النفط والرواتب مرتكز التهدئة المأمولة

هل تنجح عمان في إطفاء نار الأزمة الاقتصادية في اليمن؟

سيناريو تدخّل مسقط لاستئناف تصدير النفط سيدرّ على الحكومة اليمنية موارد مالية هي في أمسّ الحاجة إليها لتجنب تفجّر موجة غضب شعبي.

وكالة أنباء حضرموت

حوّلت تعقيدات الأزمة الاقتصادية والمالية الحادّة التي تواجهها الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، الأنظار نحو سلطنة عمان التي ترى دوائر سياسية أنّها تمتلك بعضا من مفاتيح حلّها، بإقرار تهدئة اقتصادية بين الشرعية والحوثيين التي تحتفظ السلطنة بعلاقات جيدّة معهم ومع داعمتهم إيران، سبق لها أن استخدمتها بالفعل في إقناعهم بالتهدئة مع المملكة العربية السعودية والتواصل معها بشأن إمكانية إيجاد مخرج سلمي للصراع اليمني.

وتداولت بعض الأوساط السياسية والإعلامية اليمنية سيناريو تدخّل مسقط لاستئناف تصدير النفط ما سيدرّ على حكومة رئيس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك موارد مالية هي في أمسّ الحاجة إليها لمواجهة الأزمة الحالية التي بلغت مديات منذرة بتفجّر موجة غضب شعبي في وجهها ونشوب خلافات حادّة بين الشرعية وشركائها المحلّيين، وتحديدا المجلس الانتقالي الجنوبي الممتعض بشدّة من تأثر الوضع الاجتماعي في مناطق نفوذه بمحافظات الجنوب.

وفقدت الشرعية مواردها من تصدير النفط بسبب قيام جماعة الحوثي باستهداف منفَذَيْ تصديره في محافظتي حضرموت وشبوة.
وتستطيع سلطنة عمان، بحسب متابعين، للشأن اليمني بذل مساع لدى جماعة الحوثي ومن ورائها إيران بالكف عن تهديد ميناءي الضبّة في حضرموت والنشيمة في شبوة والسماح بنقل شحنات الخام عبرهما إلى الأسواق العالمية.

وسيتوقّف الأمر على ما سيُعرض على الحوثيين من مكاسب في مقابل ذلك.

وتحدّثت صحيفة الأخبار اللبنانية المقربة من إيران وحزب الله عن شروع السلطنة بالفعل في بذل جهود تتعلّق بالأزمة المالية والاقتصادية في مناطق الشرعية.

ونقلت عن مصادر وصفتها بالمطلعة القول إنّ هناك ترتيبات جديدة تقودها مسقط مع مكتب المبعوث الأممي هانس غروندنبرغ من أجل عقد مفاوضات جديدة بين الأطراف اليمنية تتعلّق بحلّ مشكلتي توقّف صادرات النفط ومرتبات الموظفين اليمنيين.

أما عن الفائدة التي سيجنيها الحوثيون من الذهاب في تهدئة اقتصادية مع الشرعية فتتمثّل في شمول مناطقهم بعوائد تصدير النفط عبر توجيه جزء منها لدفع مرتبات الموظفين في سلطة الأمر الواقع التي تديرها الجماعة من العاصمة صنعاء وتمتد على مناطق شاسعة من شمال اليمن وغربه.

ولم تستثن المصادر أن تتجاوز الترتيبات التي تعمل عُمان على إقرارها، في وقت لاحق ملف تصدير النفط إلى توحيد العملة والعمل المصرفي في مناطق الشرعية والحوثيين.
وانعكس انقسام البنك المركزي وشحّ الموارد وتباطؤ الدورة الاقتصادية في المناطق التابعة لسلطة الحكومة المعترف بها دوليا على قيمة عملة الريال المحلية في تلك المناطق والتي تهاوت خلال الفترة الأخيرة بشكل كبير معمّقة ظاهرة التضخّم ومطلقة موجة ارتفاع في أسعار المواد الأساسية بدأت تثير غضب الشارع.

وبدأت العديد من المدن ومراكز المحافظات التابعة للشرعية تشهد حالة احتقان شعبي منذر بالانفجار الذي لاحت بوادره بالفعل في كل من محافظتي تعز وحضرموت اللتين شهدتا احتجاجات شعبية على تردي الأوضاع المعيشية والخدمية.

ولم تنجح مزادات العملة التي لجأ إليها البنك المركزي التابع للشرعية كحل عاجل لمعالجة الأزمة في وقف ذلك التراجع في قيمة الريال بينما بدا البحث عن تمويل خارجي هو الحلّ الوحيد المتاح حاليا.

وعقد محافظ البنك أحمد المعبقي ووزير المالية سالم بن بريك مؤخرا سلسلة من الاجتماعات في واشنطن مع رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي فهد التركي بهدف النظر في إمكانية حصول اليمن على موارد مالية من الصندوق تسهم في التخفيف من آثار الأزمة المالية والاقتصادية الراهنة.

وباستثناء الحصول على المزيد من المساعدات وخصوصا من قبل المملكة العربية السعودية التي دأبت على تحويل ودائع مالية إلى البنك المركزي اليمني، تبدو خيارات الشرعية اليمنية في مواجهة الأزمة ضئيلة في ظلّ افتقارها إلى الموارد.

ودخلت الشرعية بسبب الأزمة في ما يشبه حالة طوارئ سياسية، حيث استدعت صعوبة الوضع تدخّل الرئيس العليمي الذي عقد قبل أيام في عدن اجتماعا بلجنة إدارة الأزمات الاقتصادية والإنسانية التي يترأسها رئيس الحكومة.

وحث العليمي خلال الاجتماع على “التسريع بتنفيذ خطة الإنقاذ الاقتصادي واتخاذ الإجراءات والتدابير الموجهة لتعزيز كفاءة إدارة المالية العامة والسياسة النقدية، والحد من تداعيات الانقسام النقدي الذي فرضته المليشيات الحوثية كورقة حرب اقتصادية”.

وفاقم من الأزمة بروز ظاهرة احتفاظ المحافظات بمواردها وامتناعها عن تحويلها إلى البنك المركزي، بذريعة استخدامها محليا في تبلية متطلبات السكّان.

ولا تخشى الشرعية اليمنية فقط من تأثيرات الأزمة على علاقتها بالشارع في مناطق سيطرتها، ولكنها تخشى بالقدر نفسه على تماسكها الداخلي إذ تعلم أن صبر شريكها الأساسي المجلس الانتقالي الجنوبي على الأوضاع في مناطق نفوذه بالجنوب بدأ ينفد.

ولا يريد الانتقالي رؤية الأوضاع الاجتماعية في الجنوب تسير نحو مزيد من التوتّر بما يهدد شعبيته باعتباره شريكا في الشرعية. 

وسبق له أن وجّه انتقادات حادّة لحكومة بن مبارك بسبب تلك الأوضاع وبلغ بانتقاداته حدّ إنذار الشرعية اليمنية بإمكانية فضّ الشراكة معها.