بقاء محمد صلاح مع ليفربول يمنع توترا رياضيا بين مصر والسعودية
بينما ينتظر عشاق الكرة والنجم المصري في الدوري الإنجليزي حسم موقفه من البقاء مع ليفربول من عدمه، يتخوف كثيرون من انتقاله المحتمل إلى الدوري السعودي وإمكانية تأثيره على توتر الأجواء بين جماهير الكرة في البلدين، وربما الشعبين المصري والسعودي، مع وجود تاريخ طويل من الحساسيات الرياضية بين البلدين.
وذكرت بعض التقارير أن النجم المصري تلقى عروضا خرافية من أندية سعودية، ضمن حملة استقطاب نجوم الصف الأول في أوروبا للعب في دوري “روشن”، وتحدثت التقارير عن تفاصيل العروض، فذكرت أن نادي اتحاد جدة قدم عرضا لليفربول في بداية موسم 2023 – 2024 للتخلي عن محمد صلاح مقابل 150 مليون جنيه إسترليني، وهو العرض الذي قوبل بالرفض من النادي الإنجليزي.
ثم دخل نادي الهلال على خط المفاوضات في بداية الموسم الحالي، وفي انتقالات يناير الماضي لإغراء صلاح بالانضمام إليه كلاعب حر بنهاية الموسم الحالي، مقابل 65 مليون جنيه إسترليني للانضمام إليه لمدة موسمين، والمشاركة في كأس العالم للأندية، المقرر أن تقام في صيف العام الحالي، ولن يشارك فيها ليفربول، لكن قائد المنتخب المصري فضل إرجاء المفاوضات حتى انتهاء الموسم ومعرفة موقف النادي الإنجليزي من تجديد عقده وفقا لشروط اللاعب نفسه.
النجم المصري تلقى عروضا خرافية من أندية سعودية ضمن حملة استقطاب نجوم الصف الأول في أوروبا للعب في دوري "روشن"
وتتركز المخاوف من توتر الأجواء بين شعبي مصر والسعودية في الانتقادات المحتملة للنجم المصري، حال انتقاله إلى ناد سعودي، سواء من جماهير الفرق المنافسة أو من جمهور فريقه نفسه حال إخفاقه في تلبية طموحاتهم العالية منه، واستقبال الشعب المصري لهذه الانتقادات، وتباري البعض في الرد عليها بعنف قد يصل حد الصدام.
وعلّق علاء نبيل المدير الفني للاتحاد المصري لكرة القدم على تلك المخاوف، قائلا “جمهور الكرة المصرية يضع محمد صلاح في مكانة أسطورية لم يصل إليها أي لاعب مصري من قبل بفضل أرقامه القياسية مع ليفربول التي لم يصل إليها لاعب عربي أو أفريقي في تاريخ الدوري الإنجليزي، ولهذا يتعامل معه باعتباره ثروة قومية وليس مجرد لاعب كرة.”
وأضاف لـ”العرب” أن الجمهور يمكن أن يتقبل انتقاد مستوى صلاح الفني من الجمهور والإعلام الرياضي السعودي، لكن الخوف من أن تلجأ قلة غير واعية من الجماهير هناك إلى السخرية من مستوى اللاعب مستخدمة أشياء تمس المصريين بشكل عام مثل الإشارة إليه بكلمة “طعمية” (وهي أكلة شعبية مصرية اعتادت الجماهير الكروية في السعودية الإشارة إليها للسخرية من الفرق المصرية).
ويرى نبيل أن ذلك الخروج عن الإطار الرياضي يمكن أن يخلق توترا كبيرا بين الجمهور الكروي في البلدين، لأن المصريين بدورهم سوف يسخرون من طباع السعوديين، بالتالي تسخن الأجواء بدرجة غير مرغوبة من قيادتي البلدين. وكان المستشار تركي آل الشيخ رئيس هيئة الترفيه السعودية أشعل الأجواء بين الجماهير الكروية في يناير الماضي، حين نشر على حساباته الرسمية في مواقع التواصل الاجتماعي صورة معدلة لصلاح مرتديا قميص الهلال السعودي، وتحتها 3 صور تعبيرية، فهم منها أن اللاعب أنهى تعاقده بالفعل مع حامل لقب دوري روشن.
