلوماسي بقي فورد من أبرز الأصوات النشطة في الملف السوري في الأوساط الأميركية، ويعمل حالياً باحثاً في عدد من مراكز الفكر والسياسات.

وفي سياق متصل أقرّ المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا سابقاً جيمس جيفري في تصريحات إعلامية بأن علاقة أميركا بالشرع قديمة منذ أن كان اسمه الجولاني.

وفي تصريحات صحفية سابقة كشف جيفري عن أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أسهم في إنقاذ الشرع وصعوده إلى السلطة لاحقاً، بعدما وجه في سبتمبر 2018 رسالة صارمة للأسد وروسيا وإيران منعت هجوماً وشيكاً على إدلب، وقرر إرسال المساعدات إليها.