بعد زلزال مدريد.. بيب غوارديولا ينوي إعادة البناء
تحدث الإسباني بيب غوارديولا المدير الفني لمانشستر سيتي عن خططه للمستقبل وما يريده في الفترة المقبلة، بعد السقوط أمام ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا. وتلقى السيتي هزيمة ثقيلة أمام الميرينغي بنتيجة 3 – 1 في إياب الملحق المؤهل لدور الـ16 بالتشامبيونز ليغ، ليودع فريقه البطولة بخسارته 6 – 3 في مجموع المباراتين. وقال غوارديولا في تصريح صحفي “أريد البقاء هنا والاستمرار مع مانشستر سيتي، هذه هي خطتي بالتأكيد.”
وعما إذا كان مقتنعا بهذا، بحسب ما نشر فابريزيو خبير انتقالات اللاعبين والمدربين في أوروبا، رد غوارديولا “نعم، نعم، نعم”. ولا يمر السيتيزينز بأفضل أحواله هذا الموسم، حيث يعاني الفريق من سلسلة نتائج سلبية بجميع البطولات.
يعتقد ديتمار هامان، لاعب خط وسط فريق مانشستر سيتي السابق، أن النادي الإنجليزي والمدرب الإسباني غوارديولا يتجهان نحو الانفصال. وحقق مانشستر سيتي نتائج مخيبة للغاية خلال الموسم الحالي، بعد فترة طويلة ظل خلالها الفريق مسيطرا على كرة القدم الإنجليزية.
وخرج فريق غوارديولا بشكل كبير للغاية هذا الموسم من سباق المنافسة على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز، الذي توج به في المواسم الأربعة الأخيرة، كما ودع مبكرا بطولة دوري أبطال أوروبا منتصف الأسبوع، بعدما أخفق في التأهل للأدوار الإقصائية، بخسارته على يد ريال مدريد الإسباني (حامل اللقب). وساهمت الإصابة البالغة، التي أنهت موسم لاعب الوسط الإسباني الدولي رودري، في اهتزاز نتائج مانشستر سيتي بشدة، لكن أسماء لامعة أخرى عانت على أرض الملعب.
وكتب هامان، لاعب منتخب ألمانيا السابق، في عموده بشبكة “سكاي” في نسختها الألمانية “سيتعين عليك إجراء تغيير كبير ولدي شكوك قوية حول ما إذا كانت هذه الخطوة ممكنة مع غوارديولا.” وأضاف هامان “إذا كنت تريد إعادة بناء فريق، فأنت بحاجة إلى الصبر، ولكن أيضا الطاقة والحماس. ولا أرى ذلك في غوارديولا في الوقت الحالي.” وتوصل غوارديولا إلى اتفاق على تمديد عقده موسمين آخرين في أواخر العام الماضي، فيما ذكرت تقارير إعلامية أن هذا القرار كلفه زواجه.
وأجرى مانشستر سيتي عدة صفقات خلال فترة الانتقالات الشتوية الأخيرة، كان من بينها التعاقد مع المهاجم الدولي المصري عمر مرموش، غير أن هامان غير مقتنع بذلك. وشدد هامان “ربما يكون الانفصال هو أفضل شيء لكلا الطرفين.” وأصبح التتويج بلقب كأس الاتحاد الإنجليزي هو الأمل الوحيد لمانشستر سيتي من أجل تجنب الخروج خال الوفاض هذا الموسم، وذلك رغم مشاركته في بطولة كأس العالم للأندية الموسعة بالولايات المتحدة الصيف المقبل.
ذكريات إسطنبول
“ستظل لديهم ذكريات إسطنبول”، يعد هذا هو الشيء الإيجابي الوحيد الذي يمكن قوله بعد أن تحطمت آمال مانشستر سيتي في دوري أبطال أوروبا على يد ريال مدريد وكيليان مبابي. ولم يظهر فريق بيب غوارديولا بمستوى أقل فقط من بطل المسابقة 15 مرة، بل تعرض لاكتساح تام جسديا وذهنيا.
وعند مشاهدة ريال مدريد وهو يسير نحو فوز سهل (3 – 1)، وانتصار ساحق 6 – 3 في مجموع اللقاءين بالملحق المؤهل إلى ثمن النهائي، كان من السهل نسيان أن هذين الفريقين لم يتم فصلهما إلا بركلات الترجيح عندما التقيا في ربع نهائي العام الماضي.
كان فوز السيتي المذهل 4 – 0 على ريال مدريد في إياب نصف النهائي 2023 على ملعب الاتحاد، يبدو وكأنه حدث منذ زمن بعيد. والأربعاء في مدريد، افتقد فريق غوارديولا كل الإقناع الذي بلغ به نهائي إسطنبول في الموسم الماضي، وتوج من خلاله باللقب القاري الأول في تاريخه.
وشارك فقط أمام الريال 5 لاعبين ممن بدأوا المباراة النهائية ضد إنتر ميلان، وسرعان ما انخفض العدد إلى 4 بعد خروج جون ستونز مصابا في الدقيقة الـ8. وغاب إيرلينغ هالاند للإصابة، وبقي كيفن دي بروين على مقاعد البدلاء، وهو أوضح دليل على أن ذلك الفريق المرعب الذي أصبح ثاني ناد إنجليزي يحقق الثلاثية، بات جزءا من الماضي.
السيتيزينز لا يمر بأفضل أحواله في مسابقات هذا الموسم، حيث يعاني الفريق من سلسلة نتائج سلبية بجميع البطولات
وقال غوارديولا السبت الماضي إن لدى السيتي فرصة بنسبة 1 في المئة لقلب تأخره في الذهاب 3 – 2، ورغم تراجعه عن هذا التصريح لاحقا، إلا أنه كان محقا تماما في النهاية.
لم يكن السيتي بوضعه الحالي ندا لريال مدريد ببساطة. ورغم ذلك، صار غوارديولا ملزما بالبقاء مع الفريق بعدما وقع عقدا جديدا لمدة عامين. لكن بالنظر إلى هذه المباراة، سيحتاج إلى توقيع عقد جديد يمتد لعقد كامل مثل اتفاقية هالاند، إذا كان يأمل في رؤية فريقه يرفع الكأس ذات الأذنين مجددا.
حجم إعادة البناء التي يواجهها غوارديولا كان واضحا للغاية، حيث استمتع خط هجوم مدريد الرباعي المكون من مبابي، فينيسيوس جونيور، رودريغو، وجود بيلينغهام، بتمزيق السيتي، ما أدى إلى خروجه المبكر من دوري الأبطال، وهو أسرع وداع له منذ 2012.
بدأ غوارديولا وزملاؤه عملية إعادة بناء الفريق بإنفاق 180 مليون جنيه إسترليني (226 مليون دولار) على 4 لاعبين جدد في يناير. لكن الأمر سيتطلب المزيد من الاستثمارات والمزيد من الوقت لإعادة تجميع فريق يمكنه حتى الاقتراب من استعادة أمجاد ما قبل عامين فقط. ويستعرض موقع جول في سياق التقرير التالي الفائزين والخاسرين من موقعة ملعب سانتياغو برنابيو.
كسر النحس
أخيرا، كسر هالاند نحسه أمام ريال مدريد بتسجيل هدف في مباراة الذهاب، بعد 4 محاولات سابقة لم ينجح خلالها في هز شباك الفريق الإسباني. وكان النرويجي يترقب بفارغ الصبر مواجهة خصمه اللدود، العائد أنتونيو روديغر، في البرنابيو. لكن إصابته في الركبة ضد نيوكاسل، التي تم التقليل من شأنها في البداية من قبل غوارديولا واعتبارها مجرد إنذار بسيط، تبين أنها أخطر مما كان متوقعا.
كان غياب هالاند عن التشكيل الأساسي صدمة، خاصة بعد أن بدأ جميع مباريات سيتي الـ34 السابقة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا هذا الموسم. ومع ذلك، أوضح غوارديولا أنه لم يكن قرارا مفاجئا منه، بل جاء بناء على إحساس اللاعب نفسه بعدم الجاهزية صباح يوم المباراة.
كان وجود هالاند على مقاعد البدلاء شكليا فقط، إذ لم يشارك في عمليات الإحماء قبل المباراة أو خلالها، ما أثار الشكوك حول إمكانية لحاقه بمباراة ليفربول الأحد. لكن الأمر المؤكد هو أن موسم هالاند في دوري الأبطال قد انتهى، ولن يتمكن من مواصلة تحطيم الأرقام القياسية. وسيتعين عليه الآن التعايش مع حقيقة أنه لن يكون أصغر لاعب يصل إلى 50 هدفا في دوري الأبطال، بعد أن كان الأصغر في بلوغ عتبات 10 و20 و30 و40 هدفا.
وسيظل هذا الرقم القياسي باسم ليونيل ميسي، حتى إشعار آخر. علاوة على ذلك، يبدو أن هالاند سيتأخر كثيرا خلف مبابي في السباق نحو تحطيم الرقم القياسي التاريخي لكريستيانو رونالدو كأفضل هداف في تاريخ البطولة. وسيتوقف النرويجي عند 49 هدفا حتى بداية مرحلة المجموعات للموسم المقبل (بافتراض تأهل السيتي)، بينما رفع مبابي رصيده إلى 55 هدفا بفضل ثلاثيته الأخيرة.
كان الهدف الثاني لريال مدريد من النوع الذي حلم به فلورنتينو بيريز منذ اللحظة التي أتم فيها صفقة التعاقد مع كيليان مبابي. بدأ جود بيلينغهام الهجمة في وسط الملعب، مرسلا تمريرة بينية رائعة إلى المنطلق بسرعة البرق فينيسيوس جونيور. قام النجم البرازيلي بتمرير الكرة عبر منطقة الجزاء، ما أخرج عبدالقادر خوسانوف من اللعبة، قبل أن يضعها لمبابي في وضعية مثالية.
ورغم الصعوبات الأولية التي واجهها الفريق في الأشهر الأولى من الموسم، فإن خط هجوم الميرينغي بدأ بالانسجام في التوقيت المثالي مع اقتراب الأدوار الإقصائية من دوري أبطال أوروبا من ذروتها. ربما تعرضت النسخة الأولى من “الجلاكتيكوس” بقيادة بيريز للانتقادات بسبب قلة البطولات التي حققتها، لكن المؤشرات الأولية هذه المرة تشير إلى أن الأمور قد تسير في اتجاه مختلف تماما.
يمكن القول إن مانشستر سيتي خسر المواجهة في اللحظة التي تعرض فيها مانويل أكانغي للإصابة في نهاية الشوط الأول على ملعب الاتحاد الأسبوع الماضي. فمنذ تلك اللحظة، بدأ دفاع غوارديولا في الاهتزاز، وبعد دقائق قليلة فقط في البرنابيو، انهار تماما. كان المدافع السويسري المخضرم والذكي جزءا أساسيا من الفريق الفائز بالثلاثية، لكن بديله، ريكو لويس، تعرض للتنمر حرفيا في الشوط الثاني من مباراة الذهاب، قبل أن يرتكب الخطأ الذي أدى إلى الهدف الثالث المتأخر الذي سجله فينيسيوس.
كان أداء لويس الكارثي سببا في تفضيل غوارديولا الدفع بخوسانوف في الإياب، لكن اللاعب الأوزبكي لم يكن مستعدا مطلقا لمواجهة خصم بهذه القوة الهجومية. اللاعب البالغ من العمر 20 عاما، الذي خاض أول مباراة له بدوري أبطال أوروبا، تعرض للتمزيق تماما على يد فينيسيوس ولم يحصل على أي دعم تقريبا.
روبن دياز، الذي يُعد عادة قائد دفاع السيتي، منح ريال مدريد بداية ليلة مريحة عندما فشل في إبعاد كرة سهلة، اقتنصها مبابي والتقط تمريرة راؤول أسينسيو بلمسة واحدة رائعة فوق إيدرسون. وسرعان ما بدأ سقوط قطع الدومينو، إذ خرج ستونز مصابا بعد لحظات قليلة، ليزيد الطين بلة. لم يستغرق الأمر وقتا طويلا قبل أن يشق ريال مدريد طريقه عبر دفاع السيتي، حيث راوغ مبابي خوسانوف بسهولة، ثم أسقط جفارديول أرضا وجعله ينزلق وكأنه في طريقه عائدا إلى مانشستر.
◙ عندما احتفل غوارديولا ولاعبوه بحماس في إسطنبول، بدا الأمر وكأنه بداية لعصر جديد من السيطرة على دوري أبطال أوروبا
لذا، لم يكن من المفاجئ أنه عندما حصل مبابي على الكرة في الشوط الثاني وانطلق نحو المرمى ليكمل ثلاثيته، لم يحاول أي مدافع حتى الوقوف في طريقه. الخبر السار بالنسبة للسيتي هو أنه لن يضطر إلى مواجهة ريال مدريد مرة أخرى لمدة عام على الأقل. أما الخبر السيئ، فهو أن هذا الدفاع المهترئ والمترهل سيواجه محمد صلاح وليفربول الأحد.
عندما احتفل بيب غوارديولا ولاعبوه بحماس في إسطنبول، بدا الأمر وكأنه بداية لعصر جديد من السيطرة على دوري أبطال أوروبا. كان مانشستر سيتي يمتلك القوة المالية، وأفضل مدرب في العالم، وأخطر مهاجم في العالم، إيرلينغ هالاند، الذي بدا متعطشا لرفع الكأس ذات الأذنين كثيرا. لا يزال لدى السيتي تلك العناصر الثلاثة، لكن بقية الفريق الذي صنع التاريخ تبدو وكأنها استنزفت طاقتها تماما. كيفن دي بروين لم يشارك في مباراة الإياب، وبالنظر إلى أدائه في الذهاب، لا يمكنه الشكوى من ذلك.
جاك غريليش، الذي قاد الاحتفالات من إسطنبول إلى إيبيزا ولم يتوقف لأسابيع، لم يشارك أيضا بعد أن خرج مصابا في الشوط الأول من الذهاب. مشكلات غريليش مع الإصابات منذ تحقيق الثلاثية لا تقل عن مشاكل ستونز، الذي كان قد بدأ يستعيد مستواه لكنه الآن سيغيب مجددا بسبب الإصابة.
أما برناردو سيلفا، الذي سجل ثنائية في فوز السيتي الكاسح على مدريد قبل عامين، وكان منقذ الفريق في التعادل المثير 3 – 3 في البرنابيو الموسم الماضي، فقد بدا وكأنه مجرد ظل لما كان عليه. وبالنسبة إلى غوارديولا، فقد بدا مستنزفا ومنهكا. هذه كانت هزيمته الـ13 هذا الموسم، وهو أكبر عدد هزائم يتعرض له في موسم واحد خلال مسيرته التدريبية، وما زال هناك 3 أشهر متبقية من الموسم!