وكان المنشور الذي تجاوز المتفاعلين معه حاجز الـ17 مليون شخص، على مختلف المنصات، وتم حذفه لاحقا، رسالة تحذير من السجالات العنيفة المحتملة بين الجماهير السعودية والمصرية، وبادر الآلاف من المصريين من متابعي حساب رئيس هيئة الترفيه لتكذيب خبر انتقال صلاح رسميا إلى الهلال، وعلق بعضهم موجها حديثه للمستشار السعودي فقال “أنت بتحلم.”
ولم يلق الخبر تفاعلا إيجابيا في المجمل من جمهور الكرة المصري، حيث اعتبره البعض نهاية لمشوار صلاح الاحترافي الكبير في أوروبا، ونجاحه في أن يصبح أفضل هداف غير أنجليزي في تاريخ “البريمير ليغ”، وطالبه البعض الآخر بإصرار شديد بالبقاء في ليفربول، ولو كان المقابل تخفيض راتبه، وبالغ فريق ثالث ليصل إلى القول إن صلاح أكبر من الهلال والاتحاد وكل الأندية السعودية.
وتباين استقبال جمهور الكرة في السعودية للخبر، حيث رحب البعض بانضمام صلاح إلى كوكبة النجوم العالميين الذين ينشطون في الدوري السعودي، وحاول البعض الآخر السخرية بالقول إن المصريين بعد انضمام صلاح سيقولون إنهم طوروا الرياضة السعودية، واتجه آخرون للمبالغة في السخرية محذرين نادي الهلال من انتشار “رائحة الفسيخ” وهو نوع من السمك المخزن له رائحة نفاذة، ويتناوله المصريون عادة في الأعياد.
وقال لطفي الزعبي الإعلامي الأردني ورئيس قسم الرياضة في قناة “المشهد” إن من البديهي أن لاعب بحجم وشعبية محمد صلاح سيواجه ضغوطا وتوقعات عالية في أي دوري يلعب فيه، ليس فقط من جمهور فريقه الجديد، وإنما من مشجعيه ومحبيه في بلده الأم مصر الذين اعتادوا رؤيته يتألق في مستويات تنافسية كبرى.
وأي تراجع في مستوى صلاح قد يثير موجة من الانتقادات، وهو أمر طبيعي يحدث مع معظم النجوم الكبار، كما رأينا مع كريستيان رونالدو وكريم بنزيمة وغيرهما، سواء حينما كانوا في أوروبا أو بعد انتقالهم للعب في دوري روشن السعودي، ونتذكر طبعا حجم الانتقادات التي يتعرض لها رونالدو تحديدا منذ انضمامه إلى النصر.
أما عن احتمالية حدوث سجال بين الجماهير المصرية والسعودية بسبب صلاح، فيرى الزعبي أن ذلك يعتمد على طبيعة الأداء والمستوى الفني، فإذا قدم صلاح أداء مميزا واستطاع أن يكون عنصرا حاسما سيحظى بتقدير وإشادة من الجميع، لكن في حال تذبذب مستواه فقد يواجه انتقادات، وهو ما قد يؤدي إلى بعض التوتر الجماهيري، خاصة مع وجود حساسية طبيعية في أي نقاش حول النجوم الكبار. وحذر الزعبي في حديثه لـ”العرب” من دور وسائل التواصل الاجتماعي في تسخين الأجواء، وقد تأخذ الأمور منحى عاطفيا أكثر وتؤدي إلى احتكاك بين الجماهير.
وعن سبب عدم حدوث توتر بين جماهير الكرة في البلدين من قبل رغم وجود نجوم مصريين كثر في الأندية السعودية، أرجع الزعبي ذلك إلى الرمزية التي يمثلها محمد صلاح، بخلاف لاعبين مثل أحمد حجازي أو حسني عبدربه أو محمود كهربا، فصلاح رمز كبير، ومكانته كأحد أفضل لاعبي العالم يجعل أي نقاش حوله أكثر حدة، ويشير إلى أن أحمد حجازي مثلا لاعب مهم ودولي ولعب في أوروبا من قبل، لكنه ليس في نفس الفئة الإعلامية لصلاح، ولم يكن هناك تركيز كبير على أدائه خارج دائرة مشجعي فريقه.