انتشار ظاهرة التسوّل في شوارع عدن يدفع السلطات إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحتها

وكالة أنباء حضرموت

دفع انتشار ظاهرة التسوّل في شوارع عدن السلطات المحلية في المدينة التي تتخذ منها الشرعية اليمنية عاصمة لها إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للحدّ من الظاهرة التي أصبحت تنطوي على دعاية سلبية للمدينة وللسلطات التي تشرف على إدارة شأنها العام.

ولا تُعدّ عدن استثناء في تفاقم الظاهرة التي تشهدها سائر المدن اليمنية سواء ما يقع منها ضمن مناطق سيطرة الحوثيين أو تلك الواقعة ضمن مناطق الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.

ووجهت الإدارة العامة للجان المجتمعية كتابا رسميا إلى رؤساء اللجان التابعة لها في مديريات المدينة طالبتهم فيه بتنفيذ توجيهات وزير الدولة محافظ عدن أحمد لملس بمنع التسول في الشوارع وقرب المطاعم وشركات الصرافة والمساجد والمولات وسائر الفضاءات العمومية، وأمرتهم بالتنسيق في ذلك مع السلطات الأمنية.

ورغم أن الدوافع المعهودة للتسوّل هي الظروف الاقتصادية والاجتماعية لمن يمارسونه، لكن الظاهرة لا تخلو من دوافع إجرامية تتعلّق بالاحتيال للحصول على المال بأيسر الطرق، وقد تنطوي على اتّجار بالبشر عندما يبادر بعض الأشخاص وحتى العصابات لتوظيف أفراد من فئات هشة مثل الأطفال والمعوقين للتسوّل لحسابهم.

وفي الحالة اليمنية تضافرت الكثير من العوامل التي أدت إلى انتشار ظاهرة التسوّل، على رأسها حالة عدم الاستقرار التي يعيشها البلد منذ عشر سنوات بسبب الحرب بين الحوثيين والمعسكر المضاد لهم والمشكّل من القوى المنتمية إلى السلطة المعترف بها دوليا، وقد أثّرت تلك الظروف بعمق على الأوضاع الاقتصادية للبلاد، ومن ثم على الأوضاع الاجتماعية للسكان.

كما أطلقت الحرب موجات متلاحقة من النازحين الذين اضطرّوا إلى مغادرة مناطقهم الأصلية تاركين موارد رزقهم ليتحوّلوا إلى فقراء في مواطن النزوح يعيشون على المساعدات ويضطر الكثير منهم إلى التسوّل للحصول على لقمة العيش.

وتُعتَبر عدن وعدد من المدن الأخرى المستقرة مثل مأرب إحدى وجهات النزوح في اليمن. كذلك تدفقت على المناطق اليمنية، لاسيما المدن الساحلية، خلال السنوات الأخيرة موجات من المهاجرين الأفارقة غير النظاميين الآملين في العبور إلى منطقة الخليج، لكن أعدادا من هؤلاء لا تنجح في ذلك وتظل عالقة في مدن اليمن تمارس التسوّل لتتمكن من البقاء على قيد الحياة.

ويبقى التزايد المطرد في أعداد المتسولين في اليمن مؤشّرا على الوضع الاجتماعي الذي شهد تدهورا كبيرا تترجمه الزيادة المتسارعة في نسبة الفقر.

وأوضح تقرير دولي نشر في وقت سابق أن سنوات الصراع في البلد تسببت في زيادة مستوى الفقر بأكثر من النصف، وحولت اليمن من أفقر بلد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى أكثر البلدان فقرا في جميع أنحاء العالم.

وقال البنك الدولي في تقرير له بعنوان “تقييم الفقر والمساواة في اليمن 2024: معيشة في ظروف قاسية”، إن “اليمن كان في الأساس بلدا فقيرا قبل اندلاع الحرب، غير أن عشر سنوات من الصراع والأزمات خلفت آثارا وخيمة على الظروف المعيشية وجعلت الملايين يعانون الجوع والفقر”.

وأضاف التقرير الذي أعدته وحدة الفقر والإنصاف بالبنك الدولي، أنه قبل عقد من الزمن كان 49 في المئة من اليمنيين يعيشون تحت خط الفقر، لكن نظرا للتدهور الكبير في الظروف الاقتصادية على مدار سنوات الحرب من الطبيعي استنتاج أن الفقر قد ازداد. وتشير التقديرات إلى أن النسبة وصلت إلى نحو 74 في المئة من السكان عام 2022.

وأشار التقرير إلى أنه استند على البيانات الخاصة بتدابير الأمن الغذائي، وخاصة الوصول إلى الغذاء، لقياس وتقييم الفقر، في ظل غياب مصادر البيانات التقليدية لتحليل الفقر النقدي، والتي تبيّن أن اليمن يعد أحد أكثر البلدان التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

وبحسب المسوحات التي أجراها برنامج الغذاء العالمي والبنك الدولي، فإن حوالي نصف الأسر اليمنية كانت تعاني من عدم كفاية استهلاك الغذاء في العام الماضي 2023.

وأورد أن البيانات المتوفرة بشأن حالة انعدام الأمن الغذائي تضع اليمن في مرتبة واحدة مع أفغانستان وهايتي والصومال والسودان وجنوب السودان ودول الساحل الأفريقي، بوركينا فاسو وأفريقيا الوسطى ومالي التي تُعد من بين أفقر البلدان في العالم.