تغريدة عن سوريا توقف إعلاميا عراقيا وتفتح باب الجدل حول المسموح به إيرانيّا

وكالة أنباء حضرموت

 تتواصل موجة الاستنكار على مواقع التواصل الاجتماعي العراقية، بعد توقيف الصحافي صالح الحمداني عن العمل في التلفزيون العراقي، بسبب تغريدة عن الوضع في سوريا، ويرى صحافيون أنه مثال صارخ على هيمنة إيران على الإعلام عبر وكلائها ومصادرة حرية التعبير بكل الطرق.

واعتبر الحمداني في تغريدة على حسابه في إكس أن “الخطوات متسارعة جدا في سوريا، السلطات الجديدة تمكنت في أسبوعين من تحقيق ما لم يصل له العراق في 20 سنة.”

لكن هذا الموقف لم يعجب رئيس مجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي ثائر الغانمي، الذي رد على الحمداني بالقول “والإجراءات القانونية ستكون متسارعة أيضا، لدرجة أنها ستصل خلال أسبوع واحد إلى ما لم يصل إليه الآخرون خلال 6 أعوام، عن حقيقة الموقف من دولتنا وشعبنا وثوابتنا، ومنها إلى جدوى البقاء في شبكتنا.”

وما هي إلا ساعات حتى أبلغ الحمداني بتعليق برنامجه على التلفزيون الرسمي، فيما اعتبر الحمداني أن “حرية التعبير في أسوأ حالتها في العراق.”

وأثار الإقصاء انتقادات واسعة وحملة تضامن على مواقع التواصل الاجتماعي باعتبار الحادثة انتهاكا لحرية التعبير المكفولة دستوريا. واستنكر العديد من متابعي الحمداني على منصة إكس تصرف السلطات العراقية المعنية، معتبرين أن حرية التعبير تضيق يوما بعد يوم في البلاد، وقال ناشط:

وكتب آخر:

وجاء في تعليق:

واستنكر مركز النخيل للحقوق والحريات الصحفية أسلوب التهديد والوعيد الذي يمارسه رئيس مجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي ضد الصحافيين في الشبكة بسبب منشورات لهم على صفحاتهم الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي.

وقال المركز في بيان إنه رصد أكثر من تغريدة لرئيس مجلس الأمناء ثائر الغانمي وهو يوجه تهديدات صريحة لموظفين وصحافيين في شبكة الإعلام بسبب مواقفهم ومنشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ولاسيما بعد الأزمة التي أثيرت ضد صالح الحمداني وإيقاف برنامجه إثر منشور كتبه على صفحته الشخصية حول الأوضاع الجديدة في سوريا.

وأوضح المركز أن “هذه الممارسات تساهم في ترهيب الموظفين والصحافيين في شبكة الإعلام العراقي التي يفترض أنها تمثل خطاب الشعب العراقي لا خطاب السلطة، مطالبا في نفس الوقت مجلس النواب بضرورة متابعة ومحاسبة الجهات والأشخاص الذي يستخدمون سلطاتهم بشكل تعسفي للنيل من الموظفين بسبب الآراء والمواقف.”

ويقول صحافيون إن البلاد تشهد انحدارا خطيرا في الحقوق والحريات، فيما يتصاعد التضييق على الحريات مع تزايد نفوذ الطبقة السياسية والأحزاب الحاكمة وعلوها على الدولة والقانون.

وبات تكميم الأفواه وكبت الحريات والتضييق على الصحافة في العراق يتخذ طرقا متعددة، أبرزها ملاحقة الصحافيين والإعلاميين بالقتل والاختطاف والتهديد عبر الجهات المسلحة أو الاعتقال والملاحقة القضائية عبر أجهزة الدولة الرسمية، وكذلك ملاحقة المدونين في مواقع التواصل الاجتماعي وطرد الإعلاميين من مؤسساتهم بسبب مواقفهم المخالفة لموقف الأحزاب الداعمة لتلك المؤسسات.

ويتجنب الكثير من العراقيين الإدلاء بآرائهم في وسائل الإعلام أو في مواقع التواصل الاجتماعي، نأيا بالنفس عن الأحداث السياسية والأمنية التي تدور في العراق وكذلك الأحداث الإقليمية التي تتعلق خاصة بإيران؛ إذ أن الكثير من حالات ملاحقة الأشخاص وتهديدهم أو اعتقالهم تم تسجيلها بسبب منشور أو تغريدة أو تعليق في مواقع التواصل.

مركز حقوقي يستنكر أسلوب التهديد والوعيد ضد الصحافيين العراقيين بسبب منشوراتهم على مواقع التواصل

وتفرض الأحزاب المتنفذة ولاسيما القريبة من إيران سيطرتها على أغلب وسائل الإعلام في العراق، كما تسيطر على مواقع التواصل عبر إدارة آلاف الصفحات الوهمية في المنصات المتعددة والتي تتبنى المواقف والأفكار والرؤية السياسية للجهات الحزبية الممولة لتلك الصفحات.

وسبق لوزارات عراقية أن أخذت تعهدات من موظفيها بعد الإدلاء بآرائهم في مواقع التواصل الاجتماعي، فيما هددت بفرض عقوبات إدارية على المخالفين للتعليمات.

وفي وقت سابق أجبرت وزارة التربية موظفيها على التوقيع على تعهدات خطية تلزمهم بعدم انتقاد أي شخصية سياسية عبر منصات التواصل الاجتماعي، الأمر الذي أثار استياء الهيئات التدريسية ومنظمات حقوقية.

وأظهر كتاب رسمي تداولته وسائل التواصل الاجتماعي عقوبة أصدرها مدير شركة غاز الشمال بحق 6 موظفين بسبب “إعجاب” في فيسبوك على منشور ينتقد الشركة، إذ وجه إليهم تنبيها إداريا ردا على تفاعلهم بضغط زر الإعجاب بمنشور تعده إدارة الشركة مسيئا لها.

وأكد الصحافي العراقي علي الطائي أن ما حدث مع الصحافي صالح الحمداني يمكن أن يحدث مع أي صحافي عراقي يبوح برأيه المخالف لموقف السلطة والأحزاب والفصائل المسلحة.

وقال الطائي في حديث لوسائل إعلام محلية إن “تعرض صحافيي العراق للاستهداف والتهديد نتيجة طبيعية لنفوذ وهيمنة الفصائل المسلحة والأحزاب على الدولة ومؤسساتها والتي بدأت منذ العام 2003 وتصاعدت في السنوات الأخيرة.”

وأضاف أن “أصحاب الرأي والصحافيين في العراق يتعرضون يوميا للاستهداف عبر القتل أو التهديد أو الاعتقال والملاحقة القضائية،” إلى جانب استهدافهم في عملهم.

وأوضح الطائي أن “الأحزاب الكبيرة تحاول تقييد الصحافة والناشطين والمتظاهرين، ضمن مفهوم قمع الحريات والدكتاتورية،” مؤكدا أن “العراق كفل في المادة الدستورية رقم 38 حرية التعبير والرأي والصحافة لكن هذه المادة ذبحت بشكل فعلي بسبب الخروقات المتكررة لها واستهداف الإعلاميين المتكرر دون محاسبة”.