إغلاق "سوق السبت" في الغيل تورصة بالأزارق: شريان حياة يختنق ومعاناة الأهالي تتفاقم في صمت
في مفارقة صادمة تبرز حجم المعاناة التي يكابدها المواطنون في منطقة الغيل - بلاد الأحمدي، تتواصل فصول الأزمة مع الإغلاق المستمر لـ "سوق السبت الأسبوعي". هذا السوق الشعبي، الذي كان على مدار ثلاثة عقود شريانًا حيويًا لتلبية احتياجات أهالي غيل تورصة بالأزارق – محافظة الضالع – من المواد الغذائية والخضراوات الطازجة بأسعار معقولة، وكان قد أسسه الشيخ محمد محمود عواس، تحوّل اليوم إلى مجرد ذكرى مؤلمة، مخلفًا وراءه أسئلة حارقة حول أولويات المسؤولين وتأثير قراراتهم على حياة آلاف الأسر.
من منطقة حيوية إلى عبء ثقيل: معاناة المواطن
بينما كان "سوق السبت الشعبي" يمثل نموذجًا فريدًا للاقتصاد المحلي القائم على خدمة الجميع بكفاءة ويسر، يجد سكان الغيل أنفسهم اليوم تحت وطأة عناء السفر المضني إلى مدينة الضالع لتأمين أبسط احتياجاتهم. هذه الرحلة، التي كانت غير ضرورية في السابق، أصبحت تزيد بشكل كبير من الأعباء المادية والمعيشية على كاهل الأسر المنهكة.
ولم يقتصر التأثير السلبي لهذا الإغلاق على المستهلكين فحسب، بل امتد ليشمل المواطنين الذين كانوا يعتمدون على السوق لبيع سلعهم ومنتجاتهم. فبدلًا من سهولة البيع والشراء، أصبح المواطن الذي يرغب في بيع مواشيه، على سبيل المثال، مضطرًا للخضوع لإجراءات بيروقراطية مرهقة وشروط مجحفة.
يسرد عبده صالح، أحد مربي المواشي في المنطقة، المعاناة اليومية التي يكابدها المزارعون والرعاة البسطاء بمرارة: "إذا أراد الراعي بيع مواشيه، يضطر للتواصل مع شخص من محافظة لحج يُدعى عقيل، وتستمر هذه المراسلات لأسبوع كامل لمجرد الترتيب لعملية البيع، ليأتي في النهاية ويأخذها بنصف ثمنها الأصلي". هذا الواقع لا يعكس فقط فقدان سوق حيوي، بل يشير إلى تدهور مريع في حرية التجارة وارتفاع غير مسبوق في أعبائها، مما يهدد سبل عيش الكثيرين.
تساؤلات حارقة حول القرار وأولويات المسؤولين
إن ما حدث في المنطقة، من إغلاق سوق كانت تخدم أكثر من خمسة آلاف نسمة، وتحويله إلى نظام يعيق التجارة ويزيد من أعباء الناس، يدعو إلى التساؤل بمرارة عن الأولويات الحقيقية لمن اتخذ هذا القرار. هل كانت الغاية هي تنظيم السوق؟ أم تضييق الخناق على المواطن والتاجر على حد سواء؟
تذكر مصادر محلية أن السوق أُغلق قبل أربع سنوات عقب هجوم شنته المليشيات الحوثية على أطراف مديرية الأزارق في منطقة تورصة، وتم دحرهم منها في نفس الوقت. لكن المفارقة الصادمة أن السوق ظل مغلقًا حتى الآن، دون أي مبرر منطقي، مما يثير الشكوك حول الدوافع الحقيقية وراء استمرار هذا الإغلاق. ويقول الأهالي بعد توقف السوق: "غابت عنا الخضراوات والفواكه وكثرت حالات سوء التغذية عند الأطفال نتيجة لعدم وجود سوق بديل في المنطقة".
نداء عاجل من أهالي منطقة تورصة لإعادة "سوق السبت الشعبي"
في ظل هذه المعاناة، يطالب أهالي الغيل بإعادة النظر الفورية في هذا القرار الذي أضر بمصالحهم بشكل بالغ، متسائلين بمرارة: "الله يزكي عقولكم يا أهالي الغيل!"
وقد ناشد الأهالي المشايخ والوجهاء، وخاصة الشيخ عبد الجليل عواس، بالتدخل العاجل والتنسيق مع الجهات المعنية والتجار لإعادة فتح السوق الشعبية التي كانت تمثل عصب الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة.
فهل من مجيب لنداء هؤلاء الأهالي الذين يرغبون في استعادة سوقهم الذي كان يخدمهم؟ وهل ستتحرك الضمائر لإعادة الأمل إلى آلاف الأسر المتضررة من هذا الإغلاق غير المبرر؟