إيران تستبق عودة ترامب باتخاذ تدابير بشأن عقوبات محتملة على النفط

وكالة أنباء حضرموت

نقل الموقع الإلكتروني التابع لوزارة النفط الإيرانية (شانا) عن وزير النفط محسن باك نجاد قوله اليوم الأربعاء إن طهران وضعت خططا للحفاظ على استمرار إنتاج وتصدير الخام وإنها مستعدة لفرض الولايات المتحدة قيودا محتملة على النفط بعد عودة دونالد ترامب للبيت الأبيض، فيما أكد وزير الخارجية عباس عراقجي أن قنوات التواصل "قائمة دائما"، بين البلدين رغم الخلافات السياسية مشيرا إلى تعاون بلاده مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الملف النووي.

وألحق انسحاب ترامب خلال ولايته الأولى من الاتفاق النووي الإيراني أضرارا بقطاع طهران النفطي، إذ انخفض الإنتاج إلى 2.1 مليون برميل يوميا خلال فترة رئاسته.

وقال باك نجاد "تم اتخاذ التدابير اللازمة. لن أخوض في تفاصيل ولكن زملاءنا في قطاع النفط اتخذوا تدابير للتعامل مع القيود التي ستُفرض وليس هناك ما يدعو للقلق".

وارتفع إنتاج النفط الإيراني خلال السنوات القليلة الماضية إلى نحو 3.2 مليون برميل يوميا، وذلك بحسب منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك). وإيران عضو في المنظمة.

وارتفعت صادرات النفط الإيرانية هذا العام مقتربة من أعلى مستوياتها في عدة سنوات عند 1.7 مليون برميل يوميا على الرغم من العقوبات الأميركية. وتشتري شركات التكرير الصينية معظم الإمدادات الإيرانية. وتقول بكين إنها لا تعترف بالعقوبات الأميركية أحادية الجانب.

وسعى وزير الخارجية الإيراني إلى التقرب من ترامب قائلا إن قنوات التواصل إيران والولايات المتحدة موجودة دائما رغم وجود خلافات أساسية مشيرا لزيارة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي.

واكد أنه "بفضل الموقف الإيجابي لغروسي فإن الظروف مهيأة لتطوير التعاون" مضيفا "بهذه الروح الإيجابية سيتم رسم مسار جديد للتعاون بين إيران والوكالة".

وحاول عراقجي استباق تعهدات ترامب الانتخابية بمواجهة الملف النووي الإيراني قائلا "إن التعاون مع الوكالة، باعتباره أحد مبادئ دبلوماسية الدولة، يمكن أن يساعد في إدارة التحديات الدولية وتعزيز أمن الطاقة النووية".

وأشار لإمكانية التقليص من الخلافات مع واشنطن بالقول "الخلافات بين البلدين "جوهرية وأساسية للغاية ولن يتم حلها على المدير القصير او المتوسط.

ودعا لضرورة إدارة الخلافات بعيدا عن التوتر قائلا علينا أن نتصرف بطريقة تقلل التكاليف والتوترات".

ووصل المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية الأربعاء الى إيران لإجراء مباحثات مفصلية، غداة تحذيره من أن "هوامش المناورة بدأت تتقلص" بشأن برنامج طهران النووي.

ويزور مدير الوكالة التابعة للأمم المتحدة الجمهورية الإسلامية في ظل مناخ من التوتر الحاد بين إيران وإسرائيل، وبعد يومين من تحذير وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس من أن طهران باتت "أكثر عرضة من أي وقت مضى لضربات على منشآتها النووية".

وتتّهم إسرائيل منذ سنوات إيران بالسعي لحيازة السلاح النووي، وهو ما تنفيه الجمهورية الإسلامية التي تتهم بدورها الدولة العبرية بالوقوف خلف عمليات اغتيال علماء وتخريب منشآت نووية.

وتبادل العدوان اللدودان خلال الأشهر الماضية ضربات مباشرة غير مسبوقة في تاريخ الصراع بينهما، وذلك على خلفية الحرب التي تخوضها إسرائيل ضد تنظيمين حليفين لطهران، هما حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة، وحزب الله في لبنان.

وأثار ذلك مخاوف من انخراط إيران وإسرائيل في حرب مباشرة بعد أعوام من العمليات الخفية وضربات غير مباشرة في أنحاء مختلفة من الشرق الأوسط.

وقال غروسي الثلاثاء على هامش مؤتمر "كوب29" للمناخ الذي تستضيفه باكو، إن على السلطات الإيرانية "أن تفهم أن الوضع الدولي يزداد توترا وأن هوامش المناورة بدأت تتقلص وأن إيجاد سبل للتوصل إلى حلول دبلوماسية هو أمر ضروري".

