حرب غزة - لبنان فرصة "المشهد" لإثبات الحضور على حساب المخضرمين

وكالة أنباء حضرموت

 إن التحولات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط -وخاصة في ظل حرب غزة منذ عام ثم التصعيد في لبنان وخطر توسع دائرة الحرب- تمنح المؤسسات الإعلامية فرصة تغيير أدائها وكسب ثقة القارئ والمشاهد بأسلوب سهل ومختصر وعقلاني بعيد عن الشعارات والتهويل.

ومن ضمن المؤسسات الإعلامية التي تميزت في المدة الأخيرة، التي شهدت ولا تزال تشهد الأزمات آنفة الذكر، بتقديم محتوى رصين وموضوعي يمكن أن نشير إلى قناة المشهد التي تأسست عام 2023؛ فرغم كونها حديثة المنشأ صارت وجهة الكثير من المشاهدين بسبب تميزها الواضح على حساب المخضرمين مثل الجزيرة والعربية وسكاي نيوز.

ويمكن أن نذكر على سبيل المثال برنامج “أستوديو العرب” الذي يديره طوني خليفة ويجري فيه حوارات ومقابلات مع شخصيات مختلفة لاستطلاع رأيها في القضايا الراهنة. وتتسم الأسئلة في البرنامج بالوضوح والدقة وإثارة المسائل التي ينتظرها المشاهد، وتجنب الأسئلة المثيرة للتوترات والمهاترات.

قناة المشهد صارت وجهة الكثير من المشاهدين لتميزها عن المخضرمين مثل الجزيرة والعربية وسكاي نيوز

ومن أبرز الحوارات كان اللقاء مع وئام وهاب، رئيس حزب التوحيد العربي في لبنان، وإثارة موضوع زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى بيروت في خضم الحرب. وكشف وهاب عن أن عراقجي صارح مستقبليه ممن تبقى من قيادات حزب الله وسياسيين لبنانيين بأن إيران ترفض صفقة وقف إطلاق النار على أساس أن حزب الله قد هُزم، مطالبا بالاستمرار في الحرب.

ولا تفكر القناة في أن تكون جزءا من الإعلام الذي يلقي بالمسؤولية كلها على عاتق إسرائيل ويميل إلى “تمجيد” المقاومة ورموزها، وهي لأجل ذلك تفسح المجال للمواقف الجادة التي تتبناها شخصيات آراؤها تختلف عن آراء رموز الحركات المقاومة مثل حزب الله أو حركة حماس.

وفي حوار آخر قال عضو المجلس الوطني الفلسطيني وعضو المجلس الاستشاري لحركة فتح أسامة العلي مخاطبا خالد مشعل “أرسل أولادك للعمليات الانتحارية ثم اطلب من الآخرين فعل ذلك”.

وفي حلقة سابقة عن الحرب أثار خليفة موضوع النازحين السوريين في لبنان وحملة الشيطنة ضدهم وربطهم بكل أنواع الجرائم التي تُرتكب، متسائلا لماذا السوريون في مصر والخليج وأوروبا لا يقال عنهم مثل هذا الكلام؟ في سؤال إنكاري يفهم منه المشاهد أن الأمر يشير إلى وجود تلبيس على السوريين وأن التمييز ضدهم مرتبط بالسياسة.

وفي إحدى الحلقات تحدث خليفة عما أسماه قضية “مايو صيدا” والضجة التي أثيرت حول السباحة بالمايو في سواحل لبنان رغم أن القانون اللبناني يضمن الحريات بمختلف مسمياتها، لكن التشدد الديني يحول حادثة صغيرة ومعزولة إلى قضية كبرى تجعل من مواقع التواصل مسرحا لها، وتقسّم اللبنانيين وتجعلهم ينسون كل مصائبهم وأزماتهم.

واستضاف البرنامج ضيفين يمثلان الرأي ونقيضه؛ شيخ دين يتمسك باللباس الديني وناشطة حقوقية وإعلامية تدافع عن حرية اللباس. دارت الحلقة في جو من الهدوء بعيدا عن الاستعراضات التي تشهدها قنوات أخرى حين تقدم حوار المختلفين على أنه خصام وعراك وتشابك بالأيدي والأحذية لجذب الجمهور.

وتسلك البرامج الأخرى في القناة، بما في ذلك البرامج الاجتماعية والفنية والرياضية، النهج نفسه من خلال التركيز على أسئلة واضحة ومختصرة واختيار ضيوف قادرين على الإدلاء بتصريحات ومعلومات مثيرة للجدل ولافتة لأنظار الجمهور، في جو يتسم بالهدوء ويغيب عنه الصراخ والتوتر اللذين دأب عليهما الجمهور في قنوات أخرى، خاصة القنوات السياسية.

وتقوم هذه البرامج على مبدأيْ الصراحة والمصارحة بشكل يجعل الضيف يتحدث بحرية تامة عن حياته أو موقفه، دون تدخل من المعد أو المخرج أو المنشط للدفع نحو المديح المبالغ فيه للضيف أو الاستنقاص منه وتعمد إظهاره في مواقف تسيء إلى صورته.