بعد 9 أشهر في الفضاء.. صحة رواد ناسا في مهب الريح

وكالة أنباء حضرموت

بعد قضاء تسعة أشهر مرهقة في الفضاء، عاد رائدا الفضاء بوتش ويلمور وسوني ويليامز أخيرا إلى الأرض. لكن خبراء الصحة يحذرون من أن بقاءهما غير المخطط له على محطة الفضاء الدولية أدى إلى آثار صحية خطيرة.

وعند خروج ويليامز (59 عاما) وويلمور (62 عاما) من كبسولة "Crew Dragon" التابعة لشركة سبيس إكس، هرعت الفرق الطبية لمساعدتهما على النقالات، إذ يُعد هذا الإجراء أمرا طبيعيًا لرواد الفضاء العائدين نظرا لضعف عضلاتهم بعد الفضاء مما يجعل من الصعب عليهم المشي في ظل جاذبية الأرض.

ومع بدء الفحوصات الطبية المكثفة في مركز جونسون التابع لناسا، لاحظ الخبراء بالفعل علامات واضحة على تدهور الحالة الجسدية للرائدين. وقد عبر الأطباء عن قلقهم سابقًا من فقدان الوزن الملحوظ لديهما، وأكدوا أن الآثار الصحية قد تستمر لسنوات.

تدهور العضلات والعظام
أحد أبرز الآثار الصحية التي عانى منها الرواد هو التدهور السريع في قوة العضلات وكثافة العظام. في بيئة الفضاء الخالية من الجاذبية، لا تعمل العضلات والعظام كما تعمل على الأرض، مما يؤدي إلى ضعف واضح مع مرور الوقت.

وأظهرت الاختبارات الأولية التي أجريت على الرواد بعد عودتهم علامات على ضمور العضلات وفقدان كبير في كثافة العظام، وهي مشكلة شائعة لدى رواد الفضاء الذين يمكثون لفترات طويلة في الفضاء.

مشاكل الجهاز القلبي الوعائي
إلى جانب التدهور العضلي والعظمي، يعاني رواد الفضاء عادة من تغيرات في وظائف الجهاز القلبي الوعائي. فالبقاء في بيئة خالية من الجاذبية يؤدي إلى توزيع غير طبيعي للسوائل في الجسم، مما قد يؤدي إلى تضخم القلب وارتفاع ضغط الدم، وكشفت الاختبارات التي أجريت على الرواد عن اضطرابات في معدل ضربات القلب ومؤشرات أولية لاحتمالية حدوث مضاعفات مستقبلية تتعلق بالضغط على القلب والأوعية الدموية.

تأثيرات على الجهاز العصبي والتوازن
التأثير على الجهاز العصبي والتوازن يعد من أخطر المشاكل الصحية التي يعاني منها رواد الفضاء بعد عودتهم إلى الأرض، إذ تحدث اضطرابات في الجهاز الدهليزي، المسؤول عن التوازن والتحكم في الحركة. ونتيجة لذلك، يواجه الرواد صعوبات في الوقوف والمشي فور عودتهم، ويتطلب ذلك عادة عدة أسابيع من إعادة التأهيل لاستعادة توازنهم الطبيعي.

مشكلات في النظر
دراسات سابقة أظهرت أن التعرض الطويل للفضاء قد يؤدي إلى تغييرات دائمة في البصر، نتيجة لتغير توزيع السوائل داخل الجسم الذي يؤثر على شكل العين والضغط داخلها. وقد أبلغ بعض الرواد عن مشاكل في الرؤية، وأظهرت الفحوصات وجود تغيرات في شكل العين والضغط داخلها، ما يتطلب متابعة دقيقة لتحديد مدى التأثير الطويل الأمد على قدرتهم البصرية.

التأثيرات النفسية
التحديات النفسية لم تكن أقل خطورة. فقد عانى الرواد من العزلة الطويلة والبيئة المغلقة التي عاشوا فيها لفترة تتجاوز المخطط لها، مما أدى إلى ضغوط نفسية حادة، و رغم أنهم تدربوا مسبقًا على التعامل مع هذه الظروف، فإن التأثيرات النفسية كانت واضحة عند عودتهم، وشملت شعورًا بالقلق والإرهاق النفسي، إضافة إلى تأثيرات أخرى تتعلق بالصحة العقلية.

جهود التعافي والرعاية الصحية
وحالياً، يخضع الرواد لبرنامج شامل لإعادة التأهيل الجسدي والنفسي، حيث يقوم الأطباء بمراقبة حالتهم الصحية عن كثب وتقديم الرعاية اللازمة لمساعدتهم في التعافي من الآثار السلبية التي خلفتها الإقامة الطويلة في الفضاء، وهذا يشمل برامج إعادة التأهيل البدني لاستعادة قوة العضلات وكثافة العظام، بالإضافة إلى جلسات نفسية لتخفيف آثار العزلة والإجهاد.

مستقبل المهمات الفضائية الطويلة
زهذه التجربة تسلط الضوء على التحديات الصحية الكبيرة التي يواجهها البشر في الفضاء، خصوصا مع تزايد الطموحات بشأن إرسال بعثات طويلة إلى المريخ أو إلى وجهات أخرى في النظام الشمسي.

ومع تزايد الحاجة لفهم أفضل لآثار الفضاء على جسم الإنسان، تسعى ناسا ووكالات الفضاء الأخرى إلى تطوير تقنيات جديدة للتخفيف من هذه الآثار وحماية صحة الرواد في المستقبل.