3 تحديات أمام تعهدات أوروبا لأوكرانيا

وكالة أنباء حضرموت

رغم تعهدهم بمواصلة التمويل والأسلحة لكييف، إلا أن القادة الأوروبيين يخشون أن تؤدي ولاية ثانية محتملة لدونالد ترامب إلى «تفتيت التحالفات».

وبحسب صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، فإنه بينما وعد القادة الأوروبيون بدعم أوكرانيا «طالما استغرق الأمر»، باتوا يواجهون إرهاقًا عامًا وضعفا سياسيًا وعودة محتملة لدونالد ترامب.

والأربعاء الماضي، أعلن البيت الأبيض التزام مجموعة الدول السبع بمنح أوكرانيا 50 مليار دولار في شكل قروض، مدعومة بأرباح الأصول الروسية المجمدة، في إطار الجهود المبذولة لحماية المساعدات الأمريكية قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي قد تعيد الرئيس السابق دونالد ترامب للبيت الأبيض.

وتقول الصحيفة الأمريكية، إن قادة أوروبا يواجهون أزمات داخلية وتنافسا مع خصوم سياسيين، الأمر الذي قد يعرض التزاماتهم الأمنية تجاه أوكرانيا للخطر في ظل الشعور بالإرهاق العام في بعض الدول، بعد أكثر من عامين ونصف العام من الحرب.

مواقف محفوفة بالمخاطر
ويجد بعض قادة أوروبا أنفسهم في مواقف سياسية محفوفة بالمخاطر تفرض عليهم المزيد من القيود، مع معارضة أحزاب أقصى اليمين وأقصى اليسار لإرسال الأموال والأسلحة لكييف.

ورغم تمسكهم بدعم أوكرانيا «طالما استغرق الأمر»، يعترف العديد من قادة أوروبا وصناع السياسات بأنه كلما طال الوقت، أصبح الأمر أكثر صعوبة.

وفي ظل الوضع المتوتر في ساحة المعركة والاستعداد لشتاء قاتم، تحاول أوكرانيا إقناع مؤيديها في الغرب بمطالب كبيرة مثل السماح لها بشن ضربات في العمق الروسي، لكنّ الحلفاء الأوروبيين مشغولون بالانقسامات السياسية وينتظرون معرفة اسم الرئيس الأمريكي الجديد.

وقال آدم تومسون، مدير شبكة القيادة الأوروبية والسفير البريطاني السابق لدى حلف شمال الأطلسي (الناتو): "لا نعرف ما الذي قد يجلبه فوز ترامب على أوكرانيا، رغم وجود الكثير من الخوف".

وأضاف: «السياسة الوطنية الأوروبية فوضوية دائمًا، لكنّ هناك مستوى أعلى من الخوف حاليا بشأن نفوذ أقصى اليمين وأقصى اليسار المعارضين لاستمرار دعم أوكرانيا».

قلق كبير
ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية فإن أكبر مصدر قلق للناتو هو احتمال حدوث تحول أمريكي مع عودة ترامب الذي انتقد الحلف، وهدد بالتخلي عن حلفاء واشنطن. وفي حين يتوقع البعض مغادرة الولايات المتحدة للناتو يخشى كثيرون أن يتبع الرئيس السابق نهجا أكثر تقلبا مع الحلف.

وقال دبلوماسي في الناتو بشرط عدم الكشف عن هويته: «لا أحد لديه أدنى فكرة عما يمكن أن يفعله ترامب، لذلك عليك أن تكون مستعدا لجميع السيناريوهات».

وقال ترامب إنه يريد مساعدة الأوكرانيين، لكنه ألقى باللوم على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لبدء الصراع، معلنًا أن «هذه الحرب خاسرة».

وبدأ صناع السياسات الأوروبيون في وضع عناصر رئيسية من المساعدات العسكرية لأوكرانيا تحت قيادة الناتو، رغم إدراكهم أن هيمنة الولايات المتحدة على الحلف وحصتها الكبيرة من تمويل كييف قد تقيد تحركاتهم.

وقالت ناتالي توتشي، مديرة معهد الشؤون الدولية بروما ومستشارة السياسة الخارجية السابقة للاتحاد الأوروبي، إن الحكومات الأوروبية سعت إلى تعزيز الإنفاق الدفاعي، وحملت تدريجياً المزيد من الثقل في تمويل كييف، لكنهم سيواجهون مشكلة كبيرة إذا «اختفت حصة الولايات المتحدة فجأة».

وحتى لو فازت المرشحة الديمقراطية ونائبة الرئيس كامالا هاريس فإنها ستظل بحاجة إلى موفقة الكونغرس للوفاء بالتزام الدعم الثابت لكييف.

أولويات أوروبية
وفي وقت سابق، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إنه أيا كان الشخص الذي يتم انتخابه، فإن أوروبا لن تكون أولوية للولايات المتحدة.

ورغم تأييد الأغلبية في العديد من البلدان الأوروبية تسليم الأسلحة إلى أوكرانيا، إلا أن هذا الدعم ضعف بمرور الوقت، وفقًا لاستطلاعات الرأي.

ففي ألمانيا التي تعد ثاني أكبر داعم عسكري لكييف بعد الولايات المتحدة، كشفت استطلاعات الرأي التي أجرتها مؤسسة «إنفراتست ديماب»، عن زيادة نسبة الأشخاص الذين يقولون إن الدعم المالي لأوكرانيا مرتفع للغاية، من 21% في الأسابيع الأولى من الحرب إلى 41% أوائل العام الجاري.

واستغل الساسة من أقصى اليمين واليسار الشعبوي نفاد الصبر المتزايد بشأن الحرب، وربطوا ذلك بالإحباط بشأن الاقتصادات الأوروبية.

وفي العام الماضي، فاز الشعبوي المؤيد لروسيا روبرت فيكو في سلوفاكيا على وعد بإنهاء شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا.

كما حققت الأحزاب المرتبطة بموسكو والتي دعت إلى خفض المساعدات العسكرية لأوكرانيا أداءً جيدًا في الانتخابات المحلية في ثلاث ولايات شرق ألمانيا.

خطر كبير
ووفقا لتوتشي، فإن «الشلل في برلين والهشاشة في فرنسا، يشكلان خطرًا كبيرا، وقد يمنعان اتخاذ القرارات القوية بشأن أوكرانيا والتي ستكون ضرورية حال فوز ترامب».

ومنذ هزيمته في الانتخابات التشريعية الأوروبية والفرنسية، وقع ماكرون في فخ الفوضى السياسية. وفي الوقت نفسه يعاني المستشار الألماني أولاف شولتز من مكاسب أقصى اليمين وصراعات داخلية، كما أنه لا يبدو مستعدًا للقيام بالعديد من التحركات الجريئة قبل الانتخابات الفيدرالية العام المقبل.

وتضمن مشروع ميزانية ألمانيا لعام 2025 خططًا لخفض المساعدات لأوكرانيا إلى النصف. وقال المسؤولون الألمان إن كييف لن تحتاج الكثير من الدعم لأنها ستكون قادرة على الاستفادة من 50 مليار دولار من القروض التي وافقت عليها مجموعة السبع.

وقال مسؤول كبير في الناتو إن «الأمر صعب على كل دولة. فإذا أنفقنا مليارات الدولارات العام المقبل على أوكرانيا، فلن نتمكن من إنفاق ذلك على المعلمين الإضافيين والممرضات الإضافيات».