الصفحة السوداء في تاريخ كندا.. استخدام LSD على السجناء

وكالة أنباء حضرموت

في الستينيات، شهدت كندا واحدة من أكثر الفصول إثارة للجدل في تاريخها الطبي، حيث استخدمت عقار LSD كأداة "تصحيحية" في السجون.

كانت الفكرة المعلنة تتمثل في إعادة تأهيل السجناء عبر تجربة علاج نفسي باستخدام المخدرات المهلوسة، إلا أن النتيجة كانت سلسلة من التجارب غير الأخلاقية التي انتهكت حقوق الإنسان الأساسية.

تعود جذور القصة إلى أواخر الخمسينيات، حين قرر طبيبان نفسيان، دنكان بلوويت ونيكولاس تشويلوس، من إدارة البحوث النفسية في ساسكاتشوان، إجراء تجربة باستخدام LSD على مجموعة من الشباب المتكررين في ارتكاب الجرائم بسجن في مدينة ريجينا.

التجربة شملت إعطاء العقار لنحو 30 سجينًا، لكن النتائج كانت كارثية. بدلاً من تحقيق إعادة التأهيل المأمولة، أظهرت التقارير أن السجناء أصبحوا أكثر ارتباكًا وتوترًا وشكًا.

رغم الفشل، استمر الحماس لاستخدام LSD. ففي عام 1961، اقترح مارك إيفيسون، كبير علماء النفس بسجن كينغستون للنساء في أونتاريو، أن "علاج LSD" قد ينهي السلوك الإجرامي في غضون ثماني ساعات فقط.

تم إعطاء العقار لـ23 امرأة داخل السجن، بعضهن دون موافقة، وفي عزلة تامة. لاحقًا، قادت إحدى النزيلات، دوروثي بروكتور، قضية قانونية ضد الحكومة الكندية، مُدعيةً تعرضها للعلاج القسري. انتهت القضية بتسوية خارج المحكمة.

بينما استمرت هذه الانتهاكات، كانت هناك تجربة أكثر صدمة تجري داخل مستشفى أوكريدج للأمراض النفسية في أونتاريو. في عام 1967، قام الطبيب النفسي إليوت باركر بإدخال ما سماه "الكبسولة الكاملة"، وهي غرفة فولاذية يُحتجز فيها السجناء لفترات طويلة. في بعض الحالات، كان يُطلب من السجناء الجلوس داخل الغرفة عراة أو بعد تناول LSD، بهدف تعزيز "التواصل الحقيقي بين الأشخاص".

لاحقًا، أشرف الطبيب غاري ماير على هذه التجارب وأعطى LSD لثنائي من السجناء ليقوموا بدور "مراقبي الرحلة" لبعضهم البعض، دون أي إشراف طبي حقيقي.

وبرغم التقارير الرسمية التي زعمت أن هذه الطريقة عالجت بعض "المرضى النفسيين"، فإن ما حدث كان أبعد ما يكون عن العلاج، بل كان انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان.

وفي عام 2001، رفع سجناء أوكريدج دعوى قضائية ضد باركر وماير والحكومة الكندية بتهمة "المعاملة غير الإنسانية". وبعد معركة قانونية استمرت 20 عامًا، أصدرت المحكمة حكمها في عام 2021 لصالح الضحايا، معترفةً بحجم الإساءة التي تعرضوا لها.

تعكس هذه القصة جانبًا مظلمًا من استخدام العقاقير النفسية في التاريخ الطبي الكندي. وكما يشير الباحث أندرو جونز من جامعة تورونتو، يجب أن تكون هذه التجارب "درسًا تحذيريًا" لأي محاولات مستقبلية لاستخدام المواد المهلوسة في العلاج.