بعد التوصل إلى اتفاق.. ماذا خسر الحوثيون والأميركيون
على مدار 52 يوما، خاضت جماعة الحوثي صراعا مريرا مع التحالف الأميركي الذي استأنف هجماته على اليمن في 15 مارس الماضي، قبل أن يُعلن عن وقف إطلاق النار بين الجانبين بوساطة عمانية.
والثلاثاء، أعلنت وزارة الخارجية العمانية أن اتصالات أجرتها مسقط مع الولايات المتحدة وجماعة الحوثي أسفرت عن “اتفاق على وقف إطلاق النار بين الجانبين”.
وسبق ذلك بساعات إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في تصريحات صحفية، أن جماعة الحوثي “أبلغت واشنطن بأنها لن تنفذ أيّ هجمات إضافية على السفن التجارية، وأن الولايات المتحدة ستوقف بدورها الهجمات على اليمن”.
واعتبرت جماعة الحوثي الاتفاق “انتصارا”، نافية مزاعم أميركية تحدثت عن طلبها وقف القصف أو أنها استسلمت بفعل الضربات الأميركية.
ولا يشمل هذا الاتفاق إسرائيل التي فوجئت به، فيما توعد رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، مساء الأربعاء، بشن المزيد من الهجمات على اليمن حتى دون مشاركة “الأصدقاء الأميركيين”، بينما أكدت جماعة الحوثي، في أكثر من بيان، استمرار عملياتها المساندة لغزة وتوعّدت إسرائيل بالعقاب.
◄ الحرب مع الحوثيين كلفت الجيش الأميركي الآلاف من القنابل والصواريخ، فضلا عن إسقاط 7 طائرات مسيّرة، وغرق مقاتلتين حربيتين
وفي ظل هذه التطورات المفاجئة، يُثار تساؤل حول ما الذي خسره الحوثيون والولايات المتحدة خلال هذه الفترة من الصراع؟
فيما يلي عرض لحصيلة هذا الصراع الدامي الذي شمل غارات أميركية مكثفة وهجمات حوثية متكررة:
• خسائر الولايات المتحدة
تكبّدت الولايات المتحدة خسائر مادية كبيرة خلال هذه الحملة على الحوثيين، رغم أن مدتها لم تصل إلى شهرين، وفق ما ذكره إعلام أميركي. فقد نقلت شبكة “إن بي سي” الإخبارية عن مسؤولين أميركيين الخميس، أن الحرب على الحوثيين كلّفت الولايات المتحدة أكثر من مليار دولار منذ مارس الماضي.
وأفاد المسؤولون بأن الحرب مع الحوثيين كلفت الجيش الأميركي الآلاف من القنابل والصواريخ، فضلا عن إسقاط 7 طائرات مسيّرة، وغرق مقاتلتين حربيتين.
واعتبر المسؤولون أن الجهود في عهد ترامب ضد الحوثيين جاءت بتكلفة باهظة واستنزفت المخزونات الأميركية.
وبخلاف الخسائر العسكرية، تعاني الولايات المتحدة من خسائر اقتصادية أخرى جراء عرقلة الحوثيين حركة الملاحة في البحر الأحمر، لكن لا تتوفر أرقام بشأن تلك الخسائر خلال الفترة منذ مارس الماضي.
ووفقا لمقال نُشر على الموقع الرسمي للبيت الأبيض بعنوان “الرئيس ترامب يتصدى للإرهاب ويحمي التجارة الدولية”، خلفت أعمال “قطع الطريق” بالبحر الأحمر خسائر مالية كبيرة، إذ أدت إلى انخفاض حاد في حركة الشحن البحري عبر البحر الأحمر، من 25 ألف سفينة سنويا قبل الأزمة إلى نحو 10 آلاف سفينة فقط، بانخفاض قدره 60 في المئة.
وأجبرت الهجمات “حوالي 75 في المئة من السفن المرتبطة بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة، على إعادة توجيه مساراتها” حول قارة أفريقيا بدلا من عبور البحر الأحمر.
وأدى ذلك إلى إضافة نحو 10 أيام لكل رحلة، وتكاليف وقود إضافية تقدر بنحو مليون دولار لكل رحلة.
