توفير المواد الأساسية والتحكّم في أسعارها خارج سيطرة الحكومة اليمنية
وجّه رئيس الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا أحمد عوض بن مبارك السلطات المحلية في المحافظات الخاضعة للشرعية اليمنية بمراقبة “الوضع التمويني والسعري” للسلع الأساسية.
وخلا ذلك التوجيه الذي جاء بمناسبة حلول شهر رمضان من ذكر أي إجراءات عملية محدّدة، وذلك في مظهر على قلّة خيارات الحكومة وضعف قدراتها ووسائلها في مواجهة الوضع الاقتصادي والمعيشي بالغ السوء حيث وصلت عملية تزويد الأسواق بالسلع والمواد الأساسية والتحكّم بأسعارها مرحلة خروج شبه كامل عن سيطرة السلطات.
◄ اسطوانات الغاز في المدينة الساحلية تحوّلت إلى سلعة نادرة يجري تداولها في السوق السوداء بأضعاف سعرها المعتاد
وشدد رئيس الحكومة في اتصالات هاتفية مع محافظي حضرموت وشبوة والحديدة وتعز وسقطرى وأبين والضالع والمهرة على “أهمية مضاعفة الجهود لتخفيف معاناة المواطنين المعيشية وتحسين الخدمات.”
وتتفاوت أوضاع السكّان بين تلك المحافظات التي يمتلك بعضها مقدّرات مادية وثروات باتت تسيطر عليها قوى محلية وتمنع نقلها وتحويل إيراداتها للحكومة ولباقي مناطق الشرعية وهو ما يتجسّد في تعطيل تجمعات قبلية في حضرموت ومأرب لنقل مشتقات النفط الأمر الذي خلق أزمة حادّة في غاز الطهي والوقود المخصّص لتوليد الكهرباء في بعض المناطق.
وأكد بن مبارك على دعم الحكومة الكامل لقيادات السلطات المحلية في جهودها المبذولة للقيام بواجباتها ومسؤولياتها في هذه الظروف الاستثنائية.
وأشار إلى أهمية تلمس معاناة المواطنين والتركيز على الأولويات العاجلة في المجالات الخدمية المتصلة بحياة ومعيشة المواطنين اليومية، إضافة إلى تثبيت الأمن والاستقرار.
وتزامن حلول شهر رمضان مع عودة قيمة عملة الريال المحلية إلى مسار التراجع بعد فترة وجيزة من التحسّن الطفيف حيث بلغ سعر الدولار الأميركي الأحد في مناطق الشرعية اليمنية 2262 ريالا.
ويساهم انهيار قيمة العملة اليمنية في تعميق الأزمة الاجتماعية والإنسانية إذ يترافق مع ارتفاع مهول في نسبة التضخّم ويتسبّب في ازدياد أسعار السلع والمواد الأساسية وانهيارا مستمرا في المقدرة الشرائية للسكان.
وتلقي أزمة الريال اليمني بظلالها على الأمن الغذائي في مناطق الشرعية وفق تقرير حديث لبرنامج الغذاء العالمي جاء فيه أن العملة اليمنية تراجعت بنسبة ستة وعشرين في المئة على أساس سنوي وخسرت سبعة وأربعين في المئة من قيمتها منذ تعليق صادرات النفط الخام في أكتوبر 2022 بسبب استهداف الحوثيين لمنافذ التصدير البحرية في مناطق الشرعية ما أدى إلى خسائر تجاوزت ستة مليارات دولار في الإيرادات الحكومية.
وأشار البرنامج إلى أن هذا التدهور انعكس بشكل مباشر على الأسعار حيث ارتفعت تكلفة الوقود والمواد الغذائية إلى مستويات غير مسبوقة في يناير 2025 مما فاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية في البلاد.
وتجسّدت أزمة الوقود في ندرة الغاز المنزلي مع دخول شهر رمضان، وتأثرت بالأزمة مدينة المكلاّ مركز محافظة حضرموت بشرق البلاد وذلك بعد أن أوقفت عناصر قبلية بشرق محافظة مأرب شحنات الغاز المتجهة إلى المحافظات الجنوبية.
وتحوّلت اسطوانات الغاز في المدينة الساحلية إلى سلعة نادرة يجري تداولها في السوق السوداء بأضعاف سعرها المعتاد.
ومحافظة مأرب هي إحدى أغنى محافظات اليمن بالمحروقات وتمثّل المزوّد الرئيسي لعدد من المناطق بالغاز، وبسبب ذلك تسبّب عدم قدرة الحكومة على السيطرة على الثروات الطبيعية وضبط حركة القبائل ووقف تمرّداتها في أزمة بتلك المادة الحيوية تضاف إلى أزمة الكهرباء التي شملت مؤخّرا عدن العاصمة المؤقتة للشرعية اليمنية.
وفوجئ سكان عدن مع دخول شهر رمضان، بندرة شديدة في مادة الغاز المنزلي وارتفاع سعر الأسطوانة الواحدة إلى ستة عشر ألف ريال في ظل عجز السلطات عن توفير الكميات المطلوبة.
ورصدت وسائل إعلام محلية لجوء بعض السكان إلى استخدام الحطب في طهي الطعام، في وقت أثّرت فيها الأزمة على عصب اقتصادي حيوي يتمثّل في حركة النقل، إذ أن الكثير من سواق عربات نقل السلع والأشخاص يعتمدون على الغاز في تشغيل مركباتهم.
كما اضطرت بعض المحلات التجارية المعتمدة على الغاز من مطاعم وغيرها إلى غلق أبوابها لتخسر بذلك موسم شهر رمضان الذي يعتبر مناسبة لها لمضاعفة نشاطها وتحقيق أرباح إضافية.
وعلّق الصحافي الجنوبي صالح العبيدي على أزمة الغاز بالقول إن الحصول على أسطوانة غاز أصبح أمرا عسيرا وذلك في دلالة على ما وصلت إليه عدن وأهلها من وضع معيشي وخدمي كارثي.
وأضاف في منشور على فيس بوك “حلم كل مواطن في عدن اليوم توفير أسطوانة غاز”.
كذلك شهدت محافظات أخرى أزمة غاز مماثلة من بينها محافظة تعز بجنوب غرب البلاد حيث عادت مشاهد الطوابير الطويلة والمواطنين الحاملين لاسطوانات الغاز الفارغة وهم يجولون في كل اتجاه بحثا عن المادة الثمينة إلى الظهور بقوّة.
وشكا السكان في تعز الندرة الشديدة في الغاز والارتفاع المهول في أسعاره، وألقى بعضهم باللائمة على الحكومة والسلطات المحلية معتبرا أن الأزمة ناتجة أيضا عن سوء تصرّف في الموارد وعدم قدرة على السيطرة على الثروات وتركها بأيدي سلطات موازية للدولة من بينها القبائل وكذلك المحتكرون وتجار الأزمات.