وأفاد بأن طهران تسمح للوكالة بالقيام بعمليات تفتيش لكن "نحتاج إلى المزيد. نظرا إلى حجم وعمق ومدى طموح برنامج إيران، علينا إيجاد وسائل لمنح الوكالة رؤية أوضح".

وقال غروسي في مقابلة الثلاثاء مع قناة "سي إن إن" الأميركية إن الإيرانيين "يمتلكون كميات كبيرة من المواد النووية التي يمكن استخدامها لتصنيع أسلحة نووية"، مضيفا "ليست لديهم أسلحة نووية في هذه المرحلة".

وتأتي زيارة غروسي عقب إعادة انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة. واعتمد الجمهوري خلال ولايته الأولى سياسة "ضغوط قصوى" حيال الجمهورية الإسلامية، تمثّلت على وجه الخصوص بالانسحاب الأحادي عام 2018 من الاتفاق الدولي بشأن برنامج إيران النووي.

وأكد ترامب في تصريحات الأسبوع الماضي أنه لا يسعى الى إلحاق الأذى بإيران ويريد لشعبها أن يكون له "بلد ناجح جدا"، لكنه شدّد على وجوب الحؤول دون امتلاك الجمهورية الإسلامية سلاحا نوويا.

وأبرم الاتفاق النووي بين طهران وست قوى كبرى عام 2015 في عهد الرئيس الأميركي باراك أوباما، وأتاح رفع عقوبات عن إيران مقابل تقييد أنشطتها النووية وضمان سلميتها.

الا أن ترامب أعاد فرض عقوبات اقتصادية صارمة بعد انسحابه من الاتفاق في 2018. وردّت طهران ببدء التراجع تدريجيا عن غالبية التزاماتها بموجب الاتفاق، واتخذت سلسلة خطوات أتاحت نمو وتوسّع برنامجها النووي بشكل كبير.

ومن أبرز تلك الخطوات رفع مستوى تخصيب اليورانيوم من 3.67 بالمئة، وهو السقف الذي حدّده الاتفاق النووي، الى 60 بالمئة، وهو المستوى القريب من 90 بالمئة المطلوب لتطوير سلاح ذري.

وسيحلّ غروسي الأربعاء في الجمهورية الإسلامية للمرة الأولى منذ مايو. وأكدت الوكالة في بيان أن الزيارة تهدف الى عقد "اجتماعات عالية المستوى مع الحكومة الإيرانية" وإجراء "مباحثات تقنية تشمل كل الجوانب".

ومنذ تولّي الديمقراطي جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة خلفا لترامب مطلع عام 2021، أجرت طهران وواشنطن مباحثات غير مباشرة بواسطة أطراف الاتفاق النووي، سعيا لإحيائه. الا أن كل المحاولات لذلك باءت بالفشل.

وبعد تولي الرئيس الإصلاحي مسعود بزشكيان منصبه في أغسطس الماضي، أشارت طهران إلى أنها ستكون منفتحة على إجراء محادثات لإعادة إحياء الاتفاق.

وحثّت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إيران مرارا على التعاون، وهو ما كرّره غروسي في زيارته الأخيرة، بدعوته الى إجراءات "ملموسة" في هذا المجال.

وخفّضت إيران من تعاونها مع الوكالة خلال الأعوام الأخيرة، وأزالت بعض كاميرات المراقبة من المنشآت، وسحبت اعتمادات عددا من مفتشي الوكالة.

وتعود جذور البرنامج النووي الإيراني الى الخمسينات من القرن الماضي حين وقّعت واشنطن اتفاق تعاون مع طهران في عهد الشاه محمد رضا بهلوي. وفي السبعينات، صادقت إيران على معاهدة الحدّ من الانتشار النووي.

ومع تصاعد التوتر الإقليمي، بدأت بعض الأصوات في طهران تطرح بشكل علني إمكان إعادة النظر في العقيدة النووية. وحثّ أعضاء في مجلس الشورى (البرلمان) المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، صاحب الكلمة الفصل في السياسة العليا للجمهورية، على إعادة النظر في فتواه بشأن السلاح النووي.

ويعتبر خامنئي في فتواه التي نشرت للمرة الأولى عام 2010، استخدام أسلحة الدمار الشامل "حراما، ونرى السعي لحماية أبناء البشر من هذا البلاء الكبير واجبا على عاتق الجميع".

وغالبا ما يعتبر المسؤولون الإيرانيون أن هذه الفتوى هي بمثابة ضمانة لسلمية البرنامج النووي.