ووفقا لبيان البيت الأبيض، تسببت هذه الهجمات، التي أدت إلى ارتفاع أسعار الشحن، في زيادة معدلات التضخم العالمي للسلع الاستهلاكية بنسبة تتراوح بين 0.6 و0.7 في المئة عام 2024.
وتحطمت مقاتلة من طراز F/A-18F Super Hornet في البحر الأحمر، في 6 مايو الجاري بعد فشل نظام التوقيف أثناء محاولة هبوط على متن الحاملة. وتمكن الطياران من القفز بالمظلات وتم إنقاذهما، لكنهما أصيبا بجروح طفيفة.
وقبل ذلك في 28 أبريل الماضي، سقطت مقاتلة أخرى من طراز F/A-18E في البحر أثناء مناورات لتجنب نيران محتملة من الحوثيين. وجراء ذلك، أُصيب أحد أفراد الطاقم بجروح طفيفة.
• خسائر الحوثيين
تكبدت جماعة الحوثي خسائر مادية كبيرة جراء الهجمات الأميركية والإسرائيلية، دون وجود إحصائية إجمالية، باستثناء الخسائر الناجمة عن تدمير مطار صنعاء الدولي بغارات إسرائيلية الثلاثاء الماضي.
وأفاد مدير مطار صنعاء خالد الشايف، في تصريحات نقلتها قناة “المسيرة” التابعة للجماعة، أن خسائر الهجوم الإسرائيلي على المطار تُقدّر بنحو 500 مليون دولار.
وأوضح أن إسرائيل “دمّرت صالات مطار صنعاء بكل ما تحويه من أجهزة ومعدات، إلى جانب تدمير مبنى التموين بالكامل، و6 طائرات، 3 منها تابعة لشركة الخطوط الجوية اليمنية”.
كما تسبب غارات إسرائيلية على ميناء الحديدة الإستراتيجي (غرب) مساء الاثنين في وقف العمل به، قبل أن تعلن الجماعة استئناف الملاحة عبره الخميس.
وفي 17 أبريل الماضي، أعلنت جماعة الحوثي سقوط 80 قتيلا و150 جريحا جراء غارات أميركية استهدفت منشآت تخزين وضخ الوقود بميناء رأس عيسى النفطي بمحافظة الحديدة، ما أدى إلى تدميرها وخلق أزمة وقود في مناطق سيطرة الجماعة استمرت لأيام.
كذلك، تم تدمير مصنع إسمنت باجل في الحديدة ومصنع إسمنت عمران (شمال) بغارات إسرائيلية، دون تحديد كلفة الخسائر.
وفيما يتعلق بالضحايا المدنيين، تم رصد مقتل نحو 280 مدنيا في عدة محافظات يمنية، فضلا عن إصابة المئات، بغارات أميركية أو إسرائيلية.
من جانبها، ادعت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم)، في 25 أبريل، أن ضرباتها “قتلت مئات من مقاتلي الحوثي وعددا من قادتهم”.
وأضافت، في بيان أن عدد قتلى الحوثيين تجاوز 650 قتيلا.
وأشارت إلى أن “إطلاق الجماعة لصواريخ باليستية انخفض بنسبة 87 في المئة، بينما انخفضت الهجمات بالطائرات المسيّرة ذات الاتجاه الواحد بنسبة 65 في المئة منذ بدء العمليات”.
وأعلن زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، مساء الخميس، في كلمة مصورة، أن إجمالي عمليات الجماعة المساندة لغزة خلال هذه الفترة بلغ أكثر من 131 عملية.
وأضاف أن هذه العمليات “تم تنفيذها باستخدام 253 صاروخا باليستيا ومجنحا وفرط صوتي وطائرات مسيّرة،” معتبرا أن هذا العدد الكبير من الهجمات تم رغم “العدوان الأميركي المكثف على اليمن”.
كما أعلن الحوثي أن “عمليات القصف الجوي والبحري الأميركي على اليمن منذ 15 مارس بلغت أكثر من 1712 غارة وضربة بحرية”.
في المقابل، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، في 29 أبريل، “تنفيذ 1000 ضربة منذ منتصف مارس قتلت مقاتلين وقادة حوثيين وأضعفت قدراتهم”.