جدل في تونس بسبب نقص البطاطا: مشكلة في الإنتاج أم أزمة مفتعلة

وكالة أنباء حضرموت

يثير المعروض المحدود من البطاطا (البطاطس) ضجة في الشارع التونسي بسبب ما تقول الحكومة إنه احتكار من التجار وإنّ الأزمة مفتعلة كما حصل في أوقات سابقة مع مواد أخرى، فيما يقول التجار إن الإنتاج محدود ما يجعل الأسعار مرتفعة. كما أن اللجوء إلى الاستيراد لم يحل المشكلة إلى حد الآن.

وفي الأزمات التي تتعلق بندرة بعض المنتوجات تكثر الإشاعات والتضخيم على مواقع التواصل ليتحول الأمر إلى جدل يومي مثلما حصل قبل عام في ما يتعلق بالدقيق والحليب والبيض.

وسيتعين على غالبية الأسر التونسية إعداد الطعام من دون البطاطا التي يعتمد عليها بشكل كبير في المطبخ التونسي.

وتواجه معظم الأسواق التونسية شحا في البطاطا منذ أسابيع. وفقدت تماما في عدة مدن في نوفمبر الجاري، ما تسبب في حالة اضطراب في البيوت والمطاعم.

كما تسبب النقص الشديد في هذه السلعة في ارتفاع أسعارها بشكل كبير في بعض نقاط البيع المحدودة رغم صدور قرار من وزارة التجارة بتسقيف الأسعار والعمل على تنفيذه ومراقبة الأسواق بشكل كبير لمنع أيّ تجاوزات.

وقالت الوزارة إنها قامت بتوريد نحو ثلاثة آلاف طن من البطاطا لسد الفجوة بسبب تقاطع مواسم الإنتاج، لكنها لا تزال تخضع منذ نحو أسبوع إلى الإجراءات الجمركية في ميناء سوسة.

ويقول اتحاد المزارعين إن الأزمة ظرفية وتتعلق بتقاطع المواسم المعروفة بالفجوة الخريفية، وإن النقص سيتم تداركه عن طريق إنتاج المناطق العليا في تونس (القصرين وقفصة). وأوضح وزير التجارة سمير عبيد أنه “سيتم ضخ الكميات مباشرة بالأسواق المركزية حين استكمال الإجراءات المستوجبة.”

وبسبب تأخر الإجراءات أثارت تقارير إعلامية الاثنين شكوكا بشأن مدى صلاحية الشحنة المورّدة من تركيا وعن فتح السلطات لتحقيقات في ذلك. ولم تصدر أيّ معلومات رسمية من الوزارة.

وقال النائب في البرلمان بدر الدين القمودي “إن ميناء سوسة شهد يوم 18 نوفمبر محاولة توريد 2780 طنا من البطاطا الفاسدة،” وإن الأجهزة المتخصصة كشفت أن كمية البطاطا مصابة بنوعين من البكتيريا.

ودعا القمودي وزارة التجارة والسلطات المعنية إلى ضرورة فتح تحقيق إداري وتسليط العقوبات اللازمة على المتورطين ومراجعة إسناد التراخيص للسماسرة.

النقص الشديد في البطاطا تسبب في ارتفاع أسعارها بشكل كبير في بعض نقاط البيع المحدودة رغم صدور قرار من وزارة التجارة بتسقيف الأسعار

وتعد تونس من الدول المستهلكة للبطاطا بمعدل يفوق 30 كيلوغراما في العام للفرد الواحد وفق بيانات وزارة الزراعة، وهي تحتل المركز 13 في أفريقيا من حيث حجم الإنتاج السنوي.

ويبلغ معدل الإنتاج حوالي 370 ألف طن على مساحة تقدر بحوالي 25 ألف هكتار، وفق المجمع المهني المشترك للخضر الذي يتبع وزارة الزراعة. وعانت تونس من فترات جفاف طويلة متواترة خلال السنوات الخمس الأخيرة وأدى ذلك إلى تقلص الإنتاج الزراعي.

واتهم الرئيس قيس سعيد المضاربين بتعمد احتكار المواد للتحكم في الأسعار وحث الأجهزة الأمنية على مواجهة المحتكرين ومراقبة الأسعار.

وأكّد الناطق الرسمي باسم الإدارة العامة للأمن الوطني عماد مماشة في اتصال مع إذاعة موزاييك المحلية إنه تم تركيز دوريات أمنية قارة في الأسواق لمراقبة الممارسات الاحتكارية بخصوص بيع مادة البطاطا ومدى احترام الأسعار.

وقال مماشة إنّ هذا الإجراء يأتي في إطار مكافحة الاحتكار والممارسات الضارة بالمستهلك. وأكّد فعالية هذه الدوريات في فرض احترام التسعيرة التي حدّدتها وزارة التجارة، حيث التزم التجار المخالفين باعتماد التسعيرة القانونية بعد أن بلغت الأسعار 3 دنانير في بعض الأحيان. لكن المنتجين والتجار لا يرون أن الأمر يتعلق فقط بالمحتكرين، ويشيرون إلى وجود أزمة حقيقية.

وأشار العضو في اتحاد الزراعة والصيد البحري عمر رجايبية للإذاعة الرسمية التونسية، الاثنين، إلى مشاكل في التخزين في ذروة إنتاج البطاطا وإلى نقص في البذور الجيدة التي تمثل 15 في المئة فقط من احتياجات الموسم.