"قد تتحول إلى ثورة".. حملة مناهضة للإعدام تثير ذعر النظام الإيراني
دخلت حملة "ثلاثاء لا للإعدام" التي أطلقها سجناء إيرانيون أسبوعها الخامس والأربعين من خلال الاستمرار في الإضراب عن الطعام في 25 سجنا مختلفا، حيث نفذ النظام الإيراني 147 عملية إعدام خلال شهر نوفمبر الماضي فقط.
وخلال الأسبوع الماضي، أعدمت السلطات الإيرانية أكثر من 28 شخصا، من بينهم طفلان أعدما في سجني يزد وقزلحصار.
والثلاثاء، قالت وكالة "هرانا" لحقوق الإنسان، إن السلطات الإيرانية أعدمت الاثنين ثلاثة سجناء بينهم امرأتان أدينتا سابقا بالقتل في سجن إيلام، ما يعني ارتفاع عدد النساء اللاتي تم إعدامهن خلال العام الجاري إلى 26 امرأة، وهو رقم قياسي جديد تجاوز عام 2023 الذي شهد إعدام 22 امرأة، بحسب منظمة حقوق الإنسان الإيرانية.
يلاحظ العميد المشارك أستاذ الشؤون الدولية في جامعة بالتيمور، إيفان ساشا شيهان، زيادة في تنفيذ إيران للإعدامات الجماعية بعد وفاة الرئيس المحافظ إبراهيم رئيسي في مايو الماضي، ويرجح أن يتجاوز العدد الإجمالي لعمليات الإعدام في عام 2024 إجمالي العام السابق، الذي تجاوز 850 وهو أعلى مستوى في ثماني سنوات.
ويقول إن أكثر من 520 عملية إعدام حدثت في إيران منذ انتخاب الإصلاحي مسعود بزشكيان رئيسا.
تشمل هذه "الزيادة الوحشية" ما لا يقل عن 17 امرأة وقاصر واحد وأربع عمليات إعدام علنية.
وتُطبق عقوبة الإعدام في إيران على نطاق واسع، وهي أكثر دولة في العالم تنفذها بعد الصين بحسب منظمة العفو الدولية.
وتشير منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أن إيران تطبق عقوبة الإعدام على الأفراد المدانين بجرائم مرتكبة عندما كانوا أطفالا وبموجب تهم غامضة تتعلق بالأمن القومي، واستخدمتها أحيانا في سياق جرائم غير عنيفة.
ويعتبر القانون الإيراني أفعالا مثل "إهانة النبي"، و"الردة"، والعلاقات الجنسية المثلية، والزنا، وتناول الكحول، وبعض الجرائم غير العنيفة المتعلقة بالمخدرات جرائم يعاقَب عليها بالإعدام.
المشكلة بحسب عضو المجلس الوطني في المعارضة الإيرانية، مهدي عقبائي، أن النظام القضائي الإيراني يعتمد على ما يسمى بـ"علم القاضي" المثير للجدل في إصدار أحكام الإعدام، "حيث تعتمد هذه الطريقة على التقييم الشخصي للقاضي بدلاً من الأدلة القانونية الموثوقة".
وعلى خلفية التظاهرات التي اندلعت إثر وفاة الشابة مهسا أميني بعد أيام من توقيفها في سبتمبر 2022 لدى شرطة الأخلاق في طهران بدعوى عدم التزامها القواعد الصارمة للباس، أصدرت السلطات الإيرانية على الأقل 25 حكما بالإعدام "بعد محاكمات جائرة بشكل صارخ، لم يتمكن خلالها الكثير من المتهمين من التواصل مع محام من اختيارهم"، بحسب هيومن رايتس ووتش.
وترى منظمات حقوقية أن النظام الإيراني يستخدم الإعدامات أداة قمع في إيران منذ الثورة عام 1979، ويستغل هذه العقوبة لبث الرعب والسيطرة على المجتمع.
وبحسب التقديرات، أعدم النظام الإيراني أكثر من 120 ألف شخص لأسباب سياسية منذ تأسيسه عام 1979.
يشير شيهان إلى أن النظام الإيراني يصعد حملات الإعدام بسبب قلقه العميق من المعارضة، "هم يخشون الاحتجاجات الداخلية أكثر من التهديدات الخارجية".
ومع استمرار تنفيذ أحكام الإعدام وإصدار أخرى جديدة، تتصاعد حملة "ثلاثاء لا للإعدام" كواحدة من أبرز الحركات الاحتجاجية للسجناء السياسيين في إيران التي انطلقت في فبراير 2024.
بدأت هذه الحملة بإضراب عن الطعام بين السجناء السياسيين يوم الثلاثاء من كل أسبوع، في نحو ثلاثة سجون، وتحوّلت تدريجيا إلى حركة مقاومة منظمة ضد عقوبة الإعدام في إيران، لتشمل 25 سجنا بحسب مرصد حقوق الإنسان في إيران الذي يصدر تقريرا أسبوعيا بأسماء السجون المشاركة في الحملة.
وتهدف الحملة إلى جذب انتباه المجتمع الدولي والرأي العام المحلي إلى تفاقم واستمرار الإعدامات في إيران، مما جعلها "رمزا للنضال" ضد أحد أكثر مظاهر القمع قسوة.
ويرى عقبائي أن السجناء يهدفون من خلال الحملة إلى الاعتراض على الطبيعة اللا إنسانية وغير القابلة للتعويض لعقوبة الإعدام بغض النظر عن نوع التهمة، أو الدوافع.
ويشير إلى أن السجناء يتواصلون مع العالم الخارجي عبر ذويهم، ويصدرون تقارير أسبوعية، ويزداد عدد السجون المشاركة في الحملة كل أسبوع تقريبا.
يدرس شيهان المعارضة الإيرانية والتقى بسجناء إيرانيين سابقين احتجزوا لفترات طويلة وتعرضوا للتعذيب.
"أخبرني كل من التقيت بهم من السجناء السياسيين السابقين أنهم ظلوا ثابتين على معارضتهم، لإدراكهم أنهم يجسدون السخط في الشارع الإيراني"، يقول شيهان.
ويرى أن "السجناء السياسيين في إيران لديهم تاريخ طويل من تحمل التضحيات العظيمة باسم الحرية، من خلال إظهار عدم الرغبة في التخلي عن أنشطتهم المناهضة للنظام".
وقال: "كثيرا ما تخاطر شبكة المعارضة المنظمة من خلال تنسيق الإجراءات داخل وخارج السجون لضرب النظام"، مشيرا إلى أنه قد يتحول الإضراب عن الطعام إلى ثورات شاملة في المجتمعات الاستبدادية.
وشهدت حملة "ثلاثاء لا للإعدامات" دعما كبيرا من الإيرانيين في الشتات الذين نظموا مظاهرات في مدن كبرى مثل واشنطن أمام البيت الأبيض، حيث عبروا عن تضامنهم مع السجناء وأدانوا الإعدامات.