معركة "حسابي" في كردستان: الاتحاد الوطني يحاول الحصول بالضغوط على ما خسره بالانتخابات

وكالة أنباء حضرموت

بادر الاتحاد الوطني الكردستاني بإغلاق جميع فروع مشروع “حسابي” في محافظة السليمانية، في خطوة تصعيدية يحاول من خلالها الحزب الضغط للحصول على ما خسره بالانتخابات.

ويعرف الاتحاد الوطني أن مشروع “حسابي” مهم بالنسبة إلى حسابات خصمه الحزب الديمقراطي الكردستاني الفائز بالانتخابات، الذي يهدف إلى بناء منظومة مالية في الإقليم لا تكون مرتهنة بالحكومة المركزية.

وبحسب معلومات نشرتها وسائل الإعلام التابعة للاتحاد الوطني، تم إغلاق كافة مكاتب “حسابي” في البنوك والاهتمام بعملية توطين رواتب موظفي إقليم كردستان، وعدم التعامل مع مشروع “حسابي” في حدود محافظة السليمانية.

يمكن فهم قرار الاتحاد القطْع مع مشروع "حسابي" في سياق التزامه بمواقف أحزاب إيران في بغداد، التي تخطط لمحاصرة الحزب الديمقراطي بالأزمات

ويرى مراقبون أن الخطوة التي قام بها الاتحاد الوطني هي مناورة سياسية تمهيدا لدخوله في مفاوضات تشكيل الحكومة، وتهدف إلى تعزيز مكانة الحزب في تشكيلة الحكومة الجديدة والتعامل معه كقوة فاعلة في إقليم كردستان، وعدم تفكير الحزب الديمقراطي في القيام بتحالفات برلمانية تستثني خصمه التاريخي.

ويضع الاتحاد بهذه الخطوة أولى العراقيل أمام تشكيلة الحكومة الجديدة التي ينتظر أن تواجه مخاضا عسيرا قد يستغرق عدة أشهر لأن الحزب الأول لم يحصل على الغالبية المريحة، وهو ما يفسر مطالبة الرئيس العراقي عبداللطيف رشيد بـ”الجلوس على طاولة الحوار الوطني البناء لتشكيل حكومة الإقليم على أسس تضع خدمة الشعب في مقدمة أولوياتها”.

ويمكن فهم قرار الاتحاد القطْع مع مشروع “حسابي” في سياق التزامه بمواقف أحزاب إيران في بغداد، التي تخطط لمحاصرة الحزب الديمقراطي بالأزمات بعد أن فشلت العراقيل التي وضعتها في منعه من الفوز بالانتخابات.

وكان الحزب الديمقراطي اكتسح نتائج انتخابات إقليم كردستان التي جرت في العشرين من الشهر الجاري وحل الاتحاد الوطني ثانيا، فيما حل حزب الجيل الجديد ثالثا بعد أن أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق نتائج أولية غير نهائية.

ودفعت طهران حلفاءها في بغداد إلى التحرك من أجل تأمين سيطرة الاتحاد الوطني على البرلمان لتغيير نظام الحكم أو على الأقل إحداث توازن في النتائج مع الحزب الديمقراطي، الذي لم يقبل بالتحرك تحت المظلة الإيرانية.

لكن الأكراد، بمن فيهم سكان المنطقة المحاذية لإيران التي يسيطر عليها الاتحاد، اختاروا الحزب الديمقراطي المعتدل وصاحب المشروع والقادر على موازنة مصالح الإقليم مع إيران ومع أحزابها وميليشياتها الحاكمة في بغداد.

وكان فوز الاتحاد سيعني آليا وضع الإقليم تحت نفوذ إيران وتقوية الحكومة المركزية التي سحبت من الإقليم عناصر قوته، أي تصدير النفط والتصرف في عائداته، ووضعت الأكراد تحت الضغط من خلال التحكم في ورقة رواتب الموظفين وقوات البيشمركة.

