وكالة أنباء حكومية: 2 مليون طفل عامل في إيران
في اعتراف صادم، أقر خبير حكومي بوجود ما يقرب من مليوني طفل عامل في إيران، مع ارتفاع ملحوظ في عدد الفتيات العاملات. ووفقًا لتقرير مفصل نشرته وكالة الأنباء الحكومية “إيلنا” في 21 يناير 2025، شهدت عمالة الأطفال ارتفاعًا مقلقًا نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية، وارتفاع معدلات التضخم، وانتشار الفقر بين الأسر.
في اعتراف صادم، أقر خبير حكومي بوجود ما يقرب من مليوني طفل عامل في إيران، مع ارتفاع ملحوظ في عدد الفتيات العاملات. ووفقًا لتقرير مفصل نشرته وكالة الأنباء الحكومية “إيلنا” في 21 يناير 2025، شهدت عمالة الأطفال ارتفاعًا مقلقًا نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية، وارتفاع معدلات التضخم، وانتشار الفقر بين الأسر.
كشفت دراسة أعدها “محمد مهدي سيد ناصري”، الباحث في حقوق الطفل الدولية والمحاضر الجامعي، عن تفاصيل هذه الظاهرة المأساوية. وقدر ناصري أن عدد الأطفال العاملين في إيران يتراوح بين 1.6 إلى 2 مليون طفل، ما يمثل زيادة كبيرة مقارنة بالسنوات السابقة. تعكس هذه الأرقام التأثير العميق للصعوبات الاقتصادية والتفاوتات الاجتماعية المتزايدة على الفئات الضعيفة، وخاصة الأطفال. وأشار ناصري إلى أن طهران وحدها تضم حوالي 70 ألف طفل عامل، مما يبرز دور المدينة كحاضنة رئيسية لهذه الظاهرة المقلقة.
وحذر ناصري من ظهور جيل جديد من الأطفال العاملين الذين باتوا أكثر غضبًا ومطالبة بحقوقهم من ذي قبل. وأوضح: “بعد مرور 20 عامًا على انضمام إيران إلى اتفاقية حقوق الطفل للأمم المتحدة، يظهر هذا الجيل الجديد من الأطفال العاملين، وهم أكثر غضبًا وإلحاحًا من السابق. إذا لم يتم معالجة هذه المشكلة، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة في معدلات العنف والجريمة المنظمة في المستقبل.”
وشدد على ضرورة اتباع نهج شامل وطويل الأمد لمعالجة الأسباب الجذرية لعمالة الأطفال، بما في ذلك تنفيذ تدخلات مستهدفة للحد من العنف والاستغلال بين هذه الفئة.
وأشار ناصري إلى التزامات الحكومة الثنائية، قائلاً: “يتعين على الحكومة التدخل لحماية الأطفال من الاستغلال والعبودية وأشكال الإساءة الأخرى. وفي الوقت نفسه، يقع على عاتقها واجب توفير البنية التحتية اللازمة لمكافحة عمالة الأطفال بشكل فعال.” وعلى الرغم من هذه المسؤوليات، انتقد ناصري التدابير الحكومية غير الكافية، داعيًا إلى فهم أعمق للأسباب الجذرية وحلول أكثر قوة لمعالجة المشكلة.
ومن أكثر الجوانب المثيرة للقلق في هذه الأزمة هو الارتفاع المتزايد في عدد الفتيات العاملات. ورغم عدم توفر بيانات رسمية في إيران توضح النسب بين الجنسين، تشير الإحصائيات العالمية الصادرة عن منظمة العمل الدولية (ILO) إلى أن 42% من الأطفال العاملين على مستوى العالم هن فتيات. وفي إيران، تشير الأدلة الميدانية إلى ارتفاع حاد في عدد الفتيات العاملات، لا سيما في الأعمال غير الرسمية وأعمال الشوارع. وأوضح ناصري أن الفتيات أكثر عرضة للإيذاء الجسدي والنفسي مقارنة بالأولاد، مما يزيد من المخاطر التي تواجههن.
ويشكل الأطفال المهاجرون حوالي 70% من عمالة الأطفال في طهران، ويشكل الأطفال الأفغان نسبة كبيرة منهم. وأشار ناصري إلى أن الأطفال المهاجرين غير الموثقين يواجهون هشاشة أكبر بسبب نقص الحماية القانونية ووثائق الهوية. وتزداد المشكلة حدة في مدن كبيرة مثل مشهد وشيراز، حيث تؤدي معدلات الهجرة العالية إلى تفاقم الأزمة. كما أن المحافظات الحدودية تعاني من انتشار عمالة الأطفال بسبب الفقر الاقتصادي والهجرة عبر الحدود.
وسلط ناصري الضوء على الدور المقلق الذي تلعبه الشبكات الإجرامية المنظمة في تعزيز عمالة الأطفال. وكشف أن بعض الأطفال يخضعون لسيطرة هذه الجماعات التي تستغلهم في التسول أو تجارة المخدرات أو بيع السلع غير القانونية. وغالبًا ما تقوم هذه الشبكات بنقل الأطفال من المناطق النائية إلى المدن الكبرى، حيث يتم إجبارهم على العمل في ظروف قاسية.
لعمالة الأطفال تأثيرات مدمرة على التعليم والصحة النفسية. ووفقًا للتقديرات، فإن حوالي 40% من الأطفال العاملين في إيران لا يرتادون المدرسة أو يتركونها بسبب الالتزامات العملية. وأوضح ناصري: “الأطفال العاملون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والقلق واضطرابات السلوك. كما يعانون من انخفاض في تقدير الذات وشعور أكبر بعدم الأمان مقارنة بأقرانهم.” بالإضافة إلى ذلك، يعاني هؤلاء الأطفال من سوء التغذية والأمراض الناتجة عن العمل في بيئات غير صحية، فضلًا عن تعرضهم للإيذاء الجسدي والجنسي.
ولا تنتشر عمالة الأطفال بالتساوي في جميع أنحاء إيران. فالمدن الكبرى والمحافظات الحدودية تسجل معدلات أعلى بسبب التفاوتات الاقتصادية والهجرة والعوامل الاجتماعية. وأشار ناصري إلى أن العديد من الأطفال العاملين ينتمون إلى أسر فقيرة، وغالبًا ما يكون الآباء يعانون من الإدمان. يُجبر هؤلاء الأطفال على العمل لدعم أسرهم، مما يعرضهم لمخاطر كبيرة ويحرمهم من حقوقهم الأساسية.
إن الزيادة المقلقة في عمالة الأطفال في إيران، التي تفاقمت بفعل عدم الاستقرار الاقتصادي وضعف التدخل الحكومي، تتطلب تحركًا عاجلًا. يدعو الخبراء مثل ناصري إلى استراتيجيات طويلة الأمد لمعالجة الأسباب الجذرية والحد من الآثار السلبية على الأطفال الأكثر ضعفًا. وبدون جهود عاجلة ومستدامة، قد تؤدي هذه الأزمة إلى عواقب اجتماعية واقتصادية لا رجعة فيها، مما يهدد جيلًا كاملًا بالاستغلال والحرمان.