الرهان على توماس توخيل يثير الجدل حيال معايير تدريب منتخب إنجلترا

وكالة أنباء حضرموت

تم اختيار الألماني توماس توخيل لخلافة غاريث ساوثغيت في منصب المدير الفني لمنتخب إنجلترا لكرة القدم، وقيادة (الأسود الثلاثة) إلى كأس العالم 2026. ومع استعداد توخيل لقيادة المنتخب الإنجليزي في أولى مبارياته خلال شهر مارس المقبل في التصفيات الأوروبية المؤهلة لمونديال 2026 بالولايات المتحدة وكندا والمكسيك، ألقيت وسائل الإعلام نظرة على ما يتوقعه مشجعو منتخب إنجلترا من مدربهم الجديد. وعلى مدار مسيرته التدريبية التي استمرت 15 عاما، تبنى توخيل عددا من أنماط اللعب، والخطط المختلفة لتناسب الأدوات المتاحة له باختلاف التجارب. وتم اختيار توخيل كمدير فني لفريق ماينز الألماني عام 2009، بعد أن قاد فريق تحت 19 عاما بالنادي إلى أول لقب دوري في تاريخ النادي.

هناك، استخدم توخيل في أغلب الأوقات طريقة الدفاع بأربعة لاعبين، مع خط وسط رباعي، لكنه جرب أيضا خطة 5-2-2-1، لتستمر بعد ذلك رحلته في ألمانيا، وقاد بوروسيا دورتموند، الذي لعب معه بطريقة 4-1-4-1، ثم تطورت إلى 3-5-2 في موسمه الثاني مع الفريق. بعد رحيله عن ألمانيا، وقيادته فريق باريس سان جرمان الفرنسي عام 2018، أبهر المدرب الألماني فريقه الجديد بأسلوب هجومي، معتمدا طريقة 4-2-4، قبل الوصول إلى نهائي دوري أبطال أوروبا لأول مرة في تاريخ النادي خلال موسمه الثاني بأسلوب 4-3-3. وبعد مرور عام، حقق اللقب القاري بصفته مدربا لتشيلسي الإنجليزي على حساب مواطنه مانشستر سيتي في النهائي بعد اعتماد شكل 3- 4-3.

وأوضح موقع فيفا أن توخيل اختار سابقا أن يرث النظام الذي كان يستخدمه الفريق قبل وصوله، ويقوم بتعديله قليلا ليناسب أسلوب لعبه، وقد اعتمدت إنجلترا مؤخرا خطة 4-3-3، مما يشير إلى أنها قد تبدأ رحلتها في تصفيات كأس العالم بشكل مماثل. وقال هاينر شومان، الذي درب توخيل في فرق الشباب بنادي أوغسبورغ الألماني، إنه حتى عندما كان شابا كان “دقيقا ومتطلبا”، واستمر هذا السعي لتحقيق الكمال حين تحول إلى مقاعد البدلاء، وساعد توخيل على إخراج أفضل ما لدى اللاعبين الذين عمل معهم، وخاصة المهاجمين.

توخيل هو ثالث مدرب أجنبي للمنتخب الإنجليزي، وأثار تعيينه جدلا كبيرا عما إذا كان هذا المنصب يجب أن يذهب لمدرب محلي

خلال فترة وجوده في ماينز، سجل شينجي أوكازاكي 15 هدفا في الدوري الألماني (بوندسليغا) موسم 2013-2014 وهو رقم قياسي له، كما يدين المهاجم الغابوني بيير إيمريك أوباميانغ أيضا بالفضل للمدرب الألماني فيما يتعلق بأفضل مواسمه على الإطلاق، حيث سجل 31 هدفا في بوندسليغا موسم 2016-2017. وسجل النجم الفرنسي الدولي كيليان مبابي 33 هدفا بموسم 2018-2019 تحت قيادته في باريس سان جرمان، وهو ما تزامن مع استمتاع نيمار بأفضل أداء له بعد رحيله عن برشلونة الإسباني، وحتى الآن، ففي 65 مباراة مع توخيل كمدرب، ساهم النجم البرازيلي في إحراز 77 هدفا ما بين أهداف سجلها وتمريرات حاسمة لزملائه. أكثر ما يربط مشجعي إنجلترا به هو سجله مع القائد هاري كين، في موسمهما الوحيد معا مع فريق بايرن ميونخ الألماني الموسم الماضي، حيث سجل كين خلاله 36 هدفا في الدوري خلال 32 مباراة فقط، بمعدل هدف كل 79 دقيقة.