وتوطين الرواتب يعني حصول الموظفين عليها عن طريق المصارف الاتّحادية العراقية بدل مرورها بسلطات الإقليم؛ وذلك تنفيذا لقرار كانت المحكمة الاتحادية، أعلى سلطة قضائية في العراق، قد اتّخذته بهذا الاتّجاه في شهر فبراير الماضي ورحّب به حزب الاتّحاد بينما انتقده الحزب الديمقراطي واعتبره مساسا بالاختصاصات الدستورية في الإقليم، مقترحا آلية جديدة لدفع الرواتب أطلق عليها تسمية “حسابي”.

وفي سبتمبر الماضي أعلن مشروع “حسابي” عن تسجيل 500 ألف موظف في محافظات السليمانية وأربيل ودهوك ليكون بإمكانهم استلام رواتبهم عبر أجهزة الصراف الآلي الموزّعة في مختلف المحافظات.

وكان رئيس حكومة الإقليم أكّد أن هدف “حسابي” يتمثل في تسجيل مليون موظف في غضون عام. وخلال الحملة الانتخابية هاجم رئيس حزب الاتحاد الوطني بافل طالباني آلية “حسابي”، مشكّكا في سلامة نواياها.

وقال مخاطبا جماهير حزب الاتحاد “قسما بالله هو ليس حسابي ولا حسابكم، إنما هو حساب مسرور” (بارزاني نائب رئيس الحزب الديمقراطي ورئيس حكومة الإقليم). وأضاف “يريدون أن يستحصلوا منكم الأموال، ونحن من ذهب إلى بغداد واستطعنا ضمان رواتبكم وفصلها عن مسائل أخرى، فحساب مسرور ليس له أي فائدة لكم ولا تنجزوه بل قوموا بالتوطين”.

الأكراد، بمن فيهم سكان المنطقة المحاذية لإيران التي يسيطر عليها الاتحاد، اختاروا الحزب الديمقراطي المعتدل وصاحب المشروع والقادر على موازنة مصالح الإقليم مع إيران

وتقول حكومة بارزاني إنّه سيكون بمقدور هؤلاء الموظفين استلام رواتبهم عبر مشروع “حسابي” الذي تشترك فيه تسعة مصارف محلية من خلال أجهزة الصراف الآلي الموزّعة في مختلف المحافظات.

ووصف مسرور مشروع “حسابي” بأنّه “إنجاز كبير رغم التحديات التي واجهتها الحكومة لتحقيقه في فترة زمنية قصيرة”. ورأى أن النظام المصرفي في إقليم كردستان يمتلك من الكفاءة ما يتيح للموظفين استلام رواتبهم بسهولة.

وبحسب النتائج الأولية التي أعلنتها مفوضية الانتخابات، حصل الحزب الديمقراطي على نحو 710 آلاف صوت ليحصل على 39 مقعدا في البرلمان البالغ عدد مقاعده 100 مقعد. وأعطى نحو 340 ألف شخص صوتهم لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني ليحصل على 23 مقعدا في البرلمان.

ورفع حزب الجيل الجديد الذي يعد منافسا لحزب الاتحاد الوطني في معقله بمدينة السليمانية، عدد أصواته من 127115 (8 مقاعد) في انتخابات عام 2018 إلى نحو 270 ألف صوت ليرفع عدد مقاعده إلى 15 مقعدا.

ومني حزب التغيير بهزيمة في الانتخابات حيث حصل على نحو 11 ألف صوت فقط محققا مقعدا واحدا بينما كان يملك 12 مقعدا بعد انتخابات 2018.

وحصل حزب الاتحاد الإسلامي الكردستاني على 7 مقاعد وحزب جماعة العدل الكردستانية على 3 مقاعد، فيما نال حزب الموقف (الذي تأسس حديثا) 4 مقاعد. وحصل حزب الجبهة الشعبية الذي يرأسه لاهور شيخ جنكي على مقعدين، فيما فاز حزب تحالف إقليم كردستان بمقعد واحد.

وبلغت نسبة المشاركة النهائية في انتخابات برلمان إقليم كردستان شمال العراق 72 في المئة، فيما بلغت نسبة التصويت في محافظة أربيل 74 في المئة، وفي السليمانية 65 في المئة، وفي حلبجة 69 في المئة، وفي دهوك 78 في المئة.