نظام الملالي ..الخوف من الانهيار بسبب التدخلات الإقليمية و المغامرات العسكرية

تفاقم في الآونة الاخیرة الانقسام العميق في داخل النظام الملالي و تصاعد التکالب بین مسئولي النظام بشکل ملحوظ. و من الواضح سبب الخوف من انهیار کل النظام هو المغامرات العسکریة المدمرة و التدخلات في شؤن دول المنطقة‌ التي یقوم بها النظام.

موسى أفشار
خريج جامعة المستنصرية ببغداد محلل الشأن الإيراني وشؤون الشرق الأوسط خاصة الشؤون العربية. منذ أكثر من 20 عامًا يعمل كاتبًا ومحللًا في وسائل الإعلام العربية. عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية كاتب مقالات وله مقابلات وآراء عديدة في وسائل الإعلام العربية الرصينة
وكالة انباء حضرموت

تفاقم في الآونة الاخیرة الانقسام العميق في داخل النظام الملالي و تصاعد التکالب بین مسئولي النظام بشکل ملحوظ. و من الواضح سبب الخوف من انهیار کل النظام هو المغامرات العسکریة المدمرة و التدخلات في شؤن دول المنطقة‌ التي یقوم بها النظام.

کما شهد و بشکل ملحوظ في الأسابيع الأخيرة، تفاقم الانقسام والتشتت بين الأجنحة الحاكمة في نظام الملالي بشأن استمرار التدخلات العسكرية في المنطقة. هذه الخلافات أصبحت أكثر حدة وتتركز حول التدخل في الصراع مع إسرائيل ودعم الفصائل المسلحة التي تسمى “جبهة المقاومة” في المنطقة. بينما يصرّ جناح من النظام على مواصلة هذه السياسات التدميرية، تتزايد أصوات أخرى من الداخل تعبر عن الخوف من الانهيار الداخلي الذي يهدد البلاد بسبب تلك المغامرات العسكرية. هذه التناقضات العميقة خلقت حالة من الجمود السياسي، مما يعكس حالة الفوضى والانقسام داخل أروقة نظام الملالي.

مؤيدو استمرار التدخلات العسكرية هذه المجموعة تتكون من قيادات متشددة ومسؤولين عسكريين والملالي يصرّون على أن استمرار هذه التدخلات هو ضرورة “وجودية” للنظام. إبراهيم متقي، أستاذ العلاقات الدولية وأحد أصوات النظام، أشار في حديث تلفزيوني بتاريخ 17 أكتوبر 2024 إلى أن الوضع أصبح أكثر خطورة من العام الماضي، حيث تغير توازن القوى لصالح إسرائيل، ما يستدعي استعدادًا عسكريًا أكبر. متقي أقر بأن الدبلوماسية بدون دعم القوة العسكرية لا طائل منها في ضمان بقاء النظام. هؤلاء المسؤولون يعتبرون أن التخلي عن التدخلات في المنطقة سيؤدي إلى انهيار النظام من الداخل وسيتيح لإسرائيل وحلفائها فرصة لتوجيه ضربات مدمرة.

وممثلو خامنئي في صلاة الجمعة، الذين يُعتبرون أدوات دعائية للنظام، يدفعون في الاتجاه ذاته. على سبيل المثال، الملا نوري، ممثل خامنئي في بجنورد، في خطبته بتاريخ 17 أكتوبر 2024، أصر على أن دعم إيران للفصائل المسلحة في المنطقة هو أمر مقدس وضروري. ويرى نوري أن هذا الدعم يضمن “أمن” النظام، وأن أي تراجع سيكون بمثابة خيانة لما يُسمى “جبهة المقاومة”.

معارضو التدخلات العسكرية في المقابل، هناك جناح آخر داخل نظام الملالي، وهو أكثر وعيًا أو خوفًا من الكارثة التي تلوح في الأفق. هؤلاء ينتقدون بشدة التدخلات العسكرية في المنطقة ويعتبرونها عبئًا لا يمكن للنظام تحمله، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي تعصف بالبلاد. هذا التيار يعبر عن القلق المتزايد إزاء تدمير الموارد الوطنية وتضحية النظام بمصالح الشعب الإيراني من أجل مغامرات إقليمية غير محسوبة.

الملا مختاري، ممثل خامنئي في بيرجند، في تصريحاته الانتقادية، انتقد بوضوح سياسات النظام، مشيرًا إلى أن هناك من يسأل عن جدوى إنفاق الأموال على حروب في فلسطين واليمن وسوريا في وقت يعاني فيه الشعب الإيراني من الفقر والجوع. وأشار مختاري إلى أن هذه الأسئلة ليست نابعة من “جهل” كما يدعي المتشددون، بل من وعي وطني يرفض التضحية بالوطن من أجل أجندات إقليمية مدمرة. هذه الأصوات تدعو إلى إعادة النظر في الأولويات، والتركيز على حل المشكلات الداخلية بدلًا من تورط إيران في نزاعات لا نهاية لها.

حتى ممثل خامنئي في مشهد، علم الهدى، الذي يُعتبر من المتشددين، أعرب عن قلقه، لكنه حاول التخفيف من حدة الانتقادات. في خطبته بتاريخ 17 أكتوبر 2024، دافع عن التدخلات في المنطقة بحجة أنها جزء من “المهمة الثورية”، لكنه أيضًا أبدى مخاوفه بشأن فقدان الموارد الوطنية وتضحية النظام “بالاستثمارات الثمينة” في هذه الحروب.

الانقسامات العميقة بين أجنحة نظام الملالي تضع البلاد على حافة الهاوية. الجناح الذي يصر على التدخلات العسكرية يراها السبيل الوحيد لبقاء النظام، بينما يرى المعارضون أن هذه التدخلات تقود البلاد نحو الانهيار الاقتصادي والسياسي. هذه الخلافات ليست مجرد تباين في وجهات النظر، بل هي انعكاس لحالة الفشل العميق في إدارة شؤون البلاد وتجاهل كامل لمصالح الشعب الإيراني.

ما يبدو جليًا هو أن*نظام الملالي غير قادر على اتخاذ قرارات حاسمة لحل هذه المعضلة. فهو عالق بين الاستمرار في التدخلات العسكرية التي تستنزف موارده وتفاقم من عزلته الدولية، وبين ضغوط الداخل التي تطالب بالتركيز على الأزمات الاقتصادية والاجتماعية. في كلتا الحالتين، يبدو أن النظام يتجه نحو مأزق لا مفر منه، حيث لا يمكنه مواصلة سياساته الحالية ولا التراجع عنها دون دفع ثمن باهظ.