كلتا الإحصائيتين هما أفضل أرقام شخصية للمهاجم المحنك، ومن بين اللاعبين الذين لعبوا 2000 دقيقة على الأقل مع بايرن في تاريخ الدوري الألماني، فقط امتلك البولندي روبرت ليفاندوفسكي تحت قيادة هانسي فليك، المدرب الأسبق للفريق البافاري، نسبة أفضل للتهديف. في التجارب السابقة، اختار توخيل إشراك اثنين من اللاعبين في مركز صانع الألعاب أو الاعتماد على جناح إضافي يحصل على تعليمات بالدخول إلى العمق عند الاستحواذ على الكرة، خلف مهاجم وحيد.

في دورتموند، تم تكليف غونزالو كاسترو، وإلكاي غوندوغان بلعب هذا الدور خلف أوباميانغ، وحين فاز تشيلسي بدوري أبطال أوروبا في عام 2021، عمل تيمو فيرنر، وماسون ماونت خلف كاي هافرتز، ثم كرر في الموسم الماضي الأمر ذاته بالاستعانة بكل من ليروي ساني وجمال موسيالا بالقيام بذلك مع هاري كين.

وفي حين أن منتخب إنجلترا لديه العديد من الخيارات في كل مركز تقريبا، فإن أحد المراكز التي تعد مكدسة بالمواهب بالنسبة للأسود الثلاثة هو مركز اللاعب رقم 10، حيث يتواجد فيل فودين، وكول بالمر، وجود بيلينغهام، وجيمس ماديسون، على سبيل المثال لا الحصر. ويبدون جميعهم فعالين للغاية في هذا المركز، وستكون وظيفة توخيل هي جمع أكبر عدد ممكن من صناع الفارق على أرض الملعب في وقت واحد.

وعادة ما تسجل فرق توخيل الكثير من الأهداف. وكان باريس سان جرمان، الذي حقق لقبين متتاليين، هو الأقوى على الإطلاق، ففي 127 مباراة تحت قيادته، سجل الفريق الباريسي 348 هدفا – بمعدل 2.74 هدفا في المباراة الواحدة – بينما سجل خمسة أهداف على الأقل بنفس المباراة في 14 مناسبة. وفي بايرن ميونخ، أسفرت مبارياته الـ61 كمدير فني للفريق عن 142 هدفا، بمتوسط 2.32 هدفا في المباراة الواحدة. وعقب توقيعه عقدا لمدة 18 شهرا مع إنجلترا، والذي سيشهد قيادة توخيل للفريق خلال تصفيات كأس العالم ونهائيات المونديال نفسه إذا تأهل إليه الإنجليز، قال مارك بولينغهام، الرئيس التنفيذي للاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، إن الألماني لديه “تركيز واحد” على الفوز بالبطولة.

ويتمتع توخيل بتاريخ من التأثير الفوري في تجاربه السابقة، فبعد أن تم تعيينه مع ماينز الصاعد حديثا قبل موسم 2009-2010 في الدوري الألماني، قاد الفريق للمركز التاسع، وفي العام التالي وصل به للمركز الخامس برصيد نقاط قياسي بلغ 58 نقطة، وحجز مكانا في تصفيات الدوري الأوروبي، كأول تأهل قاري للنادي على الإطلاق اعتمادا على مركزهم في بوندسليغا.

وفي تجربته التالية، قاد بوروسيا دورتموند من المركز السابع إلى المركز الثاني بترتيب الدوري الألماني في موسمه الأول بزيادة بلغت 32 نقطة. وعلى نفس المنوال، أثار تعيينه كمدرب لتشيلسي تحسنا ملحوظا في مردود الفريق اللندني، بعد أن حل خلفا للمدرب فرانك لامبارد في يناير 2021. وأسس توخيل تشيلسي الخاص به، كفريق يعتمد على امتلاك الكرة، والسيطرة على المنافسين. وشرعوا في سلسلة من 14 مباراة دون هزيمة، وبعد 4 أشهر فقط من تولي الوظيفة، أصبح تشيلسي بطل أوروبا لأول مرة منذ 9 سنوات. بحلول نهاية عام 2021، أضاف توخيل لقبي كأس السوبر الأوروبي، وكأس العالم للأندية إلى خزانة ألقابه، قبل أن يتم اختياره كأفضل مدرب كرة قدم للرجال في حفل جوائز (ذا بيست)، الذي يشرف عليه فيفا، في نفس العام.

دعم غير مشروط

قال الإسباني بيب غوارديولا مدرب نادي مانشستر سيتي إن الألماني توماس توخيل المدرب الجديد لمنتخب إنجلترا يستحق “دعما غير مشروط”، بعد انتقادات لقرار الاتحاد المحلي بتعيين مدرب أجنبي. وتوخيل هو ثالث مدرب أجنبي للمنتخب الإنجليزي، فأثار تعيينه جدلا كبيرا عما إذا كان هذا المنصب يجب أن يذهب لمدرب محلي. واعتذر توخيل الذي سيستلم مهامه في 1 يناير المقبل، مازحا لاستحواذه على جواز سفر ألماني خلال المؤتمر الصحافي لتقديمه الأربعاء، وأقر أنه لم يقرر بعد عما إذا كان سيغني النشيد الوطني قبل المباريات. واتهمت بعض الجماهير الإنجليزية المتفانية الاتحاد المحلي بخيانة إرثهم من خلال تعيين مدرب بايرن ميونخ الألماني، باريس سان جرمان الفرنسي وتشيلسي الإنجليزي سابقا.

لكن غوارديولا يصرّ أن لا أهمية لمكان ولادة مدرب المنتخب، لأن الانتقادات ستكون بنفس الشراسة إذ سارت النتائج بشكل سيّئ. قال المدرب الفذ لمراسلين صحافيين الجمعة “لا نقرر أين نولد. الوالد والوالدة يقرران ذلك فنبصر النور بعد تسعة أشهر. لم أقرر أن أكون كتالونيا، لم تقرروا أن تكونوا من إنجلترا. يقرر الاتحاد تعيين مدرب أجنبي بسجل رائع. وجهة نظري أني سأدعمه دون قيد أو شرط”. تابع المدرب الذي قاد سيتي إلى لقب الدوري الإنجليزي في المواسم الأربعة الأخيرة في رقم قياسي “إذا فاز سينال الثناء وإذا خسر سيدمرونه. لكن الجنسية لا تهم”.

وارتبط اسم غوارديولا بهذا المنصب، بعدما أشارت تقارير إلى محاولة الاتحاد الإنجليزي مفاوضته بعد رحيل غاريث ساوثغيت، إثر الخسارة أمام إسبانيا في نهائي كأس أوروبا الصيف الماضي. وعما إذا كان تحدث مع الاتحاد الإنجليزي، رفض الإجابة “توماس توخيل هو المدرب، لذا انسوا الأمر. أنا مدرب مانشستر سيتي. هذا هو الأهم. الباقي ليس مهما”.

وآخر ثلاثة مدربين للأسود الثلاثة كانوا من إنجلترا: روي هودجسون، سام ألاردايس وساوثغيت. أما آخر مدرب أجنبي فكان الإيطالي فابيو كابيلو بين 2008 و2012، فيما دربهم السويدي الراحل سفن-غوران إريكسون بين 2001 و2006. قال غوارديولا “أعرف أننا فخورون بالمكان الذي نأتي منه، لكن العالم واسع. يجب أن تكون منفتحا. لا أحب أن ينتقد الناس لمجرد أن شخصا ما يأتي من مكان مختلف”. وربما تأثرت وجهة نظر غوراديولا بعد إقراره الجمعة بأنه قد يهتم بتدريب منتخب وطني عندما يرحل في نهاية المطاف عن سيتي. ويبقي مصير ابن الثالثة والخمسين مجهولا مع الفريق المملوك للإمارات، إذ ينتهي عقده نهاية الموسم. وأشار تقرير هذا الأسبوع أنه قد يمدد عقده، حتى بحال خسارة سيتي معركته مع رابطة الدوري بسبب خرق القوانين المالية.

قبل رحلته لمواجهة متذيل ترتيب الدوري ولفرهامبتون الأحد، تردد غوارديولا عندما سئل عن خططه المستقبلية “عليّ أن أقرر. قلتها عدة مرات، لم اتخذ قرارا بعد. عندما اتخذ القرار سأبلغكم، 100 في المئة. قلقي الوحيد هو ولفرهامبتون”. أردف “أنا واثق من أن النادي يملك خططا للفترة ما بعد بيب. سيحصل هذا الأمر عاجلا أم آجلا، ويجب أن يستعدوا لذلك. لن تكون مفاجأة”.

ثناء وإشادة

أثنى كايل ووكر، مدافع منتخب إنجلترا لكرة القدم، على تعيين الألماني توماس توخيل، مديرا فنيا للمنتخب الإنجليزي، مشيرا إلى أنه سيكون “تعيينا رائعا”، وذلك رغم الصخب الدائر حاليا بشأن تعيين مدرب أجنبي للفريق العريق. وكانت هناك بعض الانتقادات الموجهة للاتحاد الإنجليزي لكرة القدم بسبب تجاهله تعيين مدربين محليين. وفشل ووكر، لاعب مانشستر سيتي الإنجليزي، في الفوز مع فريقه بلقب دوري أبطال أوروبا عام 2021، عقب خسارته أمام مواطنه تشيلسي، الذي كان يقوده توخيل آنذاك، في نهائي المسابقة القارية.

ويرى اللاعب المخضرم أن الأمر يتعلق بتحقيق النتائج المرجوة، حيث قال عبر المدونة الصوتية لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) “أستطيع أن أفهم أن الجمهور الإنجليزي يعتقد أنه ينبغي أن يتولى مدرب إنجليزي مسؤولية المنتخب الوطني” وأضاف “لكن بالنسبة إلي الأمر يتعلق بمن سيحقق النتائج التي يأملها الجميع، لقد أثبت توخيل خلال تواجده مع الفرق العملاقة التي تولى مسؤوليتها أنه قادر على التعامل مع لاعبين كبار يتمتعون بشخصيات كبيرة، مثل باريس سان جرمان، وذهب إلى تشيلسي وفاز بدوري أبطال أوروبا ضد مانشستر سيتي، وهذا أمر مايزال عالقا في ذهني بقوة”.

أوضح اللاعب الإنجليزي في تصريحاته، التي نقلتها وكالة الأنباء البريطانية (بي أيه ميديا) “إنه تعيين رائع وسيكون أفضل إذا ضمني في الفريق مرة أخرى”. وتم منح توخيل، الذي يبدأ مهام عمله الجديد بشكل رسمي في الأول من يناير المقبل، عقدا لمدة 18 شهرا فقط، حيث سيكون مطالبا بالتتويج بلقب كأس العالم 2026. ويقول ووكر، الذي شارك في خسارة إنجلترا نهائي نسختي كأس الأمم الأوروبية الأخيرتين عامي 2021 و2024 تحت قيادة ساوثغيت، إنه ستكون هناك “خيبة أمل” إذا لم تفز هذه المجموعة من اللاعبين بأي لقب.