مذكرة تفاهم بين حكومة الدبيبة والبنك الدولي لتطوير المؤسسات في ليبيا
وقّعت حكومة الوحدة الوطنية الليبية على مذكرة تفاهم مع البنك الدولي في العاصمة الأميركية واشنطن، بهدف تعزيز الدعم الفني والاستشاري وبناء القدرات المؤسسية في ليبيا.
وجاءت المذكرة تتويجا للاجتماع الذي جمع رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة مع نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عثمان ديون، في فبراير الماضي، والتي تعد خطوة بارزة نحو استئناف التعاون المباشر بين ليبيا والبنك الدولي بعد أكثر من عقد من التوقف.
وتستهدف دعم ليبيا في مجالات إصلاح المالية العامة، التحول الرقمي، وتعزيز القطاع الخاص، وتحسين بيئة الأعمال، بالإضافة إلى تمكين الشباب الليبي من خلال برامج تدريب وتأهيل وتوفير فرص توظيف داخل مؤسسات البنك الدولي.
ووقّع المذكرة رئيس الفريق التنفيذي لمبادرات الرئيس والمشروعات الإستراتيجية وعضو مجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار مصطفى المانع، بحضور عدد من المسؤولين، بينهم وزير النفط والغاز المكلف خليفة عبدالصادق، ومدير إدارة المؤسسات المالية بوزارة المالية ونائب محافظ ليبيا في البنك الدولي، ووكيل وزارة الاقتصاد والتجارة، ورئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للطاقات المتجددة، بالإضافة إلى عدد من ممثلي وزارات المالية والاقتصاد والنفط والمجلس الوطني للتطوير الاقتصادي والاجتماعي.
وحضر عن البنك الدولي عدد من المدراء الإقليميين المختصين في مجالات التنمية البشرية، التنمية المستدامة، التحول الرقمي، ومؤسسة التمويل الدولية (IFC)، إلى جانب نائب الرئيس عثمان ديون الذي أعرب عن سعادته بإعادة افتتاح مكتب البنك الدولي في ليبيا، مؤكدا أن البنك يسعى لدعم ليبيا في انتقالها إلى التنمية المستدامة.
وفي الأثناء، التقى محافظ مصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى بنائب رئيس البنك الدولي لشؤون الاستثمار خورخي فاميليار، في مقر البنك بالعاصمة الأميركية واشنطن، بحضور عدد من مدراء الإدارات المعنية، وتناول اللقاء سبل تعزيز التعاون المشترك في مجالات تدريب وتأهيل موظفي مصرف ليبيا المركزي، وتطوير قدراتهم في أساليب الاستثمار وتحليل الأسواق المالية العالمية، إلى جانب إطلاق برامج لبناء وتكوين القيادات بما ينسجم مع الرؤية المستقبلية للمصرف.
وفي ديسمبر الماضي، قدر تقرير للبنك الدولي خسائر الاقتصاد الليبي بـ600 مليار دولار خلال 10 سنوات بالقيمة الثابتة للدولار في العام 2015، وأشار إلى الاتجاهات الاقتصادية في ليبيا على مدى العقد الماضي، لافتا إلى الآثار الشديدة لحالة عدم الاستقرار المستمر، متوقعا أن يشهد الاقتصاد الليبي استقرارا، وذلك في أعقاب الاتفاق الذي أنهى أزمة القيادة في مصرف ليبيا المركزي والذي أدى إلى انتعاش كبير في إنتاج النفط.
وأوضح المدير الإقليمي لمنطقة المغرب العربي ومالطا بالبنك الدولي أحمدو مصطفى ندياي أن “ليبيا تواجه في المدى المتوسط تحدي تنويع اقتصادها والحد من اعتمادها على الهيدروكربونات.”
واعتبر أن الاستقرار وتحسين الحوكمة سيشكلان عنصرين أساسيين للتعافي الاقتصادي في ليبيا، كما يتضح من الخسائر الاقتصادية الفادحة الناجمة عن عدم الاستقرار في السنوات الأخيرة، مردفا أن “من خلال التصدي للمخاطر التي تشكلها الظواهر المناخية المتطرفة، يمكن لليبيا حماية بنيتها التحتية، وضمان تقديم الخدمات، والحفاظ على الاستقرار المالي، مما يمهد الطريق لمستقبل مزدهر وقادر على الصمود.”
البنك الدولي قدر خسائر الاقتصاد الليبي بـ600 مليار دولار خلال 10 سنوات بالقيمة الثابتة للدولار في 2015
وفي السياق، اجتمع وزير النفط والغاز المكلف بحكومة الوحدة خليفة عبدالصادق بكبير مستشاري الرئيس الأميركي مسعد بولس، لبحث سبل تطوير الشراكات الليبية الأميركية في قطاعي النفط والغاز.
وبحث الجانبان خلال اللقاء الذي عقد بالعاصمة الأميركية واشنطن تعزيز التعاون الثنائي بين ليبيا والولايات المتحدة في مجال الطاقة، وناقشا فرص الاستثمار في مشاريع الطاقات المتجددة، في ظل توجه ليبيا نحو تنويع مصادر الطاقة.
واستعرض عبدالصادق خطة الحكومة لزيادة الإنتاج النفطي، بما يواكب تطلعات السوق العالمية، إلى جانب رفع معدلات تصدير الغاز لدعم الاستقرار في الإمدادات العالمية، وأكد أهمية استمرار التنسيق الفني والاستثماري بين المؤسسات الليبية والأميركية، وفتح آفاق جديدة للتعاون بما يخدم مصالح البلدين.
واعتمد الدبيبة رسميا 14 إستراتيجية وطنية أعدها المجلس الوطني للتطوير الاقتصادي والاجتماعي، وذلك خلال مشاركته في فعاليات الدورة الأولى للمنتدى الاقتصادي الليبي، الذي انطلقت أعماله مؤخرا.
وتهدف هذه الإستراتيجيات إلى إحداث نقلة نوعية في عدد من القطاعات الحيوية، من خلال خطط إصلاح وتطوير شاملة، تتماشى مع التحديات الاقتصادية الراهنة وطموحات النمو المستقبلي في ليبيا، وتغطي مجالات متعددة من بينها تحديث منظومة التخطيط العمراني، وتطوير البنية التحتية لقطاع المواصلات والنقل، إضافة إلى تعزيز الأمن المائي عبر إستراتيجية وطنية متكاملة، والتحول الرقمي في مؤسسات الدولة، ووضع إطار وطني لمهارات ووظائف المستقبل بما يلبي احتياجات سوق العمل المتطور.
وشملت الخطط إصلاح قطاع الصناعة من خلال تبني نهج الإنتاج الأنظف، وإدارة الموارد المعدنية بكفاءة، وتطوير قطاع النفط والغاز، إلى جانب تحسين إدارة الطاقة الكهربائية وتعزيز استخدام الطاقات المتجددة.
ومن بين الإستراتيجيات الأخرى التي تم اعتمادها، سياسة تنويع مصادر الدخل الوطني، وتحديث قطاع التأمين، وتنظيم عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ودعم ريادة الأعمال والمشروعات الناشئة، بالإضافة إلى العمل على تحسين بيئة الأعمال والاستثمار في البلاد.
وأكد المجلس الوطني للتطوير الاقتصادي والاجتماعي أنه سيقوم بنشر تفاصيل هذه الإستراتيجيات على موقعه الإلكتروني خلال الفترة القريبة المقبلة، لإطلاع المواطنين والجهات المعنية على ملامحها وآليات تنفيذها.