جريمة جديدة للحوثيين.. «الحرب الناعمة» وسيلة للتجسس وابتزاز المعارضين
فيما لم ينس اليمنيين جرائم الحوثي سلطان زابن، حتى ظهر اسم جديد في عالم الجريمة المنظمة للمليشيات الحوثية تحت مسمى "إدارة الحرب الناعمة".
فعقب مقتل زابن المعاقب دوليا بسبب انتهاكاته ضد النساء في أبريل/ نيسان 2021، اعتقد العالم أن هذا النوع من الجرائم قد طويت صفحاته، قبل أن يتم اكتشاف تشييد الحوثيين لوحدة أمنية سرية تمارس هذه الجرائم تحت مسمى "الحرب الناعمة".
و"الحرب الناعمة" هو مفهوم استعارته مليشيات الحوثي من المرشد الإيراني علي خامنئي الذي أطلقه لأول مرة في 2009، وقصد به "الغزو الثقافي"، فيما وسعته المليشيات ليشمل التجسس المجتمعي واعتقال النساء والإجرام المنظم.
وكشف تقرير حديث لمركز (P.T.O.C) اليمني للأبحاث والدراسات المتخصّصة، حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، هيكل هذه الوحدة السرية والتي تمارس الابتزاز والجريمة المنظمة وتتبع جهاز استخبارات الشرطة الذي شيده الحوثيين مؤخرا.
وقدم التقرير المعنون بـ"إرهاب وقمع المجتمع.. جهاز استخبارات الشرطة الحوثي - الهيكل والأهداف والمنهجية"، معلومات للمرة الأولى حول خليفة زابن وهو القيادي "فضل ستين" والذي ارتكب مؤخرا مع جهاز الأمن والمخابرات جرائم لقمع المجتمع المدني وموظفات الإغاثة.
كما يرتبط ستين المكنى "أبو محفوظ" بجهاز "الزينبيات" الأمني وهي مليشيات أمنية نسائية ارتبطت بسجلها الحافل في انتهاكات النساء والإيقاع بالمناهضين من خلال أساليب خبيثة.
من هو فضل ستين؟
قال التقرير إن المليشيات عقب مصرع مؤسسة الجريمة المنظمة سلطان زابن في 2021، وجدت فراغا كبيرا حتى تم اختيار البديل المناسب، في اجتماع حضره زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي وعمه عبدالكريم الحوثي منتحل صفة وزير الداخلية ونجله حسين، بالإضافة لنجل مؤسس المليشيات علي حسين الحوثي.
وخرج الاجتماع، وفقا للتقرير، بتوافق على "إنشاء وحدة جديدة تتكون من عناصر عقائدية متشددة بقيادة فضل أحمد محمد علي ستين، المعروف داخل الجماعة بـ "أبو محفوظ".
وينحدر ستين من مديرية مجز في محافظة صعدة وهو من مواليد عام 1985، وكان يعمل سابقا نائبا للمفتش العام بوزارة الداخلية في حكومة الانقلاب غير المعترف بها.
وطبقا للتقرير، فقد رفض ستين أي منصب خارجي قد يفضح نشاطه واختار العمل كـ"مدير لإدارة الحرب الناعمة" بوزارة الداخلية الحوثية، وهي إدارة شيدتها المليشيات كمظلة للوحدة السرية لتتمكن من تنفيذ المخططات بشكل مباشر وفعال.
وأوضح التقرير أن القيادي الحوثي ستين عمل لنحو عامين في "إعداد فريق متكامل يتألف من عناصر متخصصة في المتابعة التحقيق، والتنفيذ، بالإضافة إلى فرق نسائية، وعناصر ثقافية موالية للمليشيات، لضمان عدم اكتشافها من قبل المنظمات الحقوقية".
المقر والفريق
وكشف التقرير عن أن ما يسمى "إدارة الحرب الناعمة" تتخذ من شقتين في العاصمة صنعاء وتحديدًا بشارع المطار بالقرب من منزل "ستين" في حي الجراف بجوار جامع (الحشوش) مقرًا لها، حيث تستخدم الشقة الأولى للرقابة الفنية، بينما تخصص الشقة الثانية للتحقيق مع الموقوفين.
وتتألف الوحدة السرية من "قوة مداهمات أمنية بقيادة المدعو علي مداعس، تضم 100 فرد و15 امرأة من فرقة الزينبيات لاعتقال المستهدفين، وتقود القيادية الحوثية ابتسام المحطوري المشرفة الأمنية في صنعاء الفريق النسائي.
كما تضم الوحدة 15 محققًا وضابطًا متخصصين في جمع المعلومات الاستخباراتية، وكذا 30 عنصرًا مختصين بمراقبة حسابات السوشيال ميديا وهواتف الأشخاص المرصودين.
وبحسب التقرير، فأن الهدف الرئيسي للوحدة الأمنية السرية للحوثيين هي "متابعة ما تسميه مليشيا الحوثي بـ "الحرب الناعمة"، وابتزاز أصحابها وتجنيدهم، ومراقبة حسابات التواصل الاجتماعي والهواتف الخاصة بالمسؤولين والموظفين في الإدارات الحكومية والجهات العسكرية ومؤسسات القطاع الخاص ومنظمات المجتمع.
كما تعمل الوحدة عل "جمع نقاط ضعف المستهدفين سواء كانت أخلاقية مالية أو اجتماعية، واستثمارها لصالح الحوثيين، بالإضافة إلى إعداد تقارير مكتملة عن المستهدفين ورفعها إلى عم زعيم المليشيات عبد الكريم الحوثي ومكتب زعيم الجماعة بصعدة"، و"استدراج الضحايا وابتزازهم للعمل لصالح المليشيات أو إقصائهم واستبدالهم بعناصر موالية للمليشيات".
المستهدفون والضحايا
ووفق التقرير ذاته، فأن "إدارة الحرب الناعمة" للحوثيين استهدفت فئات متنوعة من المجتمع اليمني، من بينهم ضباط وأفراد في البحث الجنائي ووزارة الداخلية الخاضعة للمليشيات نفسها، وكبار رجال المال والأعمال ومدراء مكاتبهم وموظفي إدارة الشركات الخاصة وأعضاء مجلس النواب والشورى، والوزراء في "حكومة المليشيات" والمشايخ والشخصيات الاجتماعية المؤثرة بما في ذلك عقال الحارات.
كما تستهدف "الشخصيات الدينية والسياسية المعارضة لهم، والحقوقيون والصحفيون والنشطاء السياسيون وحتى اليوتيوبرز ومشاهير منصات السوشيال ميديا"، وفقا للتقرير.
وأوضح التقرير أن مليشيا الحوثي تعتمد على أساليب متنوعة للإيقاع بضحاياها، تبدأ بمراقبة دقيقة وجمع معلومات شاملة عن حياتهم، وفي حال عدم العثور على نقاط ضعف واضحة، يتم تكليف إحدى النساء العاملات معهم باستدراج الضحايا في علاقات مشبوهة لتوريطهم بها.
ووفقا للتقرير فأن الجرائم غير الأخلاقية المنظمة التي تمارسها الوحدة تستدعي "تحركا دوليًا عاجلا لتوثيقها وفضحها، ومحاسبة المسؤولين